رشا خوري لـ«الشرق الأوسط»: عشقي للموضة والتكنولوجيا تجسد في موقع مفتوح على العالم

«ديا ستايل».. بوصلة المرأة العربية نحو الأناقة

TT

ما من شك في أن العولمة والإنترنت وغيرها من وسائل التكنولوجيا غيرت الكثير من المفاهيم والأمور التي تمس حياتنا اليومية. والمقصود هنا ليس فقط الثورات والانتفاضات التي انطلقت شرارات بعضها على «فيس بوك» وغيرها من شبكات التواصل، بل أيضا مفهومنا للتسوق الذي تغيرت ثقافته للأبد.

فبعد أن كان البعض يتوجس خيفة منه على أساس أنه غير آمن، وكان البعض الآخر يرى أنه فكرة مجنونة لا يمكن أن تنجح بحكم أن التسوق عملية تعتمد على اللمس والعاطفة، تشير أرقام المبيعات والأبحاث حاليا إلى أنه في الوقت الذي تأثر فيه العديد من بيوت الأزياء بالأزمة المالية وسجلت فيه شوارع الموضة تراجعا في مبيعاتها، فإن شبكات التسوق على الإنترنت شهدت تقدما ملحوظا وسجلت أرباحا لا يستهان بها. لهذا كان من البديهي أن نشهد ولادة الكثير من شركات الـ«دوت كوم» التي شجعها النجاح الذي حققته شركات مثل «أمازون» ثم «نيت أبورتيه» و«أوتنيت» وغيرها. وبالتالي، فإن فكرة تأسيس شركة تسوق إلكترونية باللغة العربية لم تكن سوى مسألة وقت، تنتظر عقلا تجاريا وحسا يفهم الموضة لكي يدخل المغامرة، أو بالأحرى التحدي.. تحد قبلته رشا خوري برحابة صدر متسلحة بدراستها وخبرتها العملية ومدفوعة بحبها للموضة. للعلم، رشا خوري، شابة في الثلاثينات من العمر من أصل فلسطيني، عاشت في باريس، وبيروت، ونيويورك قبل أن تستقر في لندن منذ نحو 12 عاما، لتصبح خليطا من العديد من الثقافات. تحديها أثمر عن موقع أطلقت عليه «ضيا ستايل دوت كوم» Dia-Style.com، موقع يتوفر على أكثر من 50.000 قطعة بتوقيع أسماء عالمية في الموضة والإكسسوارات ولا يتطلب سوى زيارة قصيرة للحصول على كل ما يمكن أن يخطر على بالك من منتجات مترفة، ومن كل أنحاء العالم بضغطة واحدة.. ضغطة تجعلك تشعرين أن العالم كله بين يديك من دون أن تلفحك الشمس أو يلسعك البرد.

تقول رشا إن الموقع أيضا يغنيك عن التنقل من موقع إلى آخر بحثا عن قطع معينة، لأنه يضم «نيت أبورتيه» net-a-porter.com، «ماي ووردروب دوت كوم» mywardrobe.com ومحلات مثل «براونز» و«ماتشز» من شأنها أن توفر كل طلباتك أينما كانت. وتضيف بزهو أنها بتعاونها مع هذه المواقع والمحلات تحقق سبقا في مجال التسوق الإلكتروني؛ «إذ لا يخفى تخصص هذه المحلات وخبرتها الطويلة، كذلك علاقاتها الجيدة مع معظم المصممين وبيوت الأزياء، الأمر الذي يعني أن زائر (ضيا بوتيك) لديه خيارات أكبر. إضافة إلى هذا، فإن ما يعرض على الموقع يأخذ بعين الاعتبار أنه موجه لسوق الشرق الأوسط، ببيئته وثقافته وذوقه الخاص. فنحن نختار ماركات نعرف أنها تناسب المنطقة، وقريبا سنضيف قسما خاصا بالعباءات».

نجاح رشا خوري لم يأت من فراغ، فهي تعشق الموضة كما تعشق الإنترنت والتكنولوجيا، وهو أمر مشترك بينها وبين كثيرات من بنات جيلها، لكن الفرق أنها استفادت من دراستها وعملها في مجال المال والأعمال، وانتبهت إلى وجود ثغرة في السوق كانت تنتظر فقط من يملأها. فهي خريجة المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال «إينسياد» INSEAD بباريس، كما عملت مع «جي بي مورغان» في نيويورك، خبيرة استثمار مصرفي ثم مع «ميريل لينش» و«يو بي إس» بلندن حيث تخصصت في قسم المنتجات المترفة. وتقول رشا إن هذه الفترة كان لها دور كبير في تغيير مسارها، لأنها تعرفت عن قرب عما تعنيه صناعة الأناقة والترف، مما زاد من رغبتها في الغوص فيها أكثر. في عام 2010 قررت أن تستثمر خبرتها ودراستها إلى جانب عشقها للموضة بتأسيس موقع خاص له نكهة غربية وعربية في الوقت ذاته. وهكذا ولد موقع «Dia-style.com»، الاسم الذي استقته من كلمة «ضياء» أو «النور» ليكون بوصلة المرأة العربية نحو الأناقة وآخر خطوط الموضة.

