عبقرية الإحساس

أنس زاهد

TT

لا أعتقد ان هناك مؤلفاً موسيقياً يمتلك الزخم الشعوري الذي يمتلكه بتهوفن. في سيمفونياته تتكرر الجملة الموسيقية الواحدة عشرات المرات، لكن يبقى لكل مرة مذاقها الخاص وشخصيتها المستقلة ونكهتها المختلفة.

بتهوفن قادر على التعاطي مع الأمور بكل حواسه، وقادر على التفاعل مع الأشياء بمختلف درجات أحاسيسه.. وهذا ما يجعله قادراً على صياغة الجملة الموسيقية الواحدة بأشكال كثيرة ومتعددة.

في سيمفونيته السادسة المشهورة بـ«السيمفونية الريفية» وفي الحركة الأولى بالتحديد، قام بتهوفن بصياغة الجملة الرئيسية مرات عديدة، وفي كل صياغة كان بتهوفن يقدم جملته الرئيسية وكأنك تستمع اليها للمرة الأولى.

طبعاً قدرة بتهوفن على التوزيع الهمته القدرة على القراءة بكل هذا الزخم، لكن التوزيع يظل جزءاً من عملية التأليف ذاتها.. وهذا يعني انه لا يكفي لابداع نص موسيقي يتوفر على كل هذا الثراء والخصوصية.

الأساس في رأيي هو القدرة على ابتكار الجمل الموسيقية المفتوحة على كل هذا الكم من الآفاق.. وهذه بدون شك هي سر عبقرية بتهوفن وتميزه. لكن تظل القدرة على الابتكار في حالة بتهوفن تابعة لقدرة أخرى، هي القدرة على ارهاف الحواس بمختلف اشكالها وعلى جميع مستوياتها.

موسيقى بتهوفن هي عبقرية احساس قبل أي شيء آخر.