الرغي قبل الخبز أحيانا

أنس زاهد

TT

أكثر ما أكرهه في الفضائيات العربية هو فتحها المجال أمام اكبر قدر ممكن من المشاهدين العرب لممارسة «الرغي» أمام شاشات التلفزيون.. فالمواطن العربي محترف «رغي» ومدمن ثرثرة، ويا ويلك ويا سواد ليلك لو فتحت له المجال ليتحدث من خلال مؤسسة اعلامية او جهاز تلفزيوني.. فالمشاهد العربي تواق الى التعبير عن وجهة نظره، لأنه لا يستطيع ان يتحدث بما يشاء ومتى ما شاء، وحتى ولو سمح له بالحديث فانه لا يستطيع ان يخرج على النص المكتوب له سلفا.

ولأن النص لا يتغير في كل الأحوال، فان المشاهد العربي لا يشعر في العادة بالرغبة في الحديث، واذا تحدث فانه لا يشعر بأن لصوته أية قيمة او اعتبار.

لكن القنوات الفضائية فتحت الباب المغلق منذ زمن، صحيح انها لم تفتح الباب على الغارب، لكنها فتحته والسلام.. والأسوأ من ذلك أنها لم تكتف بفتح الباب او بالأصح مواربته، ولكنها اوهمت المشاهد العربي بأنها تهتم برأيه وتتعامل مع صوته باحترام لا يليق إلا بأصوات عبد الوهاب ووديع الصافي وفيروز.. وطبعا فقد صدق المشاهد العربي الكذبة وأخذ في ممارسة عادة الرغي من خلال منابر الرأي، لأول مرة في تاريخه.

ولا يهم بعد ذلك ان اضطر المشاهد العربي لدفع نصف مرتبه لسداد اجور المكالمات الدولية.. فالرغي أهم من الخبز احيانا.