لجنة الشباب في «النادي الثقافي العربي» تكرم ناجي العلي في بيروت

TT

لا شك أن رسومات الفنان الكاريكاتوري ناجي العالي ستبقى رمزا يجسد آمال شعب ما يزال يثور من أجل التحرير والعودة المنتظرين، وأنها ستكون دوما عنوانا لآلام هذا الشعب ومعاناته المتجددة مع بزوغ كل فجر، وبالتالي ستصلح لكل أزمنة نضال الفلسطينيين المستمر منذ أكثر من نصف قرن. كيف لا والفنان الشهيد لم يعرف المهادنة يوما، كما لم يتخل عن أفكاره الوطنية وخطه القومي بل دفع حياته ثمنا لمواقفه والتزامه قضية شعبه مقابل تخاذل الأنظمة العربية وهشاشتها.

من أجل كل هذا، وكي يبقى ناجي العلي مخلدا في الذاكرة العربية كرمته لجنة الشباب في «النادي الثقافي العربي»، من خلال معرض فني يجمعه مع رفاق ريشته كبادرة تحية له ولكل منتفض في الأرض الفلسطينية المباركة لمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاغتياله في لندن.

واللجنة تتذكر العلي للسنة الثالثة على التوالي بعد أن عرضت في السنة الأولى فيلما عنه للممثل المصري نور الشريف ونظمت للغاية حلقة نقاشية حول الفيلم وفكر الفنان المناضل ثم أقامت معرضا خاصا برسوماته في السنة التالية، وهي تحاول تطوير الفكرة سنة بعد أخرى على أمل أن يصبح تكريمه تقليدا سنويا ضمن نشاطاتها.

وتطالعك على مدخل المعرض لوحات لناجي العلي تنطوي على الصدق في الفكرة والتكوين وتشير إلى طبعه الانفعالي الحاد الذي يتجلى بشكل خاص في شخصية حنظلة السلبية التي يعبر من خلالها عن كل ما يجول في خاطر الأمة العربية من قضايا، ويلفتك في الأعمال المعروضة صمود المرأة الفلسطينية المقاومة والمتفائلة بالعودة رغم الحصار، كذلك موقفه من الأنظمة العربية المتخاذلة حيث يعلن على لسان المطبعة التي صورها في أحد رسوماته: «أفضل أن أنسف على أن أطبع كلمة واحدة للأنظمة المستسلمة».

كما يساهم سبعة فنانين كاريكاتوريين في لوحة من وحي القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الإسرائيلي والمجازر الصهيونية في حق شعب يعاني اضطهادا يوميا.

ومن الفنانين المشاركين الرسام الكاريكاتوري في «الشرق الأوسط» الزميل محمود كحيل الذي يجمع بين الطرفة الساخرة والفكرة الجارحة في طريقة معالجة الموضوع، فيقارن في لوحاته بين حرية الإعلام في العالم الغربي مقابل القوة التي يمارسها الإعلام الرسمي العربي في تقييد هذه الحريةوجعلها شبه معدومة، ويعبر كحيل عن ذلك بقوله: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من الرعب». ويمزج «الكاريكاتوريست» حسن أدلبي بين الرسم الواقعي من حيث الظل والنور والكتلة وبين الخط الكاريكاتوري المتمثل في التحوير والمبالغة غير المجانية التي تنفذ إلى أعماق الشخص فتحطم النسب وتكسر الجمود.

فبورتريه الشاعر محمود درويش ينم عن أن نضال هذا الأخير بالقلم يوازي المقاومة العسكرية الفلسطينية في وجه الغطرسة الصهيونية التي تتجلى في لوحة أخرى يبدو فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون يدنس المسجد الأقصى ويحمل خنجرا مغمسا بالدماء يقتل به كل فلسطيني يعترض طريقه.

ولا يكتفي أدلبي بتجسيد الإجرام الشاروني فحسب بل يصور التحيز الأميركي الدائم لإسرائيل في لوحة معبرة يحاول فيها شارون كسر العالم الفلسطيني (رمز الدولة المستقلة) بمساعدة ودعم الرئيس الأميركي جورج بوش فيما يقف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات موقف المتفرج الذي لا يحرك ساكنا للدفاع عن فلسطين.

ويشارك الفنان بيار صادق بلوحات غير منشورة أنجزها خصيصا للمعرض يمثل في بعضها شخصيات العصر الثلاث: شارون، بوش وعرفات فضلا عن أعمال أخرى من وحي ناجي العلي المقاوم بالريشة والفكر المناهض للصهيونية.

ويبقى هذا المعرض نشاطا متواضعا لتكريم رجل بحجم قضيته، عاش من أجلها ومات فداءها وكان من الممكن توسيع النشاط ليشمل أكبر عدد ممكن من الفنانين الكاريكاتوريين من أجل إعطاء هذا المناضل جزءا مما يستحقه حيث استبسل في الدفاع عن نهجه في زمن تكاثرت فيه العيوب في الذات العربية.