المصمم البرتغالي الذي حقق لدار لاكوست بطولات في الأناقة الرياضية

فيليب أوليفيرا باتيستا: لو عاد بي الزمن إلى الوراء لكنت غيرت كل شيء في حياتي

المصمم فيليب أوليفيرا باتيستا
TT

منذ دخوله عالم الموضة وخطوات المصمم البرتغالي فيليب أوليفيرا باتيستا واثقة لم تتعثر أو تتعرض لأي مطبات تذكر، بل العكس، فهو يتدرج من نجاح إلى آخر بطريقة «عضوية» إن صح القول. بعد فوزه بعدة جوائز، منها جائزة مهرجان «دي هييرز» و«أندام» أطلق خطه الخاص في عام 2003، ولم تمر إلا فترة قصيرة حتى لفت أنظار دار «لاكوست» الأميركية وطلبت منه الانضمام إليها. فقد كانت تبحث عن مصمم شاب ومتفتح يعوضها عن خسارة مصممها السابق كريستوف لومير، الذي التحق بدار «هيرميس». لم يجد صعوبة في التأقلم مع أسلوب الدار، فقد غاص في إرثها وفهم تطلعاتها بأن يحقنها بجرعة أوروبية حيوية مطبوعة بأسلوبه الخاص. أسلوب يميل إلى الخطوط الواضحة والتلاعب على الذكوري والأنثوي، وهو ما أضافه على أسلوب «لاكوست» الرياضي، لتأتي الخلطة مثيرة وعصرية في الوقت ذاته. خلال أسبوع نيويورك الأخير، أثارت تشكيلته لخريف 2014 وشتاء 2015 الكثير من الاهتمام. فقد ارتقى فيها الـ«سبور» إلى مستوى جديد، شرحه فيليبي أوليفيرا باتيستا بأنه عودة إلى جذور الدار وشخصيتها. ففي العام الماضي توجه إلى منطقة الباسك في فرنسا لزيارة ملعب شانتاكو (Chantaco) للغولف الذي بناه والد بطلة الغولف وزوجة رينيه لاكوست في العام الماضي. فقد سمع أن الملعب يعد ملاذا يجمع بين الطبيعة والهندسة المعمارية من جهة، والرياضة والترفيه من جهة أخرى. في هذا الملعب التقط أوليفيرا باتيستا سلسلة من الصور ألهمت تشكيلته الأخيرة. فقد جاءت أحادية اللون بأطياف من الأخضر العشبي والبيج، ليذكرنا بهدوء النادي الريفي ويذكرنا بالزمن الجميل، الذي يتجلى في الـ«آرت ديكو» ويذكرنا بجذور كل من رينيه لاكوست وزوجته سيمون الارستقراطية، حيث كانا يستقبلان ضيوفهما في إجازات نهاية الأسبوع.

قبل عرضه الأخير هذا، كان له لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»، تحدث فيه عن أسلوبه ودوره في تطوير دار أصبحت جزءا من الثقافة الأميركية، وسوقت للعالم أجمع قطعة أيقونية هي «تي - شيرت البولو». إجاباته كانت مقتضبة تشي ببخل في الكلام، إلا أنها كانت مركزة ليس فيها أي مراوغة أو محاولة لتجميل الصورة وتلميعها. يقول إنه دخل مجال الموضة بالصدفة، حيث قصد العاصمة البريطانية لندن، على أمل العمل في التصوير الفوتوغرافي أو التصميم الغرافيكي، ولم يكن يتصور أنه سيعمل في الموضة، لكنه وجد نفسه فجأة ومن دون سابق إصرار أو تعمد، جزءا منها. فقد حصل على عمل مع بيوت أزياء ومصممين مهمين مثل «ماكس مارا» و«تشيروتي» وكريستوف لومير. البداية كانت صعبة في السنوات الأولى، لكنه تعلم منها أشياء كثيرة، حفزته على إخراج كل طاقاته حتى يفرض نفسه واسمه.

