«سيبيل» حقيبة إيغنر.. تتوجه للصيف بألوانها ولسيدات الأعمال بكلاسيكيتها

تعكس ثقافة ألمانيا في الاهتمام بكل التفاصيل الدقيقة

من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2014، حيث طغت التصاميم المستوحاة من أجواء السفر والرحلات
TT

سمعنا كثيرا عن «صنع في إيطاليا» و«صنع في بريطانيا» ولم نسمع سوى القليل عن «صنع في ألمانيا» رغم أن الكل يشهد لهذه الأخيرة بدقة وإتقان كل ما تنتجه، سواء كان سيارة أو طيارة. دار «إيغنر» تريد أن تغير هذا بعد أن اقتحمت عالم الموضة بقوة أخيرا، متسلحة بأسلوب كلاسيكي عصري من جهة، وبإرث غني يعود إلى الثلاثينات من جهة ثانية. إرث لم تستكن له، بل تجدده في كل موسم لتفرض علامتها، التي تأخذ شكل حدوة حصان مكونة من الحرف الأول من اسمها A. لو سالت أي ألماني، لشهد بأنها أهم دار في ألمانيا. فهي لا تقدم أزياء أو إكسسوارات فحسب، بل أسلوب حياة.

قصة «إيغنر» بدأت في الثلاثينات من القرن الماضي على يد هنغاري الأصل اسمه إيتيان إيغنر، كان يصنع حقائب يد تجد طريقها دائما إلى عروض باريس للـ«هوت كوتير» تحديدا. وفي الخمسينات، التي شهدت تراجع السوق الأوروبية وتزايد أهمية السوق الأميركية، شعر إيغنر بحسه بأن نيويورك هي المستقبل، مما شجعه على تقديم إنتاجاته في أسبوعها. في هذه الحقبة أيضا، ولد لوغو الدار، حدوة الحصان المشكلة من الحرف الأول من اسمه العائلي A. كانت هذه بداية النجاح والتوسع العالمي الذي لم يتوقف إلى اليوم. لكن ما من شك في أن الستينات والسبعينات، كانتا الفترة التي شهدت فيها الماركة أوجها، وبدأت تتحول فيها إلى أسلوب حياة. في الثمانينات، ومع ازدهار مفهوم الكثير القليل، بقيت الدار مخلصة لأسلوبها رغم أنها كانت تسبح ضد التيار. لحسن الحظ، أن موضة الثمانينات لم تستمر طويلا، لأن الناس سرعان ما ملت من اللوغوهات العريضة، وموضة الاستعراض بكل أشكاله ودوافعه، مما جعل بيوتا مثل «إيغنر» تستعيد قوتها وزخمها، الأمر الذي تشير إليه عروض أزيائها المبهرة وإكسسواراتها المترفة التي تناسب متطلبات العصر. ففي التسعينات، أدركت أن الإكسسوارات وحدها لم تعد كافية، وأن الموضة باتت تتطلب أسلوبا متكاملا من الرأس إلى أخمص القدمين. وهذا يعني شيئا واحدا: التوسع في مجال الأزياء النسائية والرجالية على حد سواء، سرعان ما أتبعته بإكسسوارات أخرى مثل النظارات الشمسية والساعات والمجوهرات. ومنذ عام 2004، بدأت تقدم عروض أزياء في أسبوع ميلانو محققة نجاحا كبيرا، بأسلوبها في التفصيل الذي يتوجه إلى امرأة واثقة وعاملة تريد أن يكون لها أسلوبها الخاص، لا أن تكون تابعة وضحية لإملاءات الموضة الموسمية. والمتابع لما تقدمه أخيرا، يتأكد أنها خضعت لعملية تجميل ناجحة لم تسلم منها حتى علامتها، حدوة الحصان، التي لا تزال تزين حقائب اليد وباقي المنتجات لكن بحجم أصغر وأهدأ.

أما الفضل في نجاح هذه العملية، فيعود إلى سيبل شون، الرئيسة التنفيذية للدار منذ عام 2008. فهي التي ساهمت في توسع الدار إلى كل أنحاء العالم، في أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، كما يعود إلى مصممها الشاب كريستيان بيك. فهذا الأخير تعلم التفصيل على أصوله في بداية حياته العملية، حيث بدأ العمل مع بيوت أزياء مثل «بيربيري» و«جوب». في عام 2006، التحق بالماركة الألمانية «غولدفيل» كمصمم لجانب الإكسسوارات فيها، وفي عام 2008 شد انتباه «إيغنر»، فما كان منها إلى أن أغوته للالتحاق بها، الأمر الذي لم يستطع مقاومته، لا سيما أن مساحة الإبداع فيها كانت كبيرة. وبالفعل، لم يمر سوى سنتين على انضمامه إليها حتى أصبح رئيسا لقسم الإكسسوارات. وفي بداية 2012، ترقى لدور مشرف على كل الجوانب الفنية في الدار، إضافة إلى دوره كرئيس لقسم التصميم الفني.

ولم يخيب الآمال فيه، بدليل أنه في كل موسم، يؤكد أنه يقدم أسلوبا مختلفا عما يقدمه غيره من الشباب. فهو يتقن لغة عالمية تعشق تفاصيلها كل نساء العالم. في عرضه الأخير مثلا، خلال أسبوع ميلانو، لخص كل معاني الفخامة والابتكار في تشكيلة تركت الكل مشدوها، ليس لجمالها لأن مصممي ميلانو يتقنون صنع الجمال، لكن لتلك التفاصيل التي كانت تظهر تارة على الخصر، وتارة أخرى على الجانب، فضلا عن التفصيل الذي يحاكي الهوت كوتير، سواء تعلق الأمر بتنورة للنهار أو فستان طويل للمساء. لم يكن هناك فرق بالنسبة للمصمم الشاب، فمهمته أن يرضي المرأة ويذكرها بأن ما «صنع في ألمانيا» يخدمها في كل المناسبات. لم تكن هناك شطحات أو جنون، رغم أنه من السهل على أي مصمم شاب مثله أن يقع ضحية الرغبة في الظهور ولفت الانتباه إلى خياله الخصب، في المقابل، كان هناك ابتكار محسوب تؤدي فيه كل قطعة وظيفة عملية. كان واضحا أنه يتمتع بذكاء فنان ووفاء وريث يقدر تاريخ الدار الغني، لأنه غاص في أرشيفها وصاغ منه تشكيلة تتراقص على الماضي والفينتاج من دون أن يتجاهل متطلبات العصر. والنتيجة كانت حرفية عالية، تعتمد على جلود في غاية الترف والنعومة كما على تصاميم تشي بخيال خصب. ورغم أن كل ما في التشكيلة يثير الرغبة فيه، تبقى حقائب اليد هي النجمة التي تعتمد عليها الدار لتبيع وتقوي جانب الأزياء، لسبب مهم وهو أنها متاحة للأغلبية من ناحية سعرها. وطبعا، فإن النجمة هنا هي حقيبة «سيبل» (Cybill) الأيقونية، وهي حقيبة ولدت أول مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 وأخذت اسمها من اسم سيبل شون، الرئيسة التنفيذية للدار وتعكس أناقتها وشخصيتها كسيدة أعمال ناجحة، والأهم تلبي حاجتها إلى حقيبة تحمل فيها كل أغراضها الأساسية من دون أن تؤثر على شكلها. وهكذا، جاءت الحقيبة تضج بتقاليد الدار الألمانية في التصميم ممزوجة بحرفية إيطالية عالية في التعامل مع الجلود، مما يجعلها كلاسيكية بكل المقاييس.