ستيفان رولان.. قصة إسبانية

ألوان قليلة بأقمشة متعددة

TT

كانت هناك ديناميكية جديدة في عرض ستيفان رولان هذا الأسبوع تتنفسها بمجرد دخولك القاعة التي اختارها بعيدة جدا عن وسط باريس، والسبب كما اعترف لاحقا بأن مساحتها كانت مثالية لما كان يدور بباله منذ عدة أشهر ويلح عليه، ألا وهو إسبانيا. فهذه الوجهة كانت تشده إليها ليس بسبب بعض الدماء التي كانت تجري في عروقه، وليس بسبب المصمم الإسباني كريستوبال بالنسياجا الذي تتلمذ على يده في بداياته، بل بسبب لوحات الفنان الإسباني دييغو فيلاسكيز، رسام البلاط الإسباني في القرن السابع عشر، التي بهرته بألوانها وخطوطها وحفزته على أن يترجمها في فساتين عصرية تقطر بالفنية. وسط القاعة الشاسعة، نصب خشبة مربعة كانت المنصة التي قدم فيها الراقص الإسباني الشهير، رافائيل أمارغو، رقصات مثيرة تباينت بين رقص الفلامنكو والرقص التعبيري. لم يكن وجود أمارغو مجرد ديكور يزيد من حيوية العرض أو لتسلية الحضور، بل كانت له وظيفة يمكن قراءتها من حركاته التي كان يظهر فيها أحيانا مثل وحش كاسر، يريد أن يكسر القيود وينطلق إلى فضاءات أخرى، وكلما تعالت الإيقاعات ودقات كعبه على الأرضية الخشبية، كانت تطل علينا العارضات بفساتين تثير الحلم وكأنهن أميرات إسبانيات من عهد يتأرجح بين الماضي والحاضر. فقد كان المصمم يريد أن يعكس القوة والأنوثة بشكل فكري يعكس خصوبة إسبانيا في شتى الفنون. بدأ رافائيل أمارغو يرقص ويدق بكعبه على الأرض بدقات محسوبة وهو يدور ويتلوى، وفي غمرة إحساسنا بثورته وغليانه، كانت العارضات يتهادين في أزياء مثل الحلم في تناقض مثير بين وحشية الرقصة، أو قوتها، وبين أنوثة الأزياء ورقتها. صحيح أن التصاميم صارمة ورزينة، لكنها أيضا كانت مفعمة بالإثارة، بألوانها الداكنة التي تتباين بين الأسود والأزرق والرمادي الغامق مع رشات قليلة بالأبيض عند الصدر أو في الياقات، وأقمشتها التي يتمازج فيها السميك بالشفاف في تناغم لذيذ.

شملت التشكيلة نحو 33 قطعة، ورغم أنها كانت بألوان لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، فإن تنوع التصاميم ولعب رولان على الأقمشة المتناقضة أحيانا في القطعة الواحدة جعلها تبدو غنية، ولا سيما أنها تضمنت كل البصمات التي عود عليها زبوناته الوفيات من كل أنحاء العالم. لهذا كله، أكد المصمم في هذا العرض، أنه يعيش مرحلة مهمة في حياته حاليا، مرحلة لم يعد يحتاج فيها لإحداث المفاجأة بتقديم الجديد والمبتكر في كل مرة، فهو قد فعل ذلك في عدة مواسم سابقة وأقنع الجميع بقدراته الهندسية التي لا يعلى عليها، وكل ما يحتاجه الآن أن يبدأ في الاستمتاع بما وصل إليه، وإمتاع المرأة بتطوير إبداعاته وإضفاء تفاصيل جديدة عليها، كما يضفي الرسام لمساته على اللوحة. وطبعا لا يمكن أن تكتمل القصة الإسبانية من دون الاستعانة بعارضة سوبر هي نيفيز الفاريز، التي عرفت قمة الشهرة في التسعينات، حيث عملت مع الراحل إيف سان لوران وغيره من الكبار. كانت الفاريز هي عروس العرض الذي أنهته بفستان أبيض يتميز بالبساطة والأناقة، وبالتالي يليق بعروس عصرية تفضل الفنية على الاستعراض. أما البشرى في كل هذا، فهي أن المصمم أطلق مؤخرا خطا من الأزياء الجاهزة سيتوسع أكثر قريبا، مما سيمكن اللاتي ليست لديهن الإمكانيات للانخراط في نادي الهوت كوتير أن يتمتعن بما تجود به عبقريته.