جون روشا يعتزل في القمة

لن يشارك في أسبوع الموضة اللندني بعد 29 سنة ليعيش حياته بعيدا عن الضغوط

الأحجام الهندسية الضخمة والأسود والإكسسوارات اللافتة عناصر أساسية في عروضه - من عرض «شانيل» - يحيي الجمهور بعد عرضه لخريف وشتاء 2013
TT

لعل أصعب قرار يتخذه أي مبدع أن يلقي بأدواته جانبا ويقرر الاعتزال، وهو ما شعرت به أوساط الموضة عندما أعلن المصمم جون روشا أنه نوى أن يعتزل عروض الأزياء لما تسببه من ضغوط وتأثير على الحياة الشخصية. صحيح أنه لم يركن أدواته ولن يتوقف عن التصميم، حيث إن القرار يشمل العرض في أسبوع لندن للموضة فقط، إلا أن الكل تفاجأ بالقرار باعتباره في القمة حاليا، وواحدا من أعمدة الأسبوع ووجها مألوفا فيه منذ عام 1985. عند مواجهته بالاستغراب من هذا القرار، شرح أنه يفضل الانسحاب وهو في قمة نجاحه، مضيفا أن الوقت مناسب جدا لكي يطوي صفحة من مشواره الغني ليبدأ أخرى. وأشار: «إذا بقيت، أريد أن يكون لدي ما أقوله حتى أحافظ على المستوى العالي الذي حققته. في الموسمين الماضيين، نظرت إلى ما قدمته وقلت مع نفسي إن هذا أفضل عمل يمكن أن أقدمه ومن الصعب تقديم ما هو أحسن». وتابع: «في السنوات الأخيرة، رأيت ظهور الكثير من المواهب والمصممين الشباب، ما جعل المنافسة معهم تتطلب جهدا كبيرا، لهذا قررت مع نفسي أني لست من النوع الذي سيعمل إلى أن يموت». ولم يخف سعادته بأنه اتخذ قراره وهو في القمة «عندما بدأ الناس يفهمون أسلوبي ويقدرونه أخيرا، وهو أقصى ما كنت أتمناه.. الآن، جاء الوقت لكي أعانق المستقبل.. أن أغير حياتي».

كانت أول مرة شارك فيها جون روشا في البرنامج الرسمي لأسبوع الموضة بلندن في عام 1985، وطوال الـ29 سنة التي تلت ذلك، حقق الكثير من النجاحات التجارية والفنية، بفضل أسلوبه الذي يحاكي الـ«هوت كوتير»، والذي يتميز بالأشكال الهندسية ذات الأحجام الضخمة والأسود الذي خفف منه في السنوات الأخيرة والإكسسوارات اللافتة. قدرته على إبداع قطع لا تعترف بزمن وفي الوقت ذاته تتميز بالحداثة وروح لندن الجريئة - جعلته واحدا من أهم المصممين في الساحة البريطانية، حيث فاز بجائزة مصمم العام في 1993، ووسام الشرف من الملكة لإسهاماته ودوره في إنعاش صناعة الموضة في عام 2002.

الآن وبعد أن عايش النجاح الذي تحققه ابنته سيمون روشا في الساحة العالمية ومصممون آخرون من جيلها، شعر بأن الوقت حان لكي يبدأ بالاستمتاع بحياته الشخصية وما حققه من نجاحات لحد الآن. يقول: «يسألني الناس لماذا أريد الانسحاب الآن، وأجيبهم بأني غادرت مسقط رأسي هونغ كونغ في عام 1971. ودخلت دوامة العمل من دون توقف، إلى حد أني لم أحتفل ولو مرة بالعام الصيني مع عائلتي، لأنه دائما يتزامن مع عروض الأزياء في شهر فبراير (شباط)، كما أني وطوال الـ40 سنة لم آخذ إجازة طويلة تتعدى العشرة أيام، الآن شعرت بأني بلغت مرحلة في حياتي بات علي فيها أن أعيش وفق برنامجي الخاص وليس وفق برنامج أسابيع الموضة.. التوقف عنها سيتيح لي ذلك، علما بأنه قرار ليس سهلا ولم آخذه بسرعة».

في مثل هذه الحالات، يسلم المصمم المشعل إلى يده اليمنى، كما يطلق على المساعد الأول، لكن في حالة جون روشا، فإن الوضع مختلف لأنه كان يشرف على كل صغيرة وكبيرة بنفسه وبشكل مباشر. فقد أراد من البداية أن يكون هو الكل في الكل، وعندما سيتوقف فإنه لا أحد يستطيع أن يأخذ مكانه «إنه قراري الشخصي» حسب اعترافه. لحسن الحظ أن الوقت لم يحن بعد لكي يتوقف تماما، فلحد الآن هو ينوي فقط عدم المشاركة في أسبوع الموضة وسيستمر في التصميم والبحث عن فلسفات وتقنيات جديدة في هذا المجال، الأمر الذي يعشقه إلى جانب الهندسة المعمارية وممارسة هواية الصيد، إضافة إلى التعامل مع محلات تجارية كبيرة وغيرها. أي إن العملية كلها لن تؤثر على سير العمل في معامله ومكاتبه ولا على وظائف العاملين معه.

في المقابل، لن يغيب اسم روشا من لائحة أسبوع الموضة اللندني، لأن ابنته سيمون روشا، التي فازت بجائزة مصممة العام في 2013، من الأسماء المرحب بها في الأسبوع. وهذا يعني أنها ستكمل مسيرته نوعا ما، وإن بأسلوبها الخاص.