بين المخمل والذهب

لا يهم أيهما تختارين.. كلاهما ضمان لأناقتك وتألقك

TT

دفء المخمل

* في كل موسم، تظهر توجهات وصرعات جديدة على منصات عروض الأزياء. بعضها يتم التخفيف منه ليطرح في المحلات لامرأة واقعية، وبعضها يبقى فقط في الذاكرة إلى أن تمحيه لقطة أخرى. هذا الموسم بزغ نجم فستان طويل من دار «غوتشي» باللون الأخضر، ربما لم يكن سيثير كل هذا الاهتمام لولا أنه كان من المخمل. ورغم أن الدار الإيطالية أسهبت في استعمال هذا القماش في تشكيلتها للخريف والشتاء، فإنه سرق الأضواء، معطيا الإشارة إلى أن المخمل يمكن أن يكون من أجمل الخامات التي يمكن أن تتألق فيها المرأة في أحلى المناسبات. بلغة الموضة العصرية، فإنه أكثر أناقة وحداثة من التصاميم المطرزة التي عادت ما تظهر في هذه الفترة من السنة. أيرين لودر، وريثة دار «إيستي لودر» لمنتجات التجميل العالمية، فهمت الإشارة وأعلنت أن القطعة الأساسية في خزانتها حاليا هي فستان مخملي لا يفارقها في المناسبات التي تتطلب الأناقة والدفء.

تجدر الإشارة إلى أن هذا القماش كان في القرنين الخامس والسادس عشر، مخمليا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فقد كان يقتصر على الطبقات الأرستقراطية والمقتدرة فقط. وكانت ميزته بالنسبة لهم ثمنه الباهظ الذي جعل العامة لا يقدرون عليه، ولم يصبح ديمقراطيا إلا في ما بعد الثورة الصناعية بسنوات. لكن هذا لا يعني أنه أصبح رخيصا بل العكس، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن فستانا طرحته دار «بوتيغا فينيتا» الإيطالية باللون الأسود مطرز ببتلات من الأورغنزا، يقدر سعره بـ15.300 جنيه إسترليني. طبعا هناك فساتين أخرى لا تقل جمالا، تتراوح أسعارها بين الألف والـ4000 جنيه إسترليني وهي أيضا متميزة جدا، لكن ما وسع رقعته أن شريحة النساء المقتدرات توسعت في نهاية القرن الماضي، إثر دخول الكثيرات مجالات العمل وتحقيقهن النجاح والثروة. بالنسبة للمصممين، فقد شكل فرصة للإبداع لما يتضمنه من غنى في الملمس وعمق في اللون، وهو ما تفتقده خامات أخرى، فاللون الأزرق الغامق مثلا يبدو أكثر عمقا والأحمر التوتي، كذلك بالإضافة إلى لمعة تجعله يتراقص على مفهوم الضوء والظلام في الوقت ذاته. يقول المصمم الأميركي الشاب، جايسون وو، الذي طرح مجموعة من القطع منه إن «نعومته وأنوثته تجعل المرأة تشعر بأنها متألقة إلى حد الإبهار».

ما قام به المخمل هذا الموسم أنه غلب على التطريزات، من ترتر وخرز وأحجار شواروفسكي وغيرها، وأزاحها من طريقه. مصمم دار «بوتشي»، بيتر دانداس، شرح هذا الأمر قائلا: «باستعمالي المخملي عوض التطريزات، حصلت على نفس الثراء والجمال الذي تتيحه التطريزات والترصيعات من دون أي تكلف أو استعراض». تجدر الإشارة إلى أن المخمل الذي رأيناه على منصات عروض الأزياء ليس عاديا، لأنه تعرض للكثير من العمليات لكي يكتسب خفة وشفافية في بعض الأحيان، تبدو كأنها مزيج منه ومن الموسلين، الأمر الذي أتاح للمرأة أن تلعب على مفهوم الأنوثة من دون كشف مفاتنها بشكل واضح. الفستان الذي قدمته فريدا جيانيني، مصممة «غوتشي»، بالأخضر كانت به فتحة جانبية عالية، لكنها مع ذلك لم تكن فجة. بالإضافة إلى أن هذه التقنيات منحت الفستان الطويل خفة وزن، فإنها أيضا خلصته من إيحاءاته التي ورثها عن الثمانينات وكانت تغلب عليها المبالغة والتكلف.

لكن رغم تطور التقنيات، يعود الفضل إلى التصاميم في جعله خامة عصرية سواء تعلق الأمر بفستان طويل أو بتنورة مستقيمة أو «توب» أو جاكيت «توكسيدو».

