شقة الممثل برادلي داريل وونغ.. متحف يحتاج إلى «فونغ شواي»

اشتراها بـ1.25 مليون دولار واستغرق تجديدها 7 سنوات

كان من المهم أن يجعل برادلي البيت حميما حتى يشعر ابنه جاكسون فيه بالألفة والدفء وعلى هذا الأساس اختار الألوان وقطع الأثاث وحتى البيانو ليكون محور السهرات
TT

استقر برادلي داريل وونغ أخيرا في منزله الجديد، لكن لا يعني هذا أن الشقة التي تشغل الطابق الأرضي ومكونة من غرفة نوم في شارع إيست فورث، مكان جديد تماما. لقد اشترى وونغ الشقة عام 2005 وانتقل إليها منذ نحو أربعة أعوام، ولم يستقر فيها تماما إلا مؤخرا. فقد تطلب العيش فيها خطوات كثيرة من تصميم الديكور وترتيب الأثاث وغيرها من الأمور التي كان من الصعب على وونغ مواجهتها كلها في فترة وجيزة. وونغ الذي يبلغ من العمر 51 عاما، يعمل كممثل كما أنه أب له مسؤوليات، يحاول جاهدا الإيفاء بها إلى جانب التصدي للفوضى من أجل السيطرة على البيئة المحيطة به كما يقول. يعلق قائلا: «بسبب تراكم الأشياء، لا تكون الأمور على النحو الذي أريد أن تكون عليه». لكن تراكم كل هذه الأشياء هي من صنعه، لأنه لا يميل إلى تجميعها وعدم التخلص منها.

في صباح أحد أيام شهر أغسطس (آب) فتح وونغ باب منزله الأمامي المصنوع من البرونز، والذي يعود إلى قرن مضى وأخذه وونغ من مصرف في فيلادلفيا، ليستقبل زائرين هما الصحافي صاحب هذه السطور، وجاك ويتلينغ، المهندس المعماري الذي يعمل لديه. وتباهى وونغ ببعض الانتصارات ومنها امتلاك 70 زوجا من الأحذية مكومة داخل 32 سلة في غرفة تستخدم كخزانة في قاعة الاستقبال الرئيسية، وثلاث خزانات للأحذية ذات الرقبة العالية محاطة بكمية كبيرة من الخيوط الملونة في حقائب بلاستيكية، وصفوف منظمة من القبعات والمعاطف مصطفة مثل الجنود. كل ذلك كان خلف أبواب تحمل آثار أشباح أعمال قديمة من قبو مبنى قريب.

وأخيرا في غرفة خلفية كانت هناك قطعة أثاث ضخمة ومثيرة للفضول مصنوعة من أدراج حياكة قديمة، وعصي خشب، معاد تدويره صنعها صديق لتحل محل رف الكتب الضخم المعدني الذي تملأه اسطوانات «الدي في دي» والصور والكتب. كل ما في حياة وونغ الطبيعية لا يشبه الدكتور جورج هوانغ، الطبيب النفسي في هيئة الطب الشرعي، وهي الشخصية التي لعبها على مدى 11 موسما في مسلسل «لو أند أوردر: سبيشال فيكتيمز يونيت» أي (القانون والنظام: وحدة الضحايا الخاصة»، بقدر ما يشبه سونغ ليلينغ، الذي كان أول شخصية يؤديها في برودواي، في مسرحية «ميس باترفلاي» لديفيد هنري هوانغ عام 1988. وهي الشخصية التي تحب الاحتفاظ بالأشياء وتجميعها.

في شقته يحتفظ بأربطة أحذية جلدية وأزرار وخيوط وعينات القماش التي يحصل عليها عندما يشتري سترة جديدة ومعاطف. كذلك يجمع خيوط الغزل وعلب الشحم القديمة والساعات ذات الرقّاص التي تعود إلى القرن التاسع عشر والعصي وأدراج الحياكة القديمة، التي جمعها خلال مغامراته. بل يحب أيضا صمامات السباكة والأدوات القديمة، ولا يتردد في جلب الأثاث من الشارع إلى الداخل، لتتراكم الأشياء فوق بعضها البعض تقريبا.

شارع إيست فورث هو ثالث مشروع لوونغ مع ويتلينغ. كان المشروع الأول في شارع ويست 55، وكان عبارة عن شقة مليئة أيضا بقطع تبدو وكأنها من مصنع «آندي وارهول»، بما فيها أبواب لمكتب مطبوع عليها حكم لوارهول، وكذا كنوز موروثة من الأسرة مثل إطار أرضية مصنوع من قطع قرميد يعود إلى والدته.

