«التحدي: لغة الصورة أم لغة الحرف (2 ـ 2)»

أنس زاهد

TT

اعتقد ان التحول النوعي الذي طرأ على الصحافة المكتوبة في الغرب والذي تحدثنا عنه البارحة، كان ناتجا عن هيمنة لغة الصورة من ناحية وكان ناتجا عن سيادة النموذج الثقافي الليبرالي.

الثقافة الليبرالية تولي الفرد الاهتمام الاقصى، انها اتت لتقويض ما يسمى بالفكرة المقدسة التي يمكن ان تسخر البشر كالعبيد في خدمتها وفي التضحية من أجل نصرتها.

الليبرالية ثورة ثقافية تهدف الى اعادة الاعتبار للانسان، وتعتبر انه القيمة الاساسية في الحياة ومركز الكون بشكل عام.

هذه الثقافة التي دعمتها سياسات اقتصادات السوق وأنظمة الحكم الديمقراطية، أدت الى تضخيم النزعة الفردية للانسان المعاصر، لقد اصبحت الفردية مقدسة ولحقت بها الأنا واصبح عنوان كتاب جان بول سارتر المشهور «تعالى الأنا موجود» هو التجسيد العلمي للثقافة الليبرالية التي سيطرت على الغرب وبدأت في غزو العالم بأسره، كما كانت صرفة سارتر المدوية «الآخرون هم الجحيم» هي التعبير المثالي عن أجيال بكاملها.

الانسان المعاصر لم يعد معنيا بالقضايا العامة إلا في اضيق الحدود، انه يتكالب على اشباع نزعته الفردية وكأنه يود فقط ان يعيش ليستمتع ويلهو، وليذهب العالم الى الجحيم.

انه الوجه السيئ من الليبرالية، وليس هناك شيء لا يتضمن وجهين متناقضين.