تأثير كيت يثير حفيظة صناع الموضة ويحفزهم

دوقة كمبريدج تحتفل بعيد ميلادها الثلاثين بأسلوبها الخاص

في آخر ظهور لها قبل عيد ميلادها الـ30 في فستان من المخمل مستوحى من الثمانينات ومجوهرات تستحضر بريق هذه الفترة وتايور صوفي أنيق خلال زيارة للجامعة التي درست فيها والتقت فيها بالأمير
TT

2011 كان عام كيت ميدلتون، بالنسبة لها وبالنسبة لعالم الموضة على حد سواء. فإلى جانب زواجها الأمير البريطاني ويليام، الذي كان مثل قصة «سندريلا» بنسخة عصرية، أصبحت بين ليلة وضحاها أيقونة موضة بالنسبة لملايين الفتيات، شاء خبراء الموضة والمتمرسون فيها أم أبوا. فتأثير كيت، كما أصبح يعرف في العالم، كان إيجابيا على شوارع الموضة خاصة، ولا بد أن يصل إلى منصات عروض الأزياء قريبا رغم مقاومة بعضهم في الوقت الحالي على أساس أنها غير جريئة في اختياراتها.

مؤخرا احتفلت دوقة كمبريدج، كما أصبحت تلقب بعد زواجها، بعيد ميلادها الثلاثين، الأمر الذي فتح الشهية على تتبع تطورها من فتاة من الشعب إلى دوقة قد تصبح ملكة بريطانيا في المستقبل. والحقيقة أنه تطور غير صارخ، لأنها بقيت وفية لأسلوبها وجذورها مع تغيرات خفيفة في بعض التفاصيل، التي تفرضها ظروفها الحالية والتوقعات المنتظرة منها.

قبل حفل الزواج، لم تكن تثير كل هذا الاهتمام العالمي، بل كانت تبدو فتاة عادية تتسوق من محلات مثل «توب شوب» و«ريس» وغيرهما، وربما تكون فساتينها من ماركة «إيسا» الأغلى بأسعارها التي تتراوح ما بين 300 و600 جنيه إسترليني. وهذا في لغة الموضة ليس موضة راقية. فستان زواجها أعطى البعض الانطباع أن الأمر سيتغير، لأنه كان من تصميم سارة بيرتون، مصممة دار «ألكسندر ماكوين» أي ماركة أغلى وعالمية، لكن الدوقة فندت هذا الانطباع وأكدت أنها لن تدير ظهرها لجذورها الشعبية، وفي الوقت لم تظهر أي مقاومة في معانقة الأزياء الراقية لمصممين كبار في المناسبات. كل هذا كان في صالحها، فمن جهة، وسع من شعبيتها، ومن جهة ثانية، جعل المقارنة بينها وبين والدة زوجها، الأميرة الراحلة ديانا، تخفت تدريجيا. فما أصبح معروفا، وتقبلته أوساط الموضة، أنها على الرغم من جمالها ورشاقتها، لا تتمتع بنفس الكاريزما التي كانت تتمتع بها الأميرة ديانا، وبالتالي يجب احترام ذوقها وأسلوبها الخاص، الذي يفتقر إلى الجرأة، كما لا يعكس في الغالب سنها بكلاسيكيته، سواء في ما يتعلق بماكياجها أو أزيائها.

المصممة فيفيان ويستوود كانت واحدة من الذين وضحوا هذه النقطة عندما سئلت في إحدى المناسبات بقولها إن مظهرها عادي جدا بينما انتقدت طريقتها في تكحيل عينيها «فهو يمنحها مظهرا قاسيا»، مضيفة: «يبدو لي أنها امرأة عادية، لهذا فهي تتسوق من شوارع الموضة، وفي رأيي يجب عليها أن تكون أكثر من عادية، بغض النظرعن من أين تتسوق». المخضرمة ويستوود البالغة من العمر 70 سنة، ليست الوحيدة التي لا يروقها أسلوب كيت ميدلتون، فحتى الثنائي فيكتور آند رولف صرحا لمجلة «غراتزيا» في إحدى المناسبات بأنهما غير معجبين بمكياجها، بينما قال المصمم البريطاني ماثيو ويليامسون إنها ليست «فتاة موضة، ولا أفهم لماذا كل هذه الضجة المثارة حولها؟!».

الممثلة جوانا لاملي أيضا انتقدت الدوقة قائلة: «إنها تحتاج إلى فريق كبير من الخبراء لمساعدتها على تحسين مظهرها، لكن الدوقة على ما يبدو تؤمن بأن الذوق أمر شخصي والأناقة نسبية.. فهي ترتاح لأسلوبها ولن تغيره، لكنه حتما سينضج معها ويتطور مع شخصيتها وتجاربها الخاصة». الجميل فيها حتى الآن أنها لا تزال تتمسك بما تعرفه جيدا، فهي لا تتحرج مثلا من استعارة بعض القطع من أختها بيبا، أو التسوق من نفس المحلات التي كانت تتسوق منها قبل زواجها. وفي الوقت ذاته، وعندما تقتضي الحاجة، فإنها لا تمانع في ارتداء فساتين بتوقيع أسماء عالمية كما هو الحال عندما زارت الولايات المتحدة الأميركية في العام الماضي، وخطفت الأضواء من نجمات هوليوود بفستانها من «ألكسندر ماكوين».

واللافت أنها بتمسكها هذا بأصلها، برهنت أنها ابنة عصرها أكثر من غيرها. فعندما صرحت فتاة المجتمع كيلي أوسبورن في مقابلة لها مع جاي لينو، أنه على كيت أن تتوقف عن تدوير أزيائها، أي استعمال نفس القطعة في أكثر من مناسبة، برهنت أنها تعيش في عالم آخر لا يمت بصلة إلى الشريحة الأكبر من المجتمعات، قد تتبادل أزياءها مع أفراد العائلة أو تلبس نفس القطعة أكثر من مرة، لأن هذا هو العادي.