وتدافع رشا عن التسوق الإلكتروني مؤكدة أنه سهل وممتع والأهم من هذا؛ ديمقراطي. فهو يفتح الباب أمام من لا يستطعن التنقل لسبب أو لآخر للحصول على ما كان من المستحيل الحصول عليه من قبل من دون سفر وتنقل. كما أنه لا ينافس المصممين وبيوت الأزياء، بل العكس، يمثل منفذا جديدا بالنسبة لهم يمكنهم من خلاله تسويق بضائعهم لجيل يعشق الموضة وفي الوقت ذاته يفهم لغة الإنترنت ويتقنها. بعبارة أخرى، فهو منبر لتسويق منتجاتهم بسرعة أكبر مستفيدين من شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» وغيرهما للوصول إلى زبوناتهم دون وسائط أخرى. صفحة «فيس بوك» وحدها، على موقع «ديا» استقبلت زيارات أكثر من 40.000 زائر ومتابع، باللغتين العربية والإنجليزية. وهذا أمر حدث في غضون شهرين فقط، حسب ما تقول رشا، مضيفة: «نتعامل أيضا مع مواقع أخرى مثل (بنتريست) لأننا نعرف أنه، ولكي ننجح، يجب أن يكون لنا حضور دائم وقوي على كثير من المواقع، حتى يجد المستهلك طريقه إلينا بسهولة».

في شهر فبراير (شباط) الماضي، أطلقت رشا القسم الخاص باللغة العربية، والسبب، كما تقول، يعود إلى اهتمام الشرق الأوسط بكل ما له علاقة بالإنترنت وشبكات التواصل، وهي سوق «تنمو بسرعة كبيرة». وتتابع: «لكن لم يكن هذا السبب الوحيد، فمن خلال أبحاثي في مجال سوق المنتجات المرفهة ومعرفتي بمنطقة الشرق الأوسط، استغربت أنه ليست هناك مواقع إلكترونية لبيع الأزياء الجاهزة والإكسسوارات بتوقيع أسماء أميركية وأوروبية باللغة العربية، لهذا لم أتردد في ملء هذه الثغرة. لا أنكر أن التوقيت كان مهما بالنسبة لي، لأن الكل تقريبا في المنطقة يستعمل الإنترنت ويعشق الموضة العالمية». وهناك دراسة نشرتها «يورو مونيتور العالمية» في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي تؤكد أن منطقة الشرق الأوسط تصرف نحو 1.1 مليار دولار أميركي على شراء منتجات عبر الإنترنت، وهو مبلغ سيتضاعف بحلول عام 2016 إلى 2.2 مليار دولار. «فالزبونة التي يتوجه إليها الموقع تعرف تماما ما تريده وتعرف كيف تتسوق، لكنها تريد خدمة توفر لها ما تريده وهي في عقر دارها ودون حاجة إلى السفر للحصول على آخر صيحات الموضة. لهذا عندما فكرت في موقع تسوق، حرصت أن يكون متميزا بحيث يكون عبارة عن محل كبير يجمع العديد من الأسماء العالمية في مكان واحد، وهذا ما تحقق؛ إذ يتوفر فيه ما لا يقل عن 50.000 قطعة سواء من (كريستيان لوبوتان)، (جيمي شو)، (غوتشي)، (دولتشي آند غابانا)، (روبرتو كافالي)، (فرساتشي)، (جيسوبي زانوتي).. وهلم جرا. ومع الوقت، تأكدنا أن هذا ما يحسب لنا ولصالحنا، فنحن نتوفر على خيارات أكبر في مكان واحد، فضلا عن أننا نتوفر على مجموعات محدودة وحصرية لا تتوفر في محلات هؤلاء المصممين أساسا. مثلا لدينا 300 تصميم من (كريستيان لوبوتان)، بما في ذلك تصميم (بيغال) الكلاسيكي الذي تم إطلاقه بمناسبة مرور 20 عاما على إطلاق (لوبوتان ماركته)».

لا تنكر رشا أن البعض لا يزال يتردد في الشراء من على مواقع الإنترنت، لكنها تؤكد أن التسوق من مواقع معروفة آمن جدا، ومجال يكبر ويتوسع بسرعة، مما جعل العديد ممن كانوا يترددون في السابق في استعماله يقبلون عليه بوصفه وسيلة سهلة ومضمونة للحصول على ما يريدونه من دون عناء أو خوف. جزء كبير من الأمر يعود إلى السمعة والترويج بالكلام، وهو الأمر الذي لا يستهان به في هذا المجال وفي المنطقة، لأنه سلاح مؤثر وفعال.

وعلى الفئة التي لا تزال ترى أن التسوق الملموس تجربة خاصة جدا تدخل فيها العاطفة وكل الحواس وبالتالي لا يمكن أن تعوض، ترد رشا مدافعة بأن العاطفة غير غائبة أو منعدمة في التسوق الإلكتروني. وتشرح: «مثلا في (ديا - ستايل دوت كوم)، نقدم قطعا لا تتوفر في محلات الشرق الأوسط، وهذا ما يجعل الحصول عليها متعة بحد ذاته، لأنها في هذه الحالة تكون فريدة وخاصة. ولهذه الغاية، أضفنا عدة خدمات أخرى منها تواصل مع الزبونات وتقديم اقتراحات وأفكار عن الموضة وما شابه من أمور تجعل التواصل الإنساني موجودا». ومع ذلك، فهي لا ترى أن التسوق الإلكتروني سيؤثر سلبا على التسوق العادي في المحلات والمراكز الكبيرة؛ بل ولا تستبعد أن يصبحان وجهان لعملة واحدة أسرع مما كنا نتصور، نظرا لتغير متطلبات المرأة ووقتها، ودخول الكثير من هذه المحلات عصر الإنترنت، بمعانقتها الفكرة وطرحها الكثير من منتجاتها على الإنترنت. وهي محلات كانت في البداية تنظر للفكرة بريبة وشك، لكنها ما لبثت أن اعترفت بأن ثقافة التسوق تشهد تغيرات كبيرة وبأنها إذا لم تواكب متطلبات العصر، فإنها ستعاني من المنافسة. فكل الدلائل تشير إلى أن التسوق الإلكتروني باق وسيصبح أسلوب حياة في المستقبل.