تم جمع رسائل البريد الإلكتروني، التي تتسم بالكوميديا السوداء التي أرسلها وونغ إلى مجموعة من أصدقائه وأفراد أسرته وزملائه، في كتاب بعنوانFollowing Foo (the electronic adventures of the Chestnut Man). (خلف فو: المغامرات الإلكترونية للرجل الكستنائي) عام 2003. وكان قد كتبه حين ولد ابنه جاكسون مريضا يحتاج إلى عناية فائقة في المستشفى. وبعد عام من نشر الكتاب، بدأ يعيش لوحده في البيت الذي لا يشاركه فيه سوى ابنه جاكسون الصغير. ويقول وونغ إنه نتيجة لذلك أصبح المنزل في غاية الأهمية لأنه يشعر بالإحباط لأن ابنه ثمرة أسرة مفككة. وقال: «أشعر بالانهيار وبأنني حرمته من العيش في كنف أسرة».

اشترى وونغ هذه الشقة عام 2005 مقابل 1,25 مليون دولار من ويليام سوفيلد، المهندس المعماري، الذي صمم متاجر غوتشي لتوم فورد والذي يعيش هناك منذ منتصف التسعينيات. تعرفا على بعضهما البعض من خلال مدربهما الخاص، الذي كان يعمل أيضا كسمسار عقارات. ولحسن الحظ كانت ديكورات الشقة مناسبة لذوق وونغ، مثل الإضاءة الخافتة تحت الأرض ويشرح وونغ: «نشاطي بالأساس خلال الليل. وهذا ليس مكانا يلائم شخصا يعمل بالنهار». كانت الشقة في السابق مصنعا ثم مسرحا ليهود اليديشية وملهى ليلي. لهذا عندما انتقل سوفيلد إلى الشقة اكتشف كنوزا في غرفة القبو عبارة عن ماكينات حياكة فضلا عن قطع أثاث خاصة بالمسرح ونصوص قديمة وسيناريوهات وغيرها. وأضاف على كل هذا أسلوبه الخاص، الذي يصفه ويتلينغ وونغ بأنه مزيج بين الديسكو في السبعينيات ومحل صاخب بجدرانه الفضية والمعدن الذي لا يصدأ وآثار المقعد الكهربائي الخاص بوارهول. تجدر الإشارة إلى أن ديكورات الشقة كانت متميزة إلى حد أن المصور الفوتوغرافي المعروف، نان غولدين، التقط صورا لها نشرت في مجلة «إيل ديكور» في عام 2000.

استغرق تجديد الشقة التي تبلغ مساحتها 2,900 قدم مربع من وونغ 7 سنوات لأنه وويتلينغ قاما بذلك على مراحل. كذلك بعد ستة أشهر من بدء العمل، اختفى المقاول وتطلب العثور على مقاول آخر ستة أشهر أخرى. وكان الجص يغطي الأسقف المقوسة المصنوعة من الطوب، لكنه أزيل. ولا يزال مكان الكوة الخشبية المفتوحة على السماء في الجزء الخلفي من الشقة موجودا، لكن حلت محلها كوة معدنية أقوى.

كانت فترة مضطربة بالنسبة لوونغ، إذ توفي والده في بداية المشروع، واضطر هو وابنه جاكسون، الذي كان يقضي معه عطلات نهاية الأسبوع، إلى تأجير شقة خلال الثلاث سنوات الأولى من تجديد المنزل. لحسن الحظ أن تكاليف التجديد في تلك المرحلة كانت أقل من 200 دولار لكل قدم مربع.

مع ذلك عندما انتهت عملية التجديد، بدأ وونغ في خلق نوع من الحياة التي أرادها لابنه في المنزل. وقال: «لقد أردت تعلم الطهي من أجله وكنت أتمنى أن يعجبه. أنا أب غير متزوج لابن وحيد. لقد رغبت أن يشعر بوجود البشر من حوله».

لم يكن الموقد الأحمر اللامع قطعة فنية، ومن الناحية النظرية، كان وونغ الذي نشأ في كنف أسرة تؤرخ لمراحل الحياة بالوجبات المميزة، يعلّم نفسه الطهي بنفسه. وكان برنامج «أميركا تيست كيتشن» هو الجامعة التي تعلم فيها الطهي. في كل ليلة سبت يجمع وونغ مجموعة من أصدقائه لتناول وجبة كبيرة والتمتع بأداء يشمل طهي وونغ في المطبخ، في حين يمرح جاكسون مع الضيوف.

جاكسون، الذي ينام على سرير يشبه عربة مترو أنفاق، يصاحب الجميع ويمكنك سماع صراخه وأحيانا يساعد في تقديم وجبات خفيفة حين تكون في عربة الطعام على حد قول وونغ. ويشمل حفل العشاء أيضا غناء وعزفا على بيانو فضلا عن الارتجال. ويبدع وونغ كل أسبوع في أدائه. ويقول: «لقد ارتبط جاكسون بكل أصدقائي الفنانين بشكل كبير. إنهم جميعا من ممثلي المسرح، ولا يتسامحون معه، إنهم جزء من العرض. هذا مهم بالنسبة لشخص مثلي نشأ في أسرة منغلقة على ذاتها». وعلى الرغم من أن المنزل الذي حصل عليه وونغ في الأخير جد متميز لكنه بحسب كل من يزوره يمكن أن يكون أروع فيما لو تم التخلص فيه من 75 في المائة من الأشياء المتراكمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»