الجينز.. يكتسح سوق الموضة مرة أخرى

بعد أن أكد أنه قماش كل المواسم واعترف كبار المصممين بجمالياته

من عرض «شانيل» في دالاس - لوي فويتون - ديسكوارد 2 - من عرض دار «بالمان» لربيع وصيف 2014
TT

الراحل إيف سان لوران قال إنه كان يتمنى لو كان من اخترعه، ومصمم دار «شانيل»، كارل لاغرفيلد لم يخف إعجابه به، مصرحا في عدة مناسبات بأنه يعشقه؛ «فهو اليوم قماش عالمي، والموضة من دونه لا شيء». إنه بكل بساطة قماش الدينم أو الجينز، الذي بدأ بروليتاريا موجها لعمال المناجم وانتهى إلى خزانات الأنيقات بعد أن وصل سعر القطعة منه في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات. فقد دخل الموضة من أوسع الأبواب، بعد أن أتبع المصممون كلامهم بالفعل وطرحوه لكل المواسم، بمن فيهم كارل لاغرفيلد، الذي كان أول من أدخله إلى الهوت كوتير منذ بضع سنوات. فهذا المصمم، الذي لا يخفي أهمية قراءة نبض الشارع ومتابعته، قال حينها إن بنطلون جينز ضيقا مع «تي - شيرت» وحذاء منخفض «هو الأسلوب الذي تعانقه المرأة حاليا، والهوت كوتير ليست حكرا على المرأة الناضجة فحسب». أخيرا، عاد إليه في تشكيلته السنوية المعنونة بـ«لي ميتييه داغ» التي تحتفي فيها الدار بالحرفيين وقدراتهم على التطريز والترصيع وغيرها من التقنيات التي تجعل من دار «شانيل» أكثر تميزا عن غيرها. وغني عن القول إن هذه القطع جاءت مطرزة وخاصة جدا بمحدوديتها وحرفيتها العالية التي ارتقت بالدينم إلى مصاف أقمشة مترفة أخرى مثل الموسلين والحرير والساتان وغيرها من الأقمشة التي تعودنا أن تكون مطرزة. سبب احتفال الدار به هذه المرة، أن العرض أقيم بدالاس الأميركية، مما أوحى له أن هذا القماش يجب أن يكون المحور الذي تدور عليه التشكيلة، بحكم أنه ولد في أميركا وشهد أولى خطواته وشهرته فيها عندما ظهر به كل من النجم جيمس دين والنجمة مارلين مونرو في منتصف القرن الماضي، مما أكسبه إثارة تتعدى العملية إلى الأناقة. ورغم أنه لم يختف من الساحة منذ ذلك الحين، فإنه خلال أسابيع الموضة العالمية للموسمين الحاليين، اكتسب قوة غير مسبوقة، حيث ظهر في عدة عروض مهمة، نذكر منها آخر تشكيلة قدمها مارك جايكوبس لدار «لوي فويتون»، وعرض دار «بالمان»، حيث ظهر في جاكيتات وتنورات مطرزة بسخاء، بينما لعبت دونا كاران على الجانب البوهيمي فيه، وأليكسيس مابيل وإيزابيل مارون على الجانب المرح والأنثوي منه.

الموضة، كما يعرف الجميع، متغيرة، وفي حين لا يفترض أن يكون التغيير جذريا، إلا أن المتوقع أن تتجدد في كل موسم بشكل يناسب إيقاع العصر، مع مراعاة ثقافة الشارع وما ترتاح إليه المرأة، وذلك بصياغته لها بالشكل الذي يتماشى مع أناقتها ومستواها. وهذا يعني أنها إذا كانت من زبونات الهوت كوتير، لكنها شابة في مقتبل العمر، فإنها لا تريد أن تتخلى عن الجينز، لكنها تريده أن يكون بأسلوب راق، وهذا ما تحصل عليه الآن.

- شهدت مبيعاته ارتفاعا في معظم المحلات ببريطانيا وأميركا، وتقدر نسبة هذا الارتفاع بـ14 في المائة خلال الأشهر الأخيرة مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي حسب دراسة نشرها موقع «إيديتد»، متوقعا زيادة أكبر في الربع المقبل.

والسبب حسب الخبراء ليس جديدا، فهو يروق لجميع الأذواق ويخاطب كل المواسم والأعمار، فضلا عن أن التصاميم تزيد إغراء وأناقة، بعد أن توسعت لتشمل فساتين وقمصانا وجاكيتات وغيرها. لهذا ليس غريبا أن نشهد ما يشبه نهضة ذهبية له، ولا نبالغ أن قلنا إن بعض القطع بسعر الذهب، من حيث إنها تتعدى آلاف الدولارات.

- جدير بالذكر أنه لم يغب من ساحة الموضة ولم يخفت وهجه عبر العقود. في السبعينات ظهر باللون الأزرق على يد المصممة غلوريا فاندربيلت، وفي الثمانينات سوقته لنا دار «كالفن كلاين» من خلال النجمة بروك شيلدز، وفي التسعينات وفي الفترة التي كان فيها مصمما لدار «غوتشي»، قدمه لنا توم فورد مزينا بالريش، أما الآن فإن كل مصمم تقريبا يلجأ إليه لجذب المرأة والرجل على حد سواء. فهو أولا وأخيرا قماش ديمقراطي لا يعترف بالاختلافات الجنسية أو العمرية أو حتى القدرات المادية، إذ يمكن لأي أحد أن يجد ما يناسبه وأسلوب حياته حسب إمكاناته. ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن الزبائن لم يعودوا يقبلون على تصاميم عادية بأسعار رخيصة، فهم يفضلونها مميزة تبدو مفصلة على مقاسهم بغض النظر عن السعر، مما شجع محلات «سيلفريدجز» اللندنية في الصيف الماضي على خلق مساحة تقدر بـ26.00 قدم مربع لعرض كل ما هو مصنوع من الدينم، عرف إقبالا كبيرا من قبل الزبائن التواقين إلى كل ما هو غال ونفيس ومميز. بنطلون جينز من «جونيا واتانابي» مثلا عرض بسعر 535 جنيها إسترلينيا ومع ذلك لا يزال مطلوبا لحد الآن، ويتوقع أن تنال قطعا أخرى مثل فستان من «ماريوس شواب» بـ702 جنيه إسترليني، بنطلون الجينز من تصميم مارك جايكوبس لدار «لوي فويتون» المطرز يقدر سعره بـ1.090 جنيها إسترلينيا. تصاميم وأسعار تضع الجينز في سياق مختلف عما كان عليه منذ سنوات. وصديري من «جيفنشي» بـ1.300 جنيه إسترليني يأتي مع تنورة من نفس القماش بكشاكش بـ700 جنيه إسترليني نفس النجاح.

ففي الصيف، تريد المرأة الانطلاق والتخلص من الكثير من القيود التي يفرضها البرد، وليس هناك أفضل من الدينم له القدرة على التحمل وفي الوقت ذاته منحها إطلالة عصرية ومنطلقة، خصوصا أن واحدة من أهم الاتجاهات حاليا هو الأسلوب الـ«سبور» المستوحى من الملابس الرياضية، الأمر الذي شهد دخول بعض هذه القطع الرياضية إلى مناسبات المساء والسهرة في مشهد لم يمكن تصوره من قبل، ويجعل الدينم يبدو كلاسيكيا بالمقارنة.