الحب في زمن الخوف (2 ـ 2)

أنس زاهد

TT

اذا لم يكن من الطبيعي ان يولد الحب كنتيجة للشعور بالخوف، فان من الطبيعي جداً ان تؤدي مشاعر الحب الى الاحساس بالخوف.

الحب يولد لدى الانسان هاجس الفقد والزوال، أي انه يوقظ لديه قلقاً وجودياً هو في حقيقته ليس سوى عارض من اعراض الترف العاطفي.. وهو ما عبر عنه عبد الحليم حافظ في أغنيته الشهيرة «زي الهوا»: «خايف ومشيت وأنا خايف /ايدي في ايدك وأنا خايف /خايف على فرحة قلبي /خايف على شوقي وحبي».

عبد الحليم عبر هذه الكلمات كان يعبر عن احدى أقصى حالات الترف العاطفي، حيث لا يتولد شعور الانسان بالقلق من احساسه بعدم القدرة على توفير احتياجاته الأساسية.. وهذه حالة طبيعية جداً اذا ما كانت فرنسا او المانيا او أية دولة اوروبية او اميركية أخرى، هي المسرح الذي تجري عليه وقائع حالة الحب هذه.. أما في مصر الستينات حيث الفقر والبطالة، والقهر وغياب الحقوق الاساسية للانسان، فانني اعتقد بأن «زي الهوا» هي نوع من انواع الخيانة للناس الذين كان عبد الحليم يتحدث باسمهم. بالمقابل تقول الشاعرة كوثر مصطفى على لسان محمد منير في أغنيته «خايف»: «خايف أوعدك ما أوفيش /أقول لك فيه تلاقي مفيش /وخايف لو بردت في يوم أغطيكي برمش العين ما تتدفيش».

محمد منير واحد من الفنانين القلائل الذين عبروا عن الحب في زمن الخوف العربي، بينما لم يهتم عبد الحليم وأم كلثوم بالتعبير عمن غنيا باسمهما.