براد بيت وجه «شانيل نمبر 5» وديفيد بيكام على غلاف مجلة «إيل»

جيل جديد من الرجال يغزو عالم النساء

TT

موضة جديدة بدأت تتسلل إلى عالم الموضة وتثير الكثير من الجدل. موضة تتمثل في دخول رجال عالم النساء، ليهزوا أركانه وينافسونه فيه بشراسة. من لاعب الكرة البريطاني ديفيد بيكام الذي ستتصدر صورته غلاف مجلة «إيل» البريطانية في عددها الخاص بشهر يوليو (تموز)، ليكون أول رجل يتصدر غلاف مجلة احتكرتها العارضات والنجمات لعقود، إلى النجم براد بيت الذي اختارته دار «شانيل» ليكون وجه عطرها النسائي الأشهر «شانيل نمبر 5». وهو بهذا سيكون أيضا أول رجل يمثل ويروج لعطر نسائي محض. الخبر زلزل مجالا كان نسويا خالصا ولا يزال يثير الكثير من اللغط والتساؤلات حوله، لكنه في كل الحالات أعطى النتيجة المنشودة في إحياء عطر يبلغ عمره نحو الـ90 عاما تقريبا، وإعادته إلى الواجهة.

ولا شك أن اختيار «شانيل» لبراد بيت، عملية محسوبة وجريئة في الوقت ذاته، بدليل أنه ما إن تسرب الخبر حتى انتعش عطر «شانيل نمبر 5» في عيون الكل، وكأنه الأميرة النائمة التي كانت تنتظر فارس الأحلام الذي يوقظها من سباتها.

صحيح أن براد يبلغ من العمر 48 عاما مما يجعله في منتصف العمر وليس شابا صغيرا، إلا أنه لا يزال يحتفظ بوسامته ورشاقته فضلا عن شخصيته المتميزة، وكلها عناصر تعكس روح عطر طرح أول مرة في عام 1922 وانطلق إلى العالمية عندما صرحت الراحلة مارلين مونرو أنها لا تنام من دونه. صحيح أيضا أن جميلات مثل كاثرين دونوف ونيكول كيدمان وغيرهما مثلنه في فترة من الفترات، إلا أن الأمر في حالتهن، وعلى الرغم من جمالهن وشهرتهن، لم يخرج عن العادي والمألوف. كان لافتا نعم، لكن لم يخض التابوهات أو يثير كل هذا اللغط، إلا أن اختيار رجل للترويج لعطر نسائي يبقى مغامرة غير عادية لا بد وأن تستوقف الكل وتجعلهم يفكرون في اقتناء العطر وإعادة اكتشافه من جديد. هذا من الجانب التسويقي للعطر، والذي تأكد أنه ضربة معلم، لكن من الجانب الاجتماعي، فإن اختيار كل من بيكام وبراد بيت لمهمتيهما، يشير إلى ولادة مفهوم جديد للرجولة. ففي بداية التسعينات كان الرجل الـ«ماتشو» أو الفحل والقوي بشعره الغزير الذي يذكر بشمشون الجبار، هو الموضة. وفي بداية الألفية ظهر مفهوم الرجل الميتروسيكشوال، رجل لا يرى أن اهتمامه بمظهره يتعارض مع رجولته، حتى وإن تعلق الأمر بتخلصه من الشعر الزائد في بعض أجزاء الجسم، أو إظهاره مشاعره على الملأ والتعبير عنها بالبكاء إن استدعى الأمر. مع هذا الرجل شهدت مبيعات مستحضرات العناية بالبشرة والصالونات الرجالية ارتفاعا وانتعاشا. لم تمر سوى بضع سنوات حتى ظهر مفهوم جديد أطلق عليه «ريترو سيكشوال» وهو مفهوم يحتفي برجل لم يتجرد من الجانب الناعم في شخصيته لكنه أيضا عانق لحية قصيرة، يبدو فيها وكأنه استيقظ من النوم لتوه ولم يجد الوقت للحلاقة، في رغبة واضحة للتخلص من نعومته الظاهرية.

مع ظهور ديفيد بيكام على غلاف مجلة نسائية، وبراد بيت ممثلا عطرا نسائيا محضا، نشهد ولادة مفهوم جديد، لرجل تعدى مقتبل العمر، واكتسب ثقة بنفسه تجعله يتجاوز فكرة التفريق بين الأنثوي والذكوري، ليكون بهذا أقوى من الرجل الفحل إلى حد ما وأعز على قلب المرأة من الميتروسيكشوال، وهي نقطة التقطها الرئيس الأميركي باراك أوباما حين خاطب ديفيد بيكام مازحا منذ بضعة أشهر قائلا: «إنه رجل نادر ذلك الذي يستطيع أن يكون قويا على الملاعب وفي الوقت ذاته يروج لخط خاص بالملابس الداخلية»، إشارة إلى أن بيكام أيضا ظهر في حملة ترويجية بملابس داخلية.

لهذا فإن الخطوط الحمراء التي كانت تفرق بين الجنسين انتفت تقريبا، وأصبح الرجل ينافس المرأة في اهتمامه بنفسه ومظهره، سواء تعلق الأمر باتباع حميات لإنقاص الوزن والحصول على الرشاقة، أو الإقبال على الأزياء الزاهية الألوان والمنقوشة، وأحيانا بأقمشة كانت حكرا على المرأة فقط مثل الدانتيل أو الموسلين والحرير الشفاف.

أما بالنسبة لمستحضرات العناية بالبشرة، فقد ارتفعت مبيعاتها بنسبة 45 في المائة تقريبا في السنوات الأخيرة. وحسب دراسة قامت بها مؤسسة «مينتيل»، فإن 15 في المائة من الرجال فقط يعتقدون أن العناية بالبشرة يتعارض مع رجولتهم. كما أن منظمة هارلي الطبية تؤكد أن 27 في المائة من المقبلين على حقن البوتوكس هم من الجنس الخشن.

وتشير دراسة أجرتها جامعة غرب إنجلترا في «بريستول»، إلى أن 80 في المائة من الرجال مقارنة بـ75 في المائة من النساء يقلقون بشأن مظهرهم الخارجي.

وفي العقد الأخير، بلغت نسبة الرجال الذي يعانون من مشكلات الأكل والوزن 66 في المائة، وهي نسبة غير مسبوقة.

لكن ما يجعل رجال مثل براد بيت أو بيكام بدخول عالم النسوة. إنهم يشعرون بالثقة في رجولتهم لأنهم يعيشون علاقات عاطفية صحية ناجحة، وبالتالي لا يرون أن هناك حاجة إلى فرض رجولتهم بلحية أو بدلة بتصميم رجالي صارم وقماش خشن.