* ما النقلة التي غيرت حياتك أو مسارك العملي؟

- عندما فزت بالجائزة الكبرى في مهرجان «ذي هييرز» في عام 2002. بين ليلة وضحاها تحولت من مصمم شاب يطرق الأبواب بحثا عن فرصة، إلى مصمم تطلبه بيوت الأزياء وتسأل عنه.

* ماذا عن نقلتك إلى «لاكوست»؟ هل غيرت حياتك؟

- تغيرات كثيرة حصلت من وراء هذه النقلة، خصوصا أني بطبعي أحب فكرة أن أتعلم من كل تجربة، مهما كان حجمها. كانت فكرة التعلم هي التي شجعتني على قبول هذا المنصب، خصوصا أن العمل مع فريق عمل كبير وعلى مستوى عال من الحرفية، كان تحديا جديدا بالنسبة لي آنذاك.

* ماذا كان تصورك عندما التحقت بهذه الدار الأميركية؟ وما الذي شعرت به عندما تلقيت العرض؟

- كلما غصت فيها شعرت بأن المؤسس رينيه لاكوست كان يتمتع بنظرة مستقبلية وواضحة، وبأنه كان رائدا وثوريا في مجاله، وليس أدل على هذا من تصاميمه الرياضية، التي أصبحت جزءا من الثقافة الأميركية. يمكنني القول إني تأثرت به كثيرا، إلى حد القول إن قصته ونظرته للحياة يلهمانني. فأنا أومن بأن تكون الماركة قوية وديناميكية وفي الوقت ذاته أنيقة وعملية.

* هل كان التحاقك بها بعد كريستوف لومير، الذي انتقل لدار «هيرميس» صعبا كونه قدم للدار تشكيلات ناجحة؟

- كريستوف بدأ عملية التطوير في «لاكوست»، ولم يكن هناك مجال للتوقف بل كان لا بد من إكمال المشوار.

* ما النقاط الأساسية التي انطلقت منها في تشكيلاتك للدار؟ بمعنى ما الذي حافظت عليه وما الذي تخلصت منه وتجاهلته؟

- كان لا بد أن أضيف بصمتي الخاصة مع الحفاظ على هوية الدار واحترام جيناتها وروحها، وهذا كان تحديا بحد ذاته، وأتمنى أن أكون قد توفقت في ذلك.

* احتفلت لاكوست مؤخرا بمرور 80 عاما على تأسيسها، كيف تتعامل مع كل هذا الإرث؟ وكيف يمكن الاحتفال به بمستوى يليق بها؟

- بهذه المناسبة، دعت الدار 9 شركات فرنسية هي: باكارا، برنادو، بوشرون، كريستوفل، فوشون، غويار، هيرميس، إس.تي.ديبون، فوف كليكو، للمشاركة في هذا الاحتفال. طلب من كل واحدة منها التعامل مع رمز الدار، التمساح، بطريقة خاصة من خلال هدية حصرية تعكس احترامهم لعالم لاكوست.

* أنت تصمم للمرأة وللرجل، من برأيك رجل «لاكوست» الذي تتوجه إليه؟

- قد يكون الوصف من الكليشيهات لكنه رجل يتمتع بأناقة طبيعية وفطرية إلى حد ما، لأن الماركة ديمقراطية تخاطب كل الرجال وكل الإمكانات، في كل أنحاء العالم. هو أيضا رجل يحب الانطلاق والحرية.

* بحكم أنك تصمم للجنسين، كيف تفرق عملية التصميم للرجل عن عملية التصميم للمرأة؟

- المسألة ليست صعبة، وأعتقد أن أي مصمم يستطيع أن يكيف فلسفة التصميم لكلا الجنسين.

