متى يزيد الاقتباس عن حده؟

الموضة والديكور الداخلي.. بين تبادل الأفكار والمبالغة

TT

أول ما تقع عيناك على هذه الصور تشعر بأنك في عالم سريالي يتداخل فيه الديكور الداخلي مع الأزياء. النظرة الثانية تجعلك تتقبل بعض هذه القطع على أساس أنه بإمكان البعض استعمالها في مناسبات معينة. أما النظرة الثالثة، فتقول إنها تعبر عن خيال خصب وقدرة فنية على تطويع ما لم يكن يخطر على البال من خلال قطع مبتكرة. هذه القطع من إبداع مجموعة من خريجي معهد التصميم والفنون في «كراكاو» في بولندا، ونجحوا في ما كانوا يرمون إليه، وهو جذب الأنظار وإثارة الجدل حول العلاقة بين عالمي الديكور الداخلي وتصميم الأزياء، وإلى أي حد يمكن أن يؤثرا على بعضهما البعض.

مما لا شك فيه أن اقتباس مصممي الأزياء من عالم الديكور والعكس، لم يعد يقتصر على النقوشات المأخوذة من ورق الجدران أو على الأقمشة، التي كانت إلى عهد قريب خاصة بالستائر أو الكنبات، بل وصلت إلى التصاميم نفسها. المصممة ماريا كاترانزو، مثلا استعملت منذ موسمين تقريبا، خدعا بصرية استغلت فيها تقنية ثلاثية الأبعاد لتجسيد حدائق متفتحة بالورود والأشجار على فساتين مفصلة قصيرة، فضلا عن أشكال طاولات وكراسي على تنورات مستديرة، وأباجورات تبدو من بعيد وكأنها حقيقية لكنها من قماش، في دلالة واضحة على أن عالمي الموضة والديكور أصبحا يتداخلان بشكل كبير. ماريا ليست الوحيدة التي غرفت من هذا النبع، فغيرها كثيرون ممن غرفوا في هذا الموسم من الفن الباروكي، لونا وزخارف وتصميما، بدءا من «برادا» في إيطاليا إلى ماركة «رودارت» في الولايات المتحدة، لكن إذا كان الأمر قد اقتصر على النقوشات والأقمشة والخدع البصرية في السابق، فإنه على يد خريجي معهد التصميم والفنون في بولندا أخذ أشكالا أكثر جرأة ووضوحا تستحضر أسلوب حسين تشالايان في الثمانينات. فقد قدموا تنورات على شكل موائد و«بُنشات» وجاكيتات على شكل أباجورات تتدلى منها كريات ضخمة. بل وذهب البعض إلى تقديم ما يعتقد أنه جاكيتات على شكل أرفف خزانات. وفي الوقت الذي تبدو فيه المطبوعات المستلهمة من ورق الجدران أو الأقمشة المأخوذة من الستائر والكنبات مقدورا عليها ويمكن أن تدخل بعض المرح على خزانة المرأة العصرية، فإن هذه الأشكال تحتاج إلى الكثير من التفكير قبل معانقتها، وإلى بعض الشجاعة والجرأة أيضا.

الطريف أن هذه السرقة العلنية من الديكور الداخلي كان لها مفعول السحر على ورق الجدران المطبع بالورود وغيره من النقوشات، إذ سجل عودة تزامنت مع هذه الموضة، بعد أن ظل مرتبطا في مخيلة البعض بالسبعينات. الآن، وككل شيء تتعود عليه العين وتتقبله، فإنه أصبح جزءا مهما من الديكور الداخلي حتى وإن اقتصر على جدار واحد من غرفة، على شرط أن يكون بألوان واضحة ونقوشات قوية.

بعض المصممين لم يكتفوا بالاقتباس والاستلهام من الديكور الداخلي، بل خاضوا غماره بتصميم إما ورق الجدران مثل جوليان ماكدونالد، أو قطع أثاث متخصصة مثل الأميركي ريك أوينز، بينما طلق فينسنت داريه، مصمم دار «إيمانويل أونغارو» سابقا عالم الأزياء بالثلاث مفضلا عالم الديكور. فهو يمتلك حاليا محلا يحمل اسمه «ميزون داريه» يقع في شارع «مون ثابور» بباريس ويطلق فيه العنان لخياله بعيدا عن منصات العروض التي لم تكن دائما رحيمة به. أما المصممة ماريا كاترانزو، التي كانت أول من عانق هذه الموجة بشكل واضح في المواسم الأخيرة، فتعتبر التداخل بين العالمين أمرا طبيعيا «فالاثنان يغطيان الجسم، ويتمتعان بنفس المبادئ التي تتلخص في تزيين صاحبها وجعله مرتاحا وسعيدا».