جلد الإبل يدخل عالم المنتجات المترفة

راشنا مالكاني مؤسسة ماركة «نايتيف» تتغنى بجمالياته وتؤكد أنه أقوى من جلد البقر

راشنا مالكاني في مكتبها
TT

مع تزايد الاهتمام بحقيبة اليد، التي لا ينكر أحد أنها الدجاجة التي تبيض ذهبا لمعظم بيوت الأزياء العالمية، كاد المصممون يستنزفون الأفكار والخامات التي يمكن أن تساعدهم على إبقاء الزبون متشوقا للمزيد.. فالأسعار تفوق الألف دولار بكثير عندما تحمل اسم ماركة عالمية، والتصاميم متنوعة ومعظمها يرقص على مفهوم الحرفية العالية ومفهوم «صنع باليد» لتبرير هذه الأسعار. الخامات أيضا تشهد تنوعا وتخضع لتقنيات جد متطورة على أمل أن تضفي على التصاميم مظهرا حداثيا يواكب العصر، وأحيانا تستبقه جريا وراء التميز. آخر هذه الخامات، ظهر في دبي، ويتمثل في جلد الإبل.. نعم قد يثير الأمر بعض الاستغراب، لكن راشنا مالكي، صاحبة ماركة «نايتيف» تتغنى بجماله وقوته. الطريف أنه عند ذكر دبي تتراءى للعين مراكز التسوق الشاسعة ومجمعات التسوق الضخمة التي تضم كل ما يخطر على البال من منتجات فخمة. وهذا ليس غريبا على عاصمة أصبح اسمها لصيقا بالموضة. صحيح أنها، حتى عهد قريب، كانت موضة استهلاكية أكثر منها إنتاجية، إلا أن هذا الأمر يتغير بطريقة حثيثة بفضل مصممين مبدعين بدأوا يحترفون الموضة بدلا من ممارستها بوصفها هواية، ورجال أعمال يدركون أهمية استغلال إمكانات المنطقة في قطع لا تقل فخامة وجودة عما تطرحه بيوت الأزياء العالمية. من هؤلاء راشنا مالكاني، التي تشهد منتجاتها اهتماما كبيرا لأنها مصنوعة من جلد الإبل.. خامة غير مألوفة في صناعة الموضة، كما قالت لـ«الشرق الأوسط»: «لكنها أقوى من جلد العجل، إضافة إلى أنها خامة محلية تدبغ وتجهز هنا في الإمارات».

راشنا، بحكم خلفيتها التجارية انتبهت منذ البداية إلى أن استعمال جلد الإبل يمكن أن تكون له فوائد جمة من الناحية الإنتاجية والتسويقية على حد سواء، لكنها كانت تدرك أيضا أن التصميم لا يقل أهمية، مما دفعها للبحث عن مصمم له اسم وخبرة يساعدها في تحقيق مشروعها، وفي تسليط الضوء على منتجاتها وفرضها في السوق العالمية بجدية. تشرح: «لم أجد صعوبة في إطلاق الماركة لأنه كانت لدينا خلفية وخبرة في هذا المجال، لكننا كنا نحتاج إلى مصمم ماهر وحرفي من إيطاليا بإمكانات عالمية لإعطاء الماركة الدفعة التي تحتاجها للبروز وتسليط الضوء عليها». وتتابع: «دبي غير معروفة بصناعة الموضة وإنتاجها، لهذا كان من الصعب إقناع مصممين عالميين بالأمر، فقد كانت بمثابة المغامرة بالنسبة لهم، لكن كما يقولون؛ إذا كانت هناك عزيمة فإن الأبواب لا بد أن تفتح، خصوصا أن فكرة (نايتيف) كانت مثيرة واستراتيجيتها واضحة».