بريق الذهب

* نعم، أزاح المخمل التطريز من طريقه ليأخذ مكانه في خزانة المرأة الأنيقة هذا الشتاء، لكن الذهب ما زالت له رنة قوية، ونظرة إليه تزغلل العين والقلب في الوقت ذاته. فتعلق المرأة بلون هذا المعدن وجماله، جعلها لا تقتصر عليه في مناسبات المساء والسهرة فحسب، بل أيضا في النهار. ويبدو أنه في أوقات الأزمات المالية يزيد الإقبال عليه أكثر، لأنه يمنحها إحساسا بالطمأنينة والثقة على مستقبل أنوثتها، مهما كانت تذبذبات السوق وارتفاع أسعار الذهب. الأمر الذي يعرفه المصممون وبيوت الأزياء العالمية التي أسهبت فيه هذا الموسم بتصاميم مختلفة، تصب كلها في خانة الترف والأناقة والأنوثة، وكأنه السلاح الأكثر تأثيرا لجعل المرأة تصرف مبالغ لا بأس بها على أناقتها. من المصمم أوليفييه روستينغ، في دار «بالمان» إلى توماس ماير مصمم دار «بوتيغا فينيتا» الألماني الذي عانق لسنوات المظهر البسيط والألوان الهادئة، مرورا بإيلي صعب ورالف لورين، كان الذهب اتجاها واضحا لهذا الموسم. مصمم دار «بوتيغا فينيتا» مثلا طرح جاكيت من الجلد مصبوغا بشكل يعطي الانطباع بأنه من اللاميه الذهبي، بينما قدمه لورين وصعب من خلال فساتين تقطر ترفا وتخاطب امرأة تريد أن تسرق الأضواء من غريماته في سهرة مهمة. وطبعا، لا بد من الإشارة إلى مجموعة الثنائي «دولتشي آند غابانا» المستوحاة من فن الباروك، وجاء كل ما فيها يقطر ثراء وذهبا، وربما كان أجملها القطع المخملية المطرزة بالذهب. حتى عندما بالغا فيها، فإنها لم تصب العين بالتخمة، بل العكس، فهذه المبالغة أعطتها حيويتها وجرأتها الشقية، سواء في الفساتين القصيرة أو الكورسيهات أو إكسسوارات الشعر والحقائب والأحذية المطرزة بلون هذا المعدن. تبرير ستيفانو غابانا أن الذهب يذكره بلون الشمس في صقلية، مسقط رأسه، مضيفا: «يذكرني بدفء التقاليد القديمة، كما أنه درامي ويمنح فرصة للتلاعب به، وفي كل الأوقات يوحي بالأمان». ويوافقه شريكه في العمل، دومينيكو دولتشي الرأي، مشيرا إلى أن التناقض بين الأسود والذهبي كان رائعا ومتناغما في أقصى حالات تناقضه.

لكن، بعيدا عن درامية تشكيلة «دولتشي آند غابانا»، فإن الوصفة التي اعتمدها معظم المصممين وساعدتهم على تسويقه لنا، أنهم ركزوا على البساطة في التصميم وعلى إبهار نجمات هوليوود في عصرها الذهبي في الخمسينات. وعلى رأسهم إيلي صعب، الذي نادرا ما تخلى عن هذا اللون في تشكيلاته، ومن منا لا تتذكر تشكيلته الكاملة بهذا اللون التي احتفل فيها، منذ بضع سنوات، بشمس بيروت في عز الأزمة اللبنانية. تشكيلة جعلت الكل يتخوف من أن تصيبنا بالملل، لكنه نجح من خلالها في أن يلفت الأنظار إلى قدرته على التصميم بحيث كانت كل قطعة مختلفة عن الأخرى رغم لونها الواحد. وهذا وحده يؤكد أن رشة من الذهب لا تؤذي بل العكس، فلها مفعول السحر سواء كانت في فستان أو حذاء أو حقيبة يد. رالف لورين استلهم تشكيلته من فيلم «ذي غرايت غاتسبي» الشهيرة للكاتب سكوت فيزتجرالد، لهذا كان الذهب جزءا مهما فيها بالنظر إلى أنها تجسد حقبة ظهور شريحة بدأت تحققت ثروات هائلة، تريد أن تستمتع بها وتستعرضها. أما المصمم الأميركي، الهندي الأصل، نعيم خان، فاعترف بأنه قلما يتخلى عنه قائلا: «لأنه لا يغيب ولا يتأثر بتغيرات الموضة. ولأنه مترف فهو مضمون، ومن الصعب أن ترتكب المرأة أي (جريمة ذوق) إذا اعتمدته بدرجة ملائمة ونوعية جيدة».

* كيف تكونين مخملية؟

- على شكل فستان طويل بتصميم بسيط لكن مبتكر، أي أن يكون بفتحة جانبية أو بياقة مفتوحة عند الصدر حتى تخففي من مظهره الكلاسيكي وصرامته.

- اختاري جاكيت توكسيدو بحواش من المخمل وبنطلون من المخمل أو الصوف أو الجينز بالأسود لكي يمنحك مظهرا عصريا.

- ليس من الضروري أن تختاريه بالأسود، بل العكس، فإن الألوان الأخرى مثل الأزرق النيلي والأخضر والتوتي وغيرها أكثر عمقا وجمالا.

- لا بد هنا من أن يكون بنوعية جيدة وإلا انقلب السحر على الساحر.

- يمكنك الاكتفاء بطوق شعر مبتكر من هذه الخامة، أو حقيبة يد أو إيشارب، يدخلك النادي المخملي بالتدريج إذا لم تستحبي هذه الموضة.

* كيف تتألقين في الذهب؟

- يمكنك الاكتفاء بقميص تلبسينه مع بنطلون مستقيم أو بنطلون جينز باللون الأسود وجاكيت توكسيدو لمظهر شاب إذا خفت من لمسة ميداس.

- إذا وقع اختيارك على فستان سهرة طويل، فراع أن يكون بتصميم بسيط وبأقل التفاصيل والتطريزات، لأنك لست بحاجة إليها.

- مثل التصميم المناسب لمقاييس جسمك، فإن درجة الذهبي أيضا مهمة، فالبرونزي والنحاسي مثلا يناسب السمراوات وذوات الشعر الأسود أكثر.

- يمكنك دائما الاكتفاء بجرعة قليلة من الذهب من خلال الإكسسوارات، فحقيبة يد أو حذاء بلون الذهب مع سلاسل ومجوهرات، يمكن أن يكونا كافيين لمنحك ذلك الإحساس بالثقة والأمان والإبهار الذي يتكلم عنه الخبراء والمصممون.