بين الشخصي والعام

صراحة كارل لاغرفيلد لاذعة لا ترحم.. وعدم دبلوماسية روبرتو كافالي منعشة

كارل لاغرفيلد
TT

أن يغضب عليك البعض مرة بسبب رأي خاص، أو فلتة لسان، فهذا خطأ وارد ويمكن التعلم منه، لكن عندما يتكرر عدة مرات، بنفس الوتيرة ومن نفس العيار الثقيل، فهذا يؤكد أن الطبع أغلب من التطبع، وأن هناك نوعا من الاستهتار بمشاعر الآخرين، خصوصا إذا كانت هذه القذائف موجهة لأشخاص بسبب شكلهم ومن أشخاص تتعدى أعمارهم السبعين، يفترض فيهم أن يتحلوا بالحكمة، ويأخذوا بعين الاعتبار مشاعر الآخر.

فها هو كارل لاغرفيلد، البالغ من العمر 78 عاما، ورغم كل الانتقادات التي تعرض لها بسبب لسانه اللاذع، لم يرتدع ولا يزال يتبرع بآرائه الشخصية المثيرة للجدل، وأحيانا الغضب. آخرها كان قوله بأنه على بيبا ميدلتون، أخت دوقة كمبردج، أن تخفي وجهها وتظهر قفاها فقط لأنه أجمل من وجهها.

قبل ذلك اضطر للاعتذار للمغنية أديل بعد أن قال إنه يحب صوتها لكنها بدينة، ليضطر للاعتذار إليها بعد ذلك علنا. فيكتوريا بيكام، هي الوحيدة تقريبا، التي أبدى إعجابه بها قائلا إنها تتمتع بقد رشيق رغم إنجابها أربعة أطفال «إنها منضبطة بشكل يثير الإعجاب». آراء تشير إلى أن المصمم المخضرم يعاني من عقدة دفينة من السمنة وكل من يعاني منها. ربما يعود السبب إلى أنه كان هو الآخر بدينا قبل أن ينقص وزنه منذ سنوات باتباعه ريجيما قاسيا، قال حينها إنه اضطر إليه لكي يلبس بذلات «ديور أوم» التي كان يصممها إيدي سليمان قبل أن يغادر دار «ديور». ومنذ أن اكتسب رشاقته وهو يدلي بدلوه منتقدا أي شخص يميل إلى البدانة ومهاجما كل من يتهمه بالاستعانة بعارضات نحيفات أقرب إلى الأنوركسيا. فمثلا، عندما تناهى إلى سمعه أن مجلة «بريجيت» الألمانية قررت أنها ستستعين بعارضات بمقاييس طبيعية فقط، أي غير نحيفات، صرح بأن أغلبية النساء يحلمن بنحافة العارضات، وأن من يقلن بأن العارضات قبيحات الشكل هن «أمهات بدينات يجلسن بكسل أمام شاشات التلفزيون وهن يتناولن البطاطس المقلية».

المثير أن انتقاداته لم تقتصر على السمنة والنحافة فحسب، بل امتدت إلى الراحلة جاكلين كيندي، التي لم تسلم من لسانه عندما أعلن أن تايور التويد الوردي الذي كانت تلبسه في اليوم الذي قتل فيه زوجها هو نسخة مقلدة وليس من «شانيل» كما يعتقد الكثيرون، مشيرا إلى أنه من صنع مصممها أوليغ كاسيني الذي كان ينفذ لها تصاميم مشابهة لماركات باريسية. صحيح أن الكل كان يعتقد أن التايور كان من تصميم «شانيل» لا سيما أن كاسيني كان يستورد أقمشته من فرنسا وينفذها بإتقان، إلا أنه بعد مرور كل هذا الوقت لم يكن الأمر مهما، كما أن لهجته القاسية وهو يصرح بهذه الحقيقة لم تخلف انطباعا بأن غرضه كان لتصحيح خطأ «تاريخي» فقط.

آراؤه طالت أيضا الرجل الروسي الذي قال إنه قبيح الشكل مما يجعله يتعاطف مع المرأة الروسية وقدرها، فيما وصف اليوناني والإيطالي بأنهما من ذوي العادات السيئة. فاليوناني معروف بالفساد حسب قوله «لا أحد يريد أن تختفي اليونان، لكن لهم عادات سيئة جيدة. والإيطاليون أيضا كذلك».

في الجهة المقابلة، نجد أن الإيطالي روبرتو كافالي، البالغ من العمر 71 عاما، له هو الآخر صولات وجولات في هذا المجال، وإن كان يشفع له أنه يركز آراءه على عالم الموضة في الغالب. كما يشفع له أنه المصمم الوحيد الذي كانت له الشجاعة أن ينتقد عرابة الموضة الأميركية، انا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» التي تلقب بالمرأة الجليدية حينا والفولاذية حينا آخر، وبالتالي يخافها معظم المصممين ويسعون لكسب رضاها. على العكس من كارل لاغرفيلد، فإن عالم الموضة لا يجد صراحة كافالي تجنيا على الغير بقدر ما هي شجاعة تفتقد إلى بعض الدبلوماسية، لهذا فهي لم تؤثر على شعبيته سلبا، ولم تثر عليه غضب أحد بقدر ما تثير التفكه في أوساط الموضة وترفه عن النفس، ربما لأنه يقول ما يفكر فيه العديد من العاملين في مجال الموضة، والدليل أن أتباعه على «تويتر» وصلوا إلى 200.000.

من أقواله «هناك العديد من مواقع الموضة الغبية.. لن أغلق فمي، لأني لا أريد أن أكون فردا من مافيا الموضة». وأضاف «الموضة آلة ضخمة هدفها جني المال. ليس هناك إبداع. في السنوات الـ50 القادمة لن تجد كتب الموضة أي شيء تكتبه عنا.. ولا أستطيع أن أفعل أي شيء إزاء هذا. فأنا لا أملك السلطة وهم يشترون سوق الموضة»، في إشارة إلى المجموعات الكبيرة التي تلتهم بيوت الأزياء الصغيرة وتضمها إليها. وفي إحدى نوباته صرخ «أين هي الموضة الفرنسية؟ ليس هناك مصمم فرنسي في دور الأزياء الفرنسية، بل هم إما إنجليز، أميركيون أو إيطاليون.. إلخ». أما عن أنا وينتور فقال «أعترف لكم بسر، أنا وينتور لا تحضر عروضي في ميلانو.. لماذا؟ لأني لا أعلن في مجلتها»، مضيفا أن «تأثيرها على الموضة الأميركية سيئ»، وأن «المصمم الأميركي الوحيد الذي أحبه هو مارك جايكوبس، لكن فقط في ماركته الخاصة وليس عندما يصمم لدار (لوي فويتون).. عروض (لوي فويتون) للمسنات فقط».