غدا ستشهد مبيعات الورود الحمراء والمجوهرات الصفراء والبيضاء والوردية ارتفاعا ملموسا، وغدا أيضا ستضع المرأة الريجيم جانبا لتتناول قطعا من الشوكولاته أهداها لها عزيز على القلب أو وجبة عشاء دسمة في مطعمها المفضل، كما أن مبيعات العطور ستشهد انتعاشا سيثلج صدور صناع الجمال والأناقة. فغدا طبعا هو يوم الحب العالمي (فالنتاين) تاريخ محفور في ذاكرة كل المحبين، يترقبه البعض بلهفة ليفصح عن مكنونات القلب، ويتأهب له صناع الأناقة والتجار منذ فترة طويلة، فيما يعتبره البعض خدعة تجارية لجر المستهلك لشراء هدايا ليس هناك من حاجة إليها سوى القيمة المعنوية. لكن هذه الشريحة تجد نفسها دائما نشازا وفي مأزق يصعب عليها الخروج منه من دون مشاكل. فهذا اليوم، حتى وإن أصبح بالنسبة للبعض من الطقوس التقليدية والخدع التجارية، يسبب الكثير من المشاكل بين الأزواج في حال سولت لهم أنفسهم تناسيه أو تجاهل ما يرمز إليه. والحل بالنسبة لهم، أن يتقبلوه بسعة صدر، وأن يقتنعوا بأن الوقوع في الحب سهل ومجاني، لكن التعبير عنه والحفاظ عليه، يحتاج إلى جيب عامر، والأهم من هذا، إلى يد سخية ونفس مفتوحة على العطاء وإسعاد الآخر. فالأمر لا يقتصر على هدية بل على بناء علاقة إنسانية والإبقاء عليها ساخنة، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد العالمي. فحسب دراسة أجريت مؤخرا في الولايات المتحدة الأميركية، سينفق الشخص العادي في هذا اليوم ما لا يقل عن 196 دولارا أميركيا. وتذهب الدراسة إلى القول بأن 54 في المائة من هؤلاء الأشخاص سيشترون هدايا تقليدية للتعبير عن مكنونات قلوبهم، مثل علب الشوكولاته وباقات الورود وقطع مجوهرات، أو دعوات عشاء رومانسية في مطاعم فخمة، فيما سيذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك باستغلال المناسبة للتقدم بطلب يد الحبيبة للزواج. وتتوقع الدراسة أن 14 مليون شخص سيقومون بذلك هذا العام، حتى يبقى اليوم محفورا في الذاكرة برومانسيته وخصوصيته.
كل هذه المصاريف ستصب في صالح الاقتصاد الوطني، 17.6 مليار دولار أميركي، حسب توقعات الدراسة التي خضع لها 9.317 شخصا، وأجريت من قبل «بيغإنسايت» Biginsight للتعرف على سلوكيات المستهلك في هذا اليوم بالذات.
وأفادت أيضا بأن الرجل على استعداد لصرف مبالغ أكبر مما تصرفه المرأة، وكلها ستذهب إلى قطاع الأزياء والإكسسوارات والمجوهرات ثم المطاعم والمسارح.
المشكلة التي يعترف بها الكثير من الرجال لا تكمن في الهدية نفسها، فهذه مقدور عليها، بل في أن المرأة لم تعد تقنع بهدية تقليدية بل تريدها مبتكرة تتطلب بعض الخيال والاجتهاد حتى تمس قلبها. بعبارة أخرى، فإن باقة من الورد أو علبة شوكولاته، أو حتى قطعة مجوهرات لا تكفي وفقدت عنصر المفاجأة خصوصا إن تكررت في كل سنة. وهذا ما يجده بعض الرجال تعجيزيا إلى حد ما، متحججين تارة بأنهم لا يمتلكون الوقت الكافي للتسوق وتارة بأن المسألة كلها متاجرة بالعواطف وبأن كل الأيام يجب أن تكون تعبيرا عن الحب. ورغم أن البعض قد يتفق مع الرأي الثاني بأن المصممين وغيرهم من صناع الأناقة فندوا الحجة الأولى بتقديمهم اقتراحات مبتكرة وأفكارا جديدة تجعل البحث عن هدية متميزة ومعبرة، أمرا لا يتطلب من الرجل، أو المرأة، الكثير من الخيال والاجتهاد أو الوقت. أكبر مثال على هذه الفكرة التي اقترحتها محلات السوبر ماركت «آزدا» البريطانية على بائع الورد، جو ماسي، الحائز جائزة أحسن مصمم في معرض «تشيلسي» للأزهار لثلاث مرات على التوالي، وتتلخص في استعمال 2000 وردة لصنع فستان مصنوع بالكامل من الورود. لم يكذب جو ماسي الخبر، وصمم فستانا طويلا تطلب 170 ساعة من العمل لكي يأتي بشكل أنيق لا يوحي بأنه سيذبل في يوم من الأيام ولا تحتاج فيه المرأة إلى عطر. وصف ماسي، البالغ من العمر 23 عاما، التصميم بقوله إنه كان تحديا كبيرا بالنسبة له: «لقد أردت أن أجسد فيه كل ما تعنيه باقة ورد في هذا اليوم الخاص، من خلال تصميم كلاسيكي أنيق، لكن بلمسة أنثوية.. أتمنى أن تلهم فكرته الناس بإهداء شخص عزيز على القلب باقة ورد مبتكرة».
