إذا كانت سمعة العاملين في عالم الموضة تتلخص لدى البعض في أنهم أشخاص سطحيون يهتمون بالمظاهر ولا يريدون الاعتراف بمرور الزمن، فإن مصمم دار «شانيل» كارل لاغرفيلد، أكثر من يجسد هذه النظرية. فحتى أسابيع قليلة كان التطرق إلى موضوع عمره من التابوهات التي لا يخوض فيها، أو يقبل أن يسأله عنها أحد. فما سنتذكره دائما أنه المصمم الذي نقص وزنه بنحو النصف لكي يتمكن من ارتداء بدلات ضيقة وشبابية من تصميم إيدي سليمان، مصمم «ديور أوم» سابقا، كما أنه من جعل من ارتداء قفازات اليد من دون أصابع ماركة مسجلة له، ربما للتمويه على ترهل منطقة الكف، إضافة إلى ارتداء قمصان بياقات عالية وصارمة لا تتزحزح عن مكانها فتفضح الجلد الذي تراكم على عنقه بسبب تراكم السنين وإنقاصه وزنه بشكل كبير في فترة قصيرة. طبعا هناك أيضا النظارات الشمسية السوداء التي لا تفارقه في كل المواسم، فباستثناء شعره الفضي، لا شيء في مظهره يشي بأنه بلغ الثمانين من العمر، بما في ذلك ما يقدمه لدار «شانيل» في كل موسم ويغوي به الأجيال الصاعدة قبل الزبونات المخضرمات والمخلصات.
نعم، احتفل المصمم في العاشر من الشهر الماضي بعيد ميلاده الثمانين، بعد أن ظل يحيطه بالكثير من السرية. وذهب في السابق إلى حد الاحتفال به في أوقات مختلفة حتى يخلق المزيد من الحيرة والغموض حوله. في عام 2008 مثلا احتفل بعامه الـ70، وبعد مرور أربع سنوات، أي في عام 2012 احتفل بعامه الـ79. وعندما سئل أن هناك فرق سبع سنوات بين 1933 و1938، أجاب بأن اللوم يقع على والدته التي غيرت ميلاده لسبب لا يعرفه، مضيفا أنه كان من السهل عليه تغيير رقم 3 إلى رقم 8، ولأن المرجح أنه ولد في عام 1933؛ بحكم أن الناس تميل إلى تصغير العمر لا إضافة سنوات عليه، فإن المصمم ولد في عام 1933.
غير أن كارل لاغرفيلد ليس العجوز الوحيد في هذا العالم الذي لا يريد أن يعترف بالشيخوخة، سواء في ابتكاراته أو في أسلوب حياته، فلائحة من تعدوا الـ70 عاما تطول عاما بعد عام ولا تؤثر على العطاءات التي تصلنا منهم. من جيورجيو أرماني الذي سيبلغ الثمانين في شهر يوليو (تموز) المقبل، إلى رالف لورين الذي سيحتفل بعامه الـ74 في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مرورا بعز الدين علايا الذي احتفل بعامه الـ73 منذ ثلاثة أشهر، وفيفيان ويستوود التي ستبلغ الـ72 في شهر أبريل (نيسان) المقبل. كل هؤلاء يعلموننا دروسا بأن الإبداع لا عمر له، ويؤكدون مقولة هنري فورد بأن «كل من يتوقف عن التعلم يصبح عجوزا، سواء كان في العشرين أو الثمانين من العمر... فأروع شيء في الحياة أن يبقى عقلك شابا». أي لا علاقة للعطاء والشباب بالعمر، أمر قد لا تسوقه الموضة دائما، لكن هؤلاء المصممين يجسدونه لنا في كل موسم.