المصمم الذي قبل دخول التحدي هو الإيطالي فيليبو بوغنيتي، الذي سبق له العمل مع دار «كلوي». فهم فيليبو فكرة «نايتيف» وطموحاتها بسرعة، ونجح في تقديم تصاميم أنيقة من جلود النعام وثعابين الماء وقريبا سيطرح مجموعة من جلد التماسيح، وإن بقي جلد الإبل الأكثر إثارة عندما يذكر اسم «نايتيف». ورغم أن راشنا تشرف على كل شيء، فإنها تعترف بأنها ليست مؤهلة لتكون مصممة، بقدرة ما هي مؤهلة للإشراف على كل صغيرة وكبيرة بحكم خبرتها في مجال المنتجات المترفة، فضلا عن قدرتها على أن تلقط بعينيها وحسها ما تراه تصميما جديدا وجيدا. لهذا تفضل أن تركز على مكمن قوتها، ألا وهو الجانب الإنتاجي بكل تقنياته. تشرح: «تعلمت الجوانب التقنية والإنتاجية على مدى سنوات في معملنا الخاص؛ حيث كنا نزود قطاعات أخرى بمنتجات كنا ننفذها لهم. كنت أشعر بالثقة كلما زادت خبرتي، مما ولد لدي الرغبة في أن أحقق المزيد وأن أخطو إلى الأمام، وهذا ما كان دافعا لولادة ماركة (نايتيف)».

حسها التجاري يجعلها تراهن على أهمية وضرورة أن تصنع منتجاتها بالكامل في دبي، لا سيما أنها مقتنعة بأن الإبداع يمكن أن يولد في أي مكان وليس حكرا على عاصمة بعينها. تقول: «عندما تذكر دبي، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن البنايات العالية والمجمعات الضخمة والتسوق، وقلما يتبادر إلى الذهن أنها عاصمة يمكن أن تولد فيها الموضة، وأن تتوفر على خامات يمكن أن تتحول إلى منتجات مترفة، وهذا ما قررت أن أغيره. فقد حان الوقت لأفاجئ العالم بإطلاق منتجات جلدية طبيعية بخامات محلية تدبغ وتحضر في المنطقة. وحتى التسمية (نايتيف) تم اختيارها لكي تشير إلى المرأة التي تعانق جذورها وإثنيتها وتفخر باستعراضها أمام الملأ».

وهذا ما يفسر ميل راشنا إلى استلهام كثير من الأفكار من المرأة المحلية، التي تقول إنها تراها «امرأة لا تحاول أن تتقمص شخصية غيرها، بل هي واثقة من نفسها، بأنوثتها وبقوتها، وفي الوقت ذاته لا تريد أن تبقى تابعة، لهذا تعتز بأسلوبها الخاص ولا تخشى أن تظهر ذلك للعالم».

أما كيف فكرت في استعمال جلد الإبل في حقائب يد مترفة، فهو أمر لم يولد بين عشية وضحاها، بل أتى نتيجة عدة أبحاث واختبارات حاولت فيها العمل بخامات فريدة وغير مألوفة، قبل أن تكتشف جماليات هذا الجلد. وتعترف أن أكثر ما جذبها إليه أنه لم يستعمل بكثرة في عالم الموضة، رغم أنه يتميز بخاصيات فريدة وجميلة كانت مناسبة جدا لما كانت تفكر به. وتعزو عزوف صناع الموضة عن استعماله لحد الآن إلى عدة أسباب، أهمها سمعة الجمل بأنه حيوان خشن يعيش في الصحراء والعراء مما يؤثر على جلده. وهذا يعني أن الحصول على قطع نظيفة لا تشوبها أي شوائب أو عيوب صعب ويحتاج إلى كثير من البحث والعمل على تنعيمه. إلا أنه له في المقابل عدة إيجابيات، منها أن الحقيبة، مثله، «تصبر» مدة أطول مقارنة بأنواع أخرى من الجلود بما فيها جلد البقر.

* قبل شراء أي حقيبة يد تنصح راشنا بمراعاة عناصر مهمة على رأسها:

- أن يناسب تصميمها الأسلوب الخاص لصاحبتها، علما بأن جمال التصميم لا يكمن في زخرفاتها، بل في هدوئه الذي يمكن أن يفي بكل المطلوب من دون أن يصرخ مستجديا الانتباه.

- التأكد من جودتها بكل تفاصيلها، بدءا من خامتها، إلى الطريقة التي نفذت بها، إضافة إلى مدى حرفيتها.

- أن تكون عملية وقوية، وألا تكون صرعة موسمية ترتبط بفترة معينة تنتهي صلاحيتها بعد موسم واحد.