* لاكوست مشهورة بصفتها الرياضية المنطلقة، ما الذي يعنيه هذا الوصف؟

- إننا نحاول أن نضفي على التصاميم لمسة مدنية حتى يمكن للرجل أن يلبسها في كل يوم من أيام الأسبوع، وفي الوقت ذاته تطعيمها بلمسة رياضية واضحة الخطوط تروق للعين ويسهل استعمالها في أي وقت وفي أي مكان.

* الكثير من بيوت الأزياء يفخرون بقطعة أيقونية يعودون إليها في كل موسم، مثل المعطف الممطر لـ«بيربيري»، جاكيت التويد لـ«شانيل»، ماذا عن «لاكوست»؟

- طبعا هو الـ«تي - شيرت» البولو L1212 فهو أيقوني.

* قدمت عروضا في السابق في باريس، كيف وجدت العرض في أسبوع نيويورك بالمقارنة؟ وأيهما تفضل؟

- أسبوع نيويورك هو الوحيد الذي يمكنك أن تقدم فيه أزياء رجالية ونسائية على حد سواء. وبما أن لاكوست رياضية أكثر منها «هوت كوتير»، من الصعب المقارنة أو الاختيار بينهما. لا يمكن القول إن هذه أحسن أو تمنح متعة أكبر من الأخرى، فلكل واحدة روحها ومكانتها ومكانها.

* لا تزال تصمم خطك الخاص الذي يحمل اسمك، فيليب أوليفيرا باتيستا، كيف توازن بين الاثنين؟

- أنا محظوظ لأن زوجتي تدعمني، فهي التي تشرف على إدارة كل الأعمال، لهذا أستطيع أن أقوم بعدة مهام من دون أي صعوبة. فأنا أثق فيها وليس هناك أحد يفهم عملي أكثر منها.

* لكن بعض المصممين في وضعك، يعترفون بأنهم يصابون أحيانا بنوع من انفصام الشخصية، كيف يمكن أن تغير مزاجك في كل مرة تصمم فيها تشكيلة بروح مختلفة؟

- في باريس أنا أعرض تشكيلة راقية، في أسبوع الـ«هوت كوتير» وهذه تتطلب أسلوبا وتقنيات مختلفة تماما، ما يجعلها لا تتعارض مع ما أقدمه من أزياء جاهزة لـ«لاكوست». ففي هذه الأخيرة، مثلا، ألتقط أفكاري من أحداث الشارع ومن المحيط الرياضي. وهذا يعني أني أحرص على وضع كل واحدة في إطارها الخاص، وإن كان هناك عنصر مشترك بينها دائما يتمثل في أني أحرص أن تكون كل التشكيلات أنيقة بروح ارستقراطية، والمهم أن تتكلم لغة الزمان والمكان.

* هل تلاحظ أن عالم الموضة أصبح يميل إلى المبالغة في الترف، كيف تجعل ما تقدمه مناسبا للواقع ومعقولا ضمن كل الأسماء التي تولد في كل موسم تقريبا؟

- بالفعل، كل يوم تولد ماركة جديدة تطلق تشكيلات لا تعد ولا تحصى، لأنه عليها أن تسوق وتبيع. نعم هناك فائض في السوق إلى حد التخمة. لكن هذه العروض الضخمة أحيانا تقدم تشكيلات ضعيفة من حيث الجودة وتعتمد على مبالغة غير واقعية.

* ماذا يعني لك الترف كمصمم وكرجل؟

- الترف بالنسبة لي أن أقضي بعض الوقت مع عائلتي، وأجمل الأوقات حين أوصل أولادي إلى المدرسة بعد فنجان قهوة.

* إذا كانت هناك نصيحة يمكن أن تقدمها للرجل حول الأساسيات التي يحتاجها، ماذا تكون؟

- أن يكون له أسلوب خاص، طبيعي يتسم بأناقة غير متكلفة ومعقدة.

* لو عاد بك الزمن إلى الوراء، ماذا ستغير في حياتك؟

- كل شيء.