ما لا تفهمه كيلي أوسبورن وغيرها من فتيات المجتمع وغيرهن، أن سمعة كيت كأيقونة موضة ولدت تحديدا من هذا الأسلوب، أو بالأحرى «الاستراتيجية» في الظهور كواحدة تعيش أحداث العصر وتتفاعل معها، وعلى رأسها تجنب التكلف والمبالغة، لا سيما في وقت تعاني فيه الأغلبية من تبعات الأزمة الاقتصادية، مما سيجعل ظهورها بمظهر جد أنيق ومنمق غير متماش مع الوقت.. بالإضافة إلى كل هذا فإن ثقافة النجمات والبريق الزائد لم تعد تثير نفس الانبهار الذي كانت تثيره في السنوات الماضية، لأنها أصابت المجتمع بالتخمة. حتى الطبقات الثرية والأرستقراطية، التي تتمتع بإمكانيات عالية جدا، باتت تبتعد عن كل ما يشي بالجاه وتعانق في المقابل موضة راقية لكن هادئة، مما يفسر الأرباح التي حققتها دار «هيرميس» الفرنسية في العام الماضي في ذروة الأزمة.. والسبب كما شرح رئيسها التنفيذي، باترك توماس، أن هناك شريحة من الأثرياء لا تريد استعراض جاهها لأنها ترى في الأمر ابتذالا، مما جعل الدار نفسها تبتعد عن البريق وتستبدل به الحرفية العالية، وهذه الثقافة هي التي جعلت أسلوب كيت يتغلغل في أوصال أوساط الموضة ببطء لكن بثقة، فهو أكثر واقعية ومقدور عليه. صحيح أنه لا يثير الحلم، لكنه حتما يحقق حلم الفتيات المتطلعات للأناقة، ويعطيهن الإحساس بأنه بإمكانهن هن أيضا أن يكتسبن مظهرا أنيقا من دون صرف مبالغ طائلة. فهي على الأقل جعلت من الممكن لأي واحدة منا أن تشعر بأنه بإمكانها اقتناء نفس الفستان الذي تلبسه من قد تكون ملكة بريطانيا في يوم من الأيام وبسعر لا يتعدى الـ50 جنيها.

النقطة الأخرى، التي تحسب لكيت، أنها تجسد الآن أسلوبا كلاسيكيا أنثويا، لا يعتمد على كشف المفاتن منذ أول ظهور رسمي لها. ففستان زفافها كان بأكمام طويلة وياقة محتشمة إلى حد كبير، كما أنها ساعدت على إنعاش مبيعات جوارب النايلون بعد سنوات من الانخفاض، رغم الانتقادات التي وجهت إليها في البداية على أنها موضة قديمة تليق بالجدات فقط واللائحة طويلة. لهذا من الطبيعي أن لا تحظى الدوقة بقبول أو بإعجاب صناع الموضة لأنها فجأة جعلت المحلات الشعبية تبدو أكثر أناقة، وتليق بمناسبات السجاد الأحمر أيضا، التي كانت في السابق حكرا على إبداعات كبار المصممين فحسب. لكن كيت تحب أيضا عنصر المفاجأة وتحقيق التوازن بين الغالي والرخيص، فقبل عيد ميلادها الـ30 مباشرة ظهرت في حفل كبير بكامل أناقتها، لكنها مرة أخرى أناقة كلاسيكية بفستان أسود بتوقيع سارة بيرتون، مصممة فستان زفافها.

كان الفستان من قماش المخمل الذي تعتبره العديدات من مواكبات الموضة «دقة قديمة»، خصوصا أن بعض تفاصيله أيضا مستوحاة من الثمانينات، مثل الكشاكش، ومع ذلك، لن نستغرب أن يلهم عدة تشكيلات قادمة، فالموضة، كما أكدت عبر التاريخ، قد تنتقد لكنها تعرف متى تتنازل وتخضع. فإذا كانت كيت ميدلتون لن تخضع لإملاءات الموضة، فإن الموضة لا بد وأن تخضع لها وتستوحي من أسلوبها الشيء الكثير، خصوصا بعد أن رأى المصممون تأثيرها على شرائح كبيرة من المجتمع. شرائح تتسوق من شوارع الموضة وتحرك سوقها وباتت تؤثر أيضا على ذوات الإمكانيات العالية. فهي ما إن ترتدي فستانا من «ريس» أو «زارا» مثلا حتى ينفد من السوق، بل يمكن القول إن إعلان شركة «ريس» أنها ضاعفت أرباحها هذا العام يعود الفضل فيه إلى تأثير كيت.

فعندما ارتدت فستان «شولا»، ويقدر سعره بـ175 جنيها إسترلينيا، لاستقبال ميشيل أوباما خلال زيارة هذه الأخيرة لقصر بكنغهام فإنه نفد من السوق في غضون بضع دقائق، كذلك عندما ارتدت فستان «نانيت» (لنفس الشركة) بسعر 159 جنيها إسترلينيا لتظهر به في الصورة الرسمية التي التقطها لها المصور العالمي ماريو تيستنو مع الأمير بعد خطبتهما، فإن مبيعاته ارتفعت في كل أنحاء العالم، إلى حد أن نسخا منه بيعت على موقع «إيباي» بنحو 750 جنيها إسترلينيا. وهذا يجعلها سفيرة موضة، أو بالأحرى مؤثرة، من نوع يجب فهمه وقراءة توجهات المجتمع من خلاله حتى تأخذ الموضة توجها جديدا يجعلها منصتة جيدة لنبض الشارع.