سولين رستم: الثقافة الاجتماعية كان لها دور في تحول عمليات التجميل من رفاهية إلى ضرورة

المصريات يفضلن شفط الدهون واللبنانيات يلجأن لتصغير الأنف

TT

كان من المألوف أن تحمل فتاة مجلة من مجلات الموضة البراقة وتتوجه إلى مصمم أزياء طالبة منه أن ينفذ لها نسخة من فستان أعجبها لكنها لا تستطيع له سبيلا، حتى تنجح في أن تدوخ رؤوس غريماتها ونيل إعجابهن. كما كان عاديا أن تطلب من مصفف الشعر تسريحة أو قصة تشبه تسريحة أو قصة نجمتها المفضلة، لكن اللافت في العقود الأخيرة أن هذه الطريقة امتدت إلى عمليات التجميل، كأن تطلب الفتاة أنف نجمة أو خدودها وهلم جرا من الأمور المشابهة. واللافت أيضا أن هذه العمليات لم تعد تتم في السر لتصحيح عيب أو تقتصر على شريحة من النساء اللواتي تتطلب ظروف عملهن أن يكن تحت الأضواء ومن ثم أن يتمتعن بالشباب والجمال على طول، مثل النجمات، بل امتدت إلى المرأة العادية، التي باتت تتوجه إلى طبيب التجميل وكأنها تتوجه إلى مصفف شعر أو مصمم أزياء لتطلب منه موديلا معينا.

تقول اختصاصية التجميل اللبنانية، سولين رستم، التي تعمل بمجال التجميل في القاهرة وبيروت: «باتت عمليات التجميل ضرورة ملحة لدى كثير من النساء، خصوصا المرأة اللبنانية. فالشكل الخارجي في لبنان يعتبر مفتاحا لكثير من الأمور المهمة، من الحصول على العريس المناسب الذي قد لا يأتي إلا بعد خضوع الفتاة لكثير من عمليات التجميل، إلى الحصول على وظيفة مرموقة». وتستدل على قولها بأن عمليات التجميل ومراكزها المتطورة أصبحت حجر زاوية في الاقتصاد اللبناني بفضل الإقبال الشديد على إجراء هذه العمليات في بيروت. وهذا ما دعا المسؤولين في وزارة الصحة إلى إعداد خطة سياحية خاصة جعلت منها واحدة من المنتجات السياحة المهمة في السنوات الخمس الأخيرة. فأطباء التجميل يتمتعون بخبرات كبيرة ومهارات تضاهي تلك المتوفرة بالخارج، وهي عناصر تجعل لبنان منطقة جذب للراغبين في الحصول على الجمال والرشاقة من الدول العربية المجاورة، ممن يبحثون عما أصبح متعارفا عليه بـ«اللوك اللبناني». تستطرد سولين: «عندما عملت بمجال التجميل متنقلة بين لبنان ومصر، بدأت أدرك أن هناك فروقا جوهرية في نظرة المجتمعات للجمال وأهميته. وكان للثقافة الاجتماعية دور كبير في تحولها من رفاهية إلى ضرورة. فاللبنانيون بطبعهم يعشقون الجمال، ومنذ القدم كان الرجل عندما يريد الزواج يسأل عن جمال الفتاة وشكلها قبل مستواها الاجتماعي أو التعليمي أو أي شيء آخر، وهكذا بدأت اللبنانية تبحث هي الأخرى عنه لتفوز بالعريس الأفضل. ومع مرور الوقت تحول التجميل إلى ضرورة يتقبلها المجتمع وتشجع عليها بعض الأسر. الأمر يختلف في مصر، إذ إن الرجل المصري يبحث عن العروس التي ستساعده في تجهيز المنزل وتجيد أعمال البيت والمطبخ وتربية الأطفال، بمعنى أن الجمال بالنسبة له يأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة، لذلك نلاحظ أن المرأة المصرية لا تضع عمليات التجميل ضمن أولوياتها. صحيح أنها بدأت تولي اهتماما أكبر بجمالها ومظهرها في الآونة الأخيرة، لكن ليس بالقدر الكافي، أو بنفس نسبة نظيرتها اللبنانية». فهذه الأخيرة، كما تضيف سولين: «تعتبرها جزءا من الموضة بدليل أن أكثر من 60 في المائة من اللبنانيات يخضعن لعملية تجميل أو أكثر في السنة، إلى حد أن بعض البنوك تمنح قروضا وتسهيلات في هذا المجال. فاللبنانية، مثلا، تتعامل مع عملية التجميل كأمر عادي وليس كأمر يجب أن تتستر عنه، لأن نسبة عالية ممن حولها خضعن لها في مرحلة من مراحل الحياة». من الفروقات التي لاحظتها أيضا بين البلدين أن أكثر عمليات التجميل انتشارا في مصر هي لشفط الدهون وشد البطن بعد الولادة، والحقن بالبوتوكس والفيللرز، بينما تعتبر عمليات تصغير الأنف أو تصحيحه الأكثر انتشارا في لبنان، تليها عمليات تكبير الصدر، الفيللرز، البوتوكس، شد البطن بعد الولادة وتبييض الأسنان. وتختم خبيرة التجميل سولين رستم حديثها بالقول إن: «الجمال لا وطن ولا عمر له أيضا. فالمرأة، أينما كانت، ترغب في أن ترى نفسها جميلة في المرآة وفى عيون من حولها ولهذا أشجعها بأن تتعامل مع زيارة طبيب التجميل على أنها ضرورة وليست رفاهية، فهناك بعض التدخلات البسيطة كالبوتكس والفيللرز لا تحتاج سوى لجلسات قليلة لكن تعطي مفعولا كبيرا يتجلى في إشراق الوجه ونضارته». لكنها تلفت إلى أن العمليات وحدها لا تكفي وأن هناك وسائل وقائية أخرى لا بد منها لتأخير علامات السن أو على الأقل تجنب التعب والشحوب والهالات السوداء حول العيون، مثل النوم العميق لساعات لا تقل على 8 ساعات، إلى جانب الضحك والبعد عن مصادر الاكتئاب، وشرب الماء بقدر كافٍ، وأخيرا الأخذ في الاعتبار أن لأي عملية تجميل، سواء الكبيرة أو الصغيرة، مدة صلاحية تتراوح من 6 شهور إلى سنتين، وهذا يتطلب ميزانية حتى تتمكن الواحدة من الاستمرار في تجديدها كلما بطل مفعولها حتى تحافظ على إطلالتها الشابة.