الزجاج المعشق.. واحة من الضوء تتسلل إلى بيتك

يتمتع بحيوية التشكيل ويمنح شعورا بالسكينة والجمال

TT

للزجاج المعشق خصوصية جمالية قلما تتمتع بها أي مفردة من مفردات الديكور المنزلي. فهو يضفي على البيت جوا يفوح منه عبق الماضي الجميل، كما يلعب دورا مهما في توزيع الضوء والظل، بشكل يجعله بمثابة معزوفة فنية. بالإضافة إلى هذا فإنه ينجح دائما في أن يكسب المكان مظهرا يوحي بالتصوف والحيوية في الوقت ذاته. وهو تناقض جميل تزداد نغماته بحسب وحدات الإضاءة أو نوع الأرضيات والأسقف وقطع الأثاث وطرازه.

مهندس الديكور مصطفى العربي يقول إن انتشار الزجاج المعشق منذ مئات السنين إلى اليوم ووجوده في مصاف الديكورات الراقية يعود إلى مهارات الفنيين والمصممين خلال مراحل إعداده المختلفة من التصميم والتكسير وحتى التركيب في الموقع. ويشير إلى أن الزجاج المعشق يشكل فنا من فنون البناء والديكور في التراث الإسلامي، كما أنه يعتمد بشكل كبير على مخلفات الزجاج. ويعيد السبب إلى أن توظيف الزجاج بألوانه في البناء كان في الماضي ضرورة لا غنى عنها في تشييد القصور والأبنية، على أساس أنه عنصر ضروري من عناصر الديكور التي تضفي جمالا وسحرا في العمارة الإسلامية. ومن هنا انتشرت نوافذ الزجاج المعشق بالجبس كمظهر من مظاهر العمارة الإسلامية التي جاءت متوافقة مع الظروف المختلفة لذلك المجتمع ونرى هذا جليا في مصر والشام.

يضيف العربي: «الزجاج المعشق من أنواع الديكور المكلفة أيضا لأنها صعبة ودقيقة في التنفيذ، لكن هذا لا يمنع ذوي الميزانيات المحدودة من استعماله إذا رغبوا في ذلك. فهناك بعض القطع من الزجاج المعشق التي تدخل بسلاسة ضمن الكثير من الديكورات المختلفة وإن كانت صغيرة».

وعن أفضل الأماكن التي يمكن استخدام الزجاج المعشق فيها يقول مهندس الديكور مصطفى: «يمكن استخدامه في أي ركن من المنزل أو حتى المحلات والمراكز التجارية لأنه يعطي شعورا بالراحة النفسية، ولكن يفضل وضعه في جزء من المباني يكون معرضا للشمس بقوة وطوال الوقت، لأنه يساعد على كسر حدة أشعة الشمس وإبراز جمال وروعة ألوان الزجاج في مواجهة وعكس الضوء، خصوصا عندما ينعكس على الجدران أو الأرضيات خلال ساعات النهار المختلفة. كما يمكن استخدامه في القواطع الداخلية لأن من ميزاته إمكانية حجب الرؤية وإعطاء خصوصية واستقلالية للمكان، فضلا عن استخدامه في القباب والمناور، وهي فتحات في السقف تكون إما دائرية الشكل، أو مربعة، أو مستطيلة، سداسية الأضلاع أو ثمانية. يمكن تغطية هذه المناور على طريق تصنيع الزجاج المعشق إما بشكل قبة محدبة إلى الخارج أو قبة مقعرة إلى الداخل، أو بشكل مسطح منبسط. هذا بالإضافة إلى واجهات المدخل في المبنى، ونوافذه الرئيسية، أو النوافذ المطلة على الدرج وعلى الأبواب والمداخل والقواطع الداخلية ما بين الغرف والمكاتب».

يتابع مهندس الديكور: «تتميز كل هذه الاستخدامات بأنها من الوزن الثقيل وبالتالي تحتاج إلى مساحة كبيرة، لكن هناك أخرى أصغر وأخف على شكل ديكورات جانبية مثل الأباجورات، الثريات الملونة، ساعات الحائط، صناديق الزهور، علب الهدايا، اللوحات المعلقة على الحائط، إطارات الصور، الشمسيات والقمريات. وهذه الأخيرة مهمة، بحيث لا نستطيع أن نتحدث عن الزجاج المعشق دون التطرق إليها». فـ«الشمسيات والقمريات» تعتبر من أهم ديكورات الزجاج المعشق التي عرفت على مر العصور وجاء ابتكارها وليد الرغبة في تخفيف حدة الضوء في القصور التي شيدها الخلفاء في الشام، ثم استعملت في المساجد ذات الصحن المكشوف للغرض نفسه.

وانتشر هذا النوع من الشبابيك في الأماكن الدينية وتعرف هذه الشبابيك عادة باسم «القمرية» إذا كانت مستديرة وباسم «الشمسية» إذا كانت غير مستديرة، وأقدم شباك منها محفوظ في المتحف الإسلامي في القاهرة. واليوم تستخدم في الفيللات والقصور والمساجد الكبيرة لما تضفيه من سكينة وهدوء على المكان الذي تكون فيه عدا أنها تجعله مضيئا بأجمل الألوان من الصباح إلى المساء وبالقدر الذي يحتاجه.

وحول أنواع الزجاج المعشق يوضح مهندس الديكور مصطفى العربي أن الزجاج المعشق لا يقتصر على نوع واحد لكن هناك عدة أنواع: أهمها:

- الفيوزينك:

ويتميز برسومات بارزة على سطحه ويصنع بدمج عدة ألوان من الزجاج وصبها في قوالب خاصة ومعالجتها في الفرن الحراري تحت درجات حرارة عالية وهي طريقة أوروبية بحتة مستوحاة من نفخ الزجاج.

- الزجاج المعشق المشطوف:

وهو نوع مميز يستخدم فيه شطف الزجاج بأنواعه وفقا للتصميم المطلوب.

- الزجاج المعشق بالكريستال:

وهو آخر ما أنتجته المصانع الأوروبية وهو عبارة عن حبات من الكريستال الأصلي تدخل في الزجاج فتعطي إحساسا بأنه تم تطريزها يدويا.

- الزجاج المعشق بواسطة الشريط النحاسي:

وهو عبارة عن شريط من النحاس الرقيق المرن طلي أحد وجهيه بمادة لاصقة حرارية تساهم في تعشيق قطع الزجاج بعضها ببعض، وتمكن من تعشيق القطع الصغيرة التي كان يصعب تعشيقها بقضبان الرصاص حيث تساهم قلة كثافة النحاس بالنسبة للرصاص في تقليل وزن الأشكال الزجاجية المطلوب تنفيذها. ويعطي هذا التعشيق الأعمال المنفذة صلابة وقوة وحماية أكبر ضد السقوط أو الهبوط تجاه أي اصطدام يحدث.