من جهتها صرحت تيريزا تيريل، المسؤولة عن قسم الورود في سوبر ماركت «آزدا» لوكالة «أسوشييتد برس»: «ليس غريبا أن يعترف لنا الرجال بأنهم بحاجة إلى أفكار تلهمهم في هذا اليوم، لهذا فكرنا في التعاون مع جو، الحائز عدة جوائز في تصميم الورود لإبداع هذا الفستان المصنوع بالكامل من أجود أنواع الورود، بما فيها الأقحوان والقرنفل». فكرة الفستان مبتكرة وتصميمه أيضا مبتكر ومن الصعب أن لا يلمس شغاف قلب أي امرأة تتلقاه في هذا اليوم، لكن يبقى الأصلي الذي ألهم جو ماسي، أفضل بكثير. فهو على الأقل سيدوم لمدى العمر. يقول ماسي إنه استوحى فستانه المورد من الفستان الأحمر الذي صممه الفرنسي ستيفان رولان في عرضه الأخير لربيع وصيف 2012، وظهرت به العارضة المخضرمة، ياسمين لوبون. الفستان كان تحفة للعين بذيل احتاج إلى نحو 45 مترا من القماش وبلغ وزنه 50 كيلوغراما تقريبا، وهذا ما يجعل التصميم فنيا لكن غير عملي في أرض الواقع. في المقابل هناك خيارات أخرى من نفس التشكيلة، تجمع الفنية بالواقعية، مثل هذا الفستان الأحمر. فهو بلون الحب ومنحوت على الجسم وبتصميم كلاسيكي لا يتأثر بزمن. أما إذا كان الورد في البال، ففستان من مجموعة إيلي صعب الأخيرة مناسبة جدا، مثل هذا الفستان الوردي الذي زرع عليه المصمم بتلات ورد صغيرة من نفس اللون بسخاء. لكن يوم الحب لا يتلخص في الورد وألوانه فحسب، فهو أيضا المناسبة التي تترجم فيها المشاعر ببريق الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة. ففيه يكتسب الماس والياقوت وغيرهما من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة قيمة إضافية، تكون في الغالب معنوية وعاطفية، تصاحب المرأة مدى الحياة، خصوصا إذا كانت بتصميم يرتبط بهذه المناسبة، والمقصود هنا أي شيء على شكل قلب، وهذا ما يعرفه الصاغة جيدا، وصناع العطور والأزياء، هم أيضا يتفاءلون بهذا اليوم ويستعدون له بأشهر كثيرة، وتترجم أهميته بالنسبة لهم بزيادة ملموسة في المبيعات والأرباح. هذا الأسبوع مثلا، شهدت محلاتهم حركة نشطة، بيعت فيها الكثير من أقراط الأذن والسلاسل الناعمة من الذهب الأصفر أو الوردي، التي تتوسطها حجرة ثمينة. مصمم المجوهرات الراقية ديفيد موريس David Morris، واحد من هؤلاء، ويعرف من تجارب سابقة، أن أغلب الزبائن يميلون في هذه المناسبة إلى مجوهرات بشكل قلب، كونها ترمز إلى العاطفة الجياشة، الأمر الذي شجعه على طرح مجموعة متكاملة من الأطقم والخواتم والأقراط بهذا الشكل مع تنوع كبير في نوعية الأحجار وألوانها حتى يلبي كل الأذواق. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس وحده الذي أسهب في هذا الشكل، فغيره كثيرون، لا سيما أنه شكل يحوز شعبية منذ العصر الفيكتوري.
هدايا بين المضمون وغير المضمون:
- الأزياء تعتبر من الهدايا المتعارف عليها التي تزيد مبيعاتها في هذه الفترة، بما فيها الملابس الداخلية، إلا أن تأثيرها لا يكون دائما مضمونا حسب الإحصائيات، أو مرحبا به في حال كانت بمقاس أكبر أو أصغر. على العكس من الإكسسوارات الجلدية، مثل حقائب اليد التي من الصعب أن لا تروق لها إذا كانت من دار معروفة. إذا كانت بتصميم كلاسيكي فلا بأس من تكسير هذه الكلاسيكية بألوان الأحمر أو الوردي تماشيا مع المناسبة - باقة ورد عادية يتم شراؤها في آخر لحظة على العكس من باقة تم تنسيقها بشكل جديد وتجمع كل أنواع الورود التي تفضلها.
- علبة شوكولاته يتيمة، قد تفرح بها المرأة للحظات، وليس مستبعدا أن تلتهمها أيضا في لحظات لكنها سرعان ما تشعر بالذنب عندما تتذكر عدد السعرات الحرارية التي تحتويها، فتلوم شاريها. يفضل أن تكون علبة الشوكولاتة مكملا لهدية أخرى، مثلا سلسلة من الذهب مرصعة بحجر ألماس.
- لن ترحب بأي هدية تتعلق بالديكور المنزلي أو أدوات المطبخ، لأنها بالنسبة لها من أساسيات البيت وليست خاصة بها.
- تجدر الإشارة إلى تبادل الهدايا وبطاقات التهنئة بهذا اليوم في الولايات المتحدة، ليس حكرا على الأحباء وحدهم، إذ من الشائع أيضا إرسال بطاقات لأفراد العائلة والأصدقاء. وفي الغرب عموما، تبدأ المدارس في تدريب الأطفال على هذا الطقس منذ الصغر، من خلال تشجيعهم على تبادل بطاقات يتبادلون فيها عبارات المودة تكون في الغالب من صنعهم.