المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: عندما «استولى» الفلسطينيون على الكاميرا أصبحت القضية الفلسطينية أكثر واقعية

TT

رشيد مشهراوي احد المخرجين السينمائيين الفلسطينيين البارزين الذين اسسوا مايسمى بالسينما الفلسطينية الجديدة الى جانب ميشيل خليفي وايلي سليمان، اخرج حوالي 17 فيلما مابين روائي وتسجيلي فازت بعدة جوائز في مهرجانات عربية وعالمية، من بينها: «حتى اشعار اخر» و«حيفا» و«موسم حب» و«ايام طويلة في غزة» و«هنا صوت فلسطين» و«خلف الاسوار» و«من فلسطين بث مباشر» الذي فاز اخيرا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان السينما العربية بباريس، وشريطه الروائي «تذكرة الى القدس» الذي انتهى من تصويره قبل ثلاثة اشهر وعرض للمرة الاولى في افتتاح الدورة الثالثة لجائزة الحسن الثاني للسينما في مهرجان الرباط الدولي الثامن. «الشرق الاوسط» التقت المخرج رشيد مشهراوي وأكد في الحوار التالي انه عندما «استولى» الفلسطينيون على الكاميرا اصبحت صورة فلسطين قريبة اكثر من الواقع.

* قلت اثناء تقديمك لشريطك الاخير «تذكرة الى القدس» ان الشريط يقدم صورة مغايرة لما تنقله المحطات التلقزيونية عن فلسطين، لكن بصراحة هذه الصورة لا تختلف كثيرا عن ما هو متداول اعلاميا اذا ما استثنينا الحكاية الرئيسية في الشريط؟

ـ باعتباري فلسطيني، عندما كنت اصور الفيلم وحتى في مرحلة المونتاج كان بالامكان الاقتراب من الجندي الاسرائيلى الموجود على الحاجز والتحدث معه وتقول له هل تسمح لي بالمرور ام لا؟ اما اليوم فذلك غير ممكن واذا فعلت فسيطلق عليك النار. الفيلم لا يستعرض الكوارث التي تسبب فيها الاحتلال والتي اثرت على العالم ككل، مثل مذبحة جنين ونابلس، الفيلم يلعب في منطقة اخرى، عندما نبدأ في تصوير شريط روائي نضع برنامجا للتصوير، ونحاول بحكم الظروف السياسية المعقدة ان نلتزم ما امكن ببرنامج التصوير، مثالا على ذلك عندما كنت اصور احد مشاهد الفيلم لعازف على العود يعزف وحيدا على ضوء الشموع لم يأت احد لسماعه بسبب انقطاع الكهرباء، كانت الطائرات تلقي قنابل على حارة في رام الله قتلت عائلات بكاملها ،وهذا الحدث نقلته معظم المحطات التلفزيونية ،انا فضلت الالتزام ببرنامج التصوير لان الاعلام في اعتقادي له دور والسينما لها دور ثان.

* هل يمكن القول ان الافلام الفلسطينية تخلصت الى حد ما من الخطاب الدعائي الذي يربطه النقاد بها؟ ـ السينما الفلسطينية كأي سينما في العالم ،متنوعة ومختلفة تعكس تنوع رؤى المخرجين ،فهناك مخرجون يطغى الطابع الفني على اعمالهم، وآخرون مجرد شعارات ينقصها التعمق، أنا لا أرى اي مشكلة هنا، المشكلة هي ان الجمهور في العالم العربي اصبح في حاجة الى هذه الشعارات للاستمرار في تعامله مع القضية الفلسطينية ،وكأن وظيفة السينما الفلسطينية هي ان توفرله هذا المتنفس الذي يعبر من خلاله عن تضامنه وتعاطفه، اي مطلوب منا ان نبكيه لا ان نقيم حوارا معه، وان يشاهد افلامنا ونشاهد افلامه، المشاهد العربي وضع القضية الفلسطينية في اطار معين ويحمل عنها صورة مسبقة في ذهنه واذا لم يجد هذه الصورة كما يتوقعها يقول ان هناك مشكلا في السينما الفلسطينية، انا برأيي كل مخرج يجب ان ينجز الفيلم الذي يريد وان يعمل بطريقته الخاصة ويدافع عن هويته بشكل علني وقوي، وتدريجيا سيتم نقل الصورة الفلسطينية انطلاقا من الموجود وليس المتوقع.

* هل نجحت السينما العربية في تقديم صورة واقعية عن القضية الفلسطينية من خلال افلام مثل «المخدوعون» لتوفيق صالح «وارض السلام» لكمال الشيخ «وكفر قاسم» لبرهان عليوة والاحاطة بابعادها السياسية والاجتماعية؟

ـ «المخدوعون» فيلم مهم جدا وعرض في فترة زمنية هامة، ورواية «رجال تحت الشمس» لغسان كنفاني ساهمت بشكل كبير في نجاح الفيلم، الا اني اعتقد ان هذا الفيلم يمثل حالة استثنائية، لان طريقة تعامل السينما العربية مع القضية الفلسطينية عموما نابعة اساسا من مشاعر وعواطف ينقصها المعرفة والعمق والمعايشة الحقيقية، انا لا اطلب منهم ان يكونوا فلسطينيين، لكن بصراحة عندما استولى الفلسطينيون على الكاميرا اصبحت الصورة قريبة اكثر من الواقع بسبب الهم الشخصي للمخرج الفلسطيني والمعايشة والتعاطف الذي ينعكس بالتاكيد على الصورة.

* الا ترى ان حضور الفيلم الفلسطيني في العالم العربي والغربي لا يتم الا من خلال المهرجانات، وفي اطار مجاملات، وكمثال شريط «يد الاهية» لايلي سليمان الذي احتفى به الاعلام في مهرجان كان فقط بسبب تدهور الاوضاع في الاراضي الفلسطينية في تلك الفترة؟

ـ انا شخصيا اعرف العالم العربي جيدا وشاركت في عدد كبير من المهرجانات ،واعتقد انه ممنوع على الفلسطينيين حاليا ان يضيعوا اي فرصة لعرض الافلام الفلسطينية تحت اي اطار حتى وان كان اطار المجاملات، لاننا في حاجة الى التواصل مع الآخر ومن خلال هذه المهرجانات نثير موضوع المجاملة ونطلب اعادةالنظر في كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية.