لكل وقت تحدياته

علاقة الساعات بالرياضة عمرها أكثر من قرن ولا تزال متجددة وقوية

TT

القول إن الرياضات، أو بالأحرى المنافسات الرياضية، لا جدوى لها من دون تقدير الوقت بدقة، قد يكون فيه بعض المبالغة، لكن فيه أيضا الكثير من الصحة.. فالوقت هو الذي يحدد الثواني والدقائق ويسهل مأمورية الحكام والمتابعين بشكل لا يترك أدنى شك أو تشكيك. لهذا ليس غريبا أن نجد أن العلاقة بين صناعة الساعات وشتى الرياضات قديمة وتزداد توطدا مع الوقت، إلى حد أن بعض الأسماء أصبحت لصيقة ببعض الفعاليات أو الأسماء. عندما تذكر الألعاب الأولمبية، مثلا، فإن اسم «أوميغا» هو الذي يقفز إلى الذهن. وهذا أمر بديهي بحكم أن علاقتهما مستمرة منذ أولمبياد لوس أنجليس عام 1932 إلى الآن. كانت البداية عندما أرسلت مجموعة من ساعات الإيقاف التي يصل مستوى دقتها إلى عشر من الثانية بعد أن كان المسؤولون يستخدمون ساعات إيقاف خاصة بهم يصل مستوى دقتها إلى خمس من الثانية. مرت السنوات وتطورت الصناعة والعلاقة أيضا وأصبح للماركة وجوه لامعة تمثلها وتروج لها بدءا من نيكول كيدمان إلى جورج كلوني، وهلم جرا.

بدورها، انطلقت «تاغ هوير» من الألعاب الأولمبية في العشرينات إلى دورها كمؤقت رسمي لسباقات السيارات «الفورميولا 1» في التسعينات وصولا إلى سباق «أندي 500» الأسطوري، لكنها أعطت التعاون مع الرياضيين بعدا آخر، باستعانتها دائما برياضيين لتمثيلها، مثل لاعبة التنس ماريا شارابوفا ولاعب الغولف تايغر وودز وكيمي رايكونن ولويس هاملتون، وهما اثنان من أبرز نجوم سباقات «الفورميولا 1»، وغيرهم. بالنسبة لها، فإن كل سفرائها وممثليها أكثر من مجرد أدوات للتسويق، بل هم حقل التجارب المثالي للوقوف على مستوى جودة الساعة ودقتها ومدى تحملها للصدمات وغيرها. لهذا يلاحظ أنها لم تستعن بالنجوم إلا في حالات قليلة، منهم ليوناردو دي كابريو وكاميرون دياز مؤخرا.

ومع ذلك، فإن المتسابق الإنجليزي، هاملتون، مدين بالفضل أيضا إلى دار الساعات الشهيرة «ريتشارد ميل»، التي دعمت فريق «آرت» في سباقات «جي بي 2»، وهي سلسلة السباقات التي فاز فيها لويس هاملتون قبيل مشاركته في سباقات «الفورميولا 1».

تجدر الإشارة إلى أن «ميل» داعم قوي لسباقات السيارات الكلاسيكية القديمة، ويعتبر أن رعايتها لسباق «لو مان» التاريخي وسيلة مثالية للتواصل مع عملائها. الفكرة عموما أنه إذا كان بإمكانك إنفاق الملايين على سيارة «فيراري» كلاسيكية، فأنت حتما قادر على صرف بضعة آلاف على ساعة، وتزيد الرغبة فيها والاهتمام إذا كان الإنتاج محدودا يفوق الطلب، الأمر الذي يميز هذه الماركة.. بيد أن «تاغ هيوير» و«ريتشار ميل» ليستا وحدهما من ترعيان سباق السيارات كما أن هناك رياضات أخرى تثير اهتمام صناع الساعات الفاخرة.. فإلى جانب «جيرار بيريغو» التي ترعى سباق «مونت كارلو» ترعى شركة «كارتييه» رياضة البولو، بحيث تقام بطولة «كارتييه» الدولية للبولو منذ 24 عاما وتتمتع بعبق مميز ومكانة اجتماعية يتوق لها الرياضيون والمجتمع المخملي على حد سواء. ولا تكتفي «كارتييه» بهذا التمويل، بل تستثمر في مستقبل الرياضة، بتدريب الجيل التالي من اللاعبين.

دار «جيجر-لوكولتر» بدورها تهتم بلعبة البولو وتعود شراكتها معها إلى ثلاثينات القرن الماضي عندما فوض السويسري سيزار دو تراي للمرة الأولى تصميم ساعة تتميز بمواصفات تقاوم الصدمات أثناء ممارسته للعبة البولو، ليولد تصميم أيقوني جديد بعلبة انزلاقية قابلة للدوران لحماية الميناء من الصدمات العنيفة، سرعان ما أصبحت المفضلة للاعبين من أمثال أدولفو كامبيازو، وإدواردو نوفيلا أسترادا، وكلار ميلفورد هافن.. بيد أن الاهتمام والعلاقة لا تقتصر على التمويل والإعلانات، فصناع الساعات يعرفون أنه من دون ساعات رياضية لا حاجة إلى وجوه رياضية أو تمويلات، لهذا لا يتوقفون عن التفنن في اختراع ساعات تحمل رتبا رياضية عالية.. أي لها مقاييس تراعي أكثر المناخات صعوبة تكون مقاومة للماء والصدمات وغيرها. طبعا هي تخاطب الرياضيين المتمرسين لكنها أيضا تغمز بشكلها ومقوماتها الرجل الذي يحب اقتناء الساعات المميزة أو يحلم بأن يكون رياضيا. يشهد على هذا مسيرة «تاغ هوير» في الساعات الرياضية «ميكروغراف 100-1» من الثانية عام 1916 إلى «الكاليبر 360» الفائزة بالجائزة الكبرى لصناعة الساعات في جنيف عام 2006، والتي كانت أول ساعة معصم «كرونوغراف» بحركة ميكانيكية بتردد 360.000 نبضة في الساعة، ولا تزال تطورها عاما بعد عام حتى تبقى في الصدارة.

هنا أيضا لا يمكن الحديث عن الساعات الرياضية الأيقونية من دون الحديث عن ساعة «رويال أوك أوفشور دايفر» من «أوديمار بيغيه»، التي قدمتها الشركة هذا العام بأشكال متعددة ركزت فيها على مجموعة «أوفشور» الرياضية، وساعة «دايفر» المصنوعة من الحديد الصلب. علبة العقارب في هذه الساعة جاءت مصنوعة من الكربون المشكل، بينما صنع قاع علبة العقارب من السيراميك الأسود، وهو ما يعني أن الساعة لن تتعرض للخدوش، على العكس من الساعات المصنوعة من الحديد الصلب التي كانت تتعرض للخدش بسهولة.

«هاري وينستون» أيضا طرحت نسخة محدودة من «ذي أوشن سبورت» التي تمثل نموذجا للتجديد والتصميم الراقي المطعم بالكثير من التحدي. تحد يعكسه بناؤها من «الزاليوم» (الألمونيوم والزركونيوم)، وهي المادة التي ابتكرها هاري وينستون ونقلت المجموعة إلى عصر التكنولوجيا رفيعة المستوى.. فالزركونيوم أكثر ندرة من التيتانيوم، كما أن قوته الهائلة تجعل تشكيله أمرا صعبا.

وتنتشر وظائف الحركة الآلية على مينا تم تصميمه بعناية كاستمرار لأقواس «هاري وينستون» الرمزية.

ولا يمكن أن ننسى ساعة «ماستر كومبرسور إكستريم وورلد كرونوغراف»، التي تحتل مكانة مهمة في علاقة دار «جيجر-لوكولتر» بالرياضات العنيفة.. فهي مجهزة بنظام ماص للصدمات مسجل ببراءة اختراع من أجل حماية حركة «الكرونوغراف» الذاتية التعبئة من الاهتزازات التي قد تتعرض لها الساعة في أشد الظروف قساوة كالحرارة والماء والرمال، وهو ما يتناسب مع توجه الدار في دعم سباقات الدراجات النارية أيضا.