الدراما الخليجية 2002 : بزوغ نجوم.. وسقوط آخرين

فجر السعيد ووداد الكواري نجمتا المسلسلات الرمضانية وأولاد المنصور تاهت أعمالهم

TT

رغم أن عام 2002 قد أسدل الستار عنه، لكنه يظل مليئا بالاحداث السياسية والاقتصادية والفنية.. الخ، التي لا يمكن ان نتجاوزها من دون ان نرصدها قبل شروعنا بالعام الجديد 2003، وفي هذه المساحة نتوقف عند الأحداث الفنية الخليجية لعام 2002، خاصة تلك التي قدمت في دورة رمضان الفائت، فكيف لا وهي التي تقدم 90 في المائة من الأعمال الدرامية على مدار العام وصار تقليدا ثابتا، عند أهل الفن، فهم يعملون طوال العام من أجل بث أعمالهم في شهر رمضان، بل باتت دورة هذا الشهر هي المقياس الحقيقي لنجاح اي ممثل واي عمل درامي واي كاتب واي مخرج وهكذا، وساعد على هذا التقليد اهتمام المحطات التلفزيونية بهذه الدورة، واهتمام المشاهد العربي ايضا.

وقد يكون عام 2002 خيرا على بعض النجوم لكنه ايضا كان سقطة لنجوم اخرين انزلقوا في التكرار فخسروا قاعدتهم الجماهيرية، لكننا على اية حال نشد من ازر تلك الوجوه الشابة التي نحييها على حضورها في جميع الاصعدة الفنية، وخاصة في مجال الدراما، كما نتوقف عند الكم الكبير من الدراما الخليجية، فقبل عقد من الزمان كانت الأعمال العربية وبالاخص المصرية والسورية الطاغية على الشاشة الخليجية لكن اليوم تبدل الحال وباتت الاعمال الخليجية هي الأكثر حضورا ناهيك عن جودة غالبية تلك الاعمال وتميزها على صعيد الطرح واختيار القضايا التي تهم الشارع الخليجي بشكل خاص والشارع العربي بشكل عام.

ربما تكون مسلسلات ثمن عمري وحكم البشر وطاش ما طاش وعمى الوان من اهم الاعمال التي مرت على عام 2002 ، ولهذا سنحاول التوقف عند كل عمل.

* المرأة الحديدية

* للسنة الخامسة على التوالي تؤكد الكاتبة الكويتية فجر السعيد انها مؤلفة لا يمكن ان تكرر نفسها ولا يمكن ان تعتمد على نجاح عمل بل المراهنة على تميز كل عمل تقدمه، وهو ما فعلته في عام 2002 من خلال رصدنا لمسلسلها ثمن عمري الذي عرض في غالبية المحطات بل نكاد نقول ان مسلسلها هو الاكثر حضورا بين الأعمال الأخرى الخليجية، استقطبت من خلاله سيدة الشاشة الخليجية حياة الفهد ومعها حشد كبير من النجوم بينهم ابراهيم الصلال وابراهيم الحربي وعلي جمعة واحمد السلمان وغيرهم العديد من النجوم، بيد ان فجر السعيد الكاتبة والمنتجة تؤكد ايضا في كل تجربة انها قادرة على خلق وجود فني مبدع في الساحة الدرامية، فها هو المخرج عبد الله البراك الذي يقف خلف فريق العمل ويقودهم رغم انه لم يخرج من ذي قبل، وهي تجربته الأولى، كما قدمت وجوها تمثيلية جديدة سيكون لها شأنها في الساحة الفنية من بينهم الهام الفضالة ومحمد الصيرفي الذي قدم برنامجا صادوه، وغيرهما من الوجوه الشابة، أما الحكاية فقد كانت من اهم الطروحات التي قدمت حيث سلطت الضوء على قضية المرأة الكويتية التي تسجن تضحية لاخيها وحين تخرج تظل تستقبل الألم والحزن وضريبة السجن من ابنائها والمجتمع الذي لا يرحم.

ان فجر السعيد قدمت بانوراما متكاملة جميلة، وللعلم فإن عملها ثمن عمري سيعرض في القناة الفرنسية الخامسة حيث سيترجم للغة الفرنسية وهو بذلك يكون اول عمل خليجي يبث عالميا اذا صح القول.

* حكم البشر

* فيما كانت الكاتبة القطرية وداد الكواري وجهة نظر هي الأخرى فقدمت مسلسل حكم البشر، ورغم انه لم يعرض سوى في قناة واحدة لكنه اخذ صدى كبيرا، تميز من ناحية جرأة الطرح وقوة الحوار وتسلسل الاحداث وتناميها والصراع الدرامي، بينما قام على صياغة اوراق الكواري جملة من نجوم الدراما الخليجية اهمهم الفنانة الكويتية القديرة سعاد عبد الله وعبد العزيز جاسم وغازي حسين وايمان وغيرهم الكثير من الفنانين الخليجيين.

وداد الكواري على الرغم من انها قدمت للساحة الدرامية الكثير من الاعمال الفنية لكننا نؤكد بأن حكم البشر هو الاكثر تميزا، ويستحق ان يكون على قمة الأعمال الخليجية، وعلى الرغم من انه يعرض حاليا في قناة ام. بي. سي، لكننا نتمنى ان يأخذ حقه وطريقه في المحطات الأخرى.

* عمى ألوان

* ضمن الاعمال الدرامية المميزة للعام الفائت مسلسل النجم القطري غانم السليطي عمى الوان، قدمه بصورة جميلة حدوتة بسيطة حول رجل خليجي اعمى يرفض ان يكون اعمى، ويحاول ان يرصد الوان المجتمع حسب رغباته وطموحه، لقد استطاع السليطي ان ينزع ثوب فايز التوش، ففي العمل الاخير لفايز التوش لم يظهر السليطي بالكل المطلوب، لكنه في عمى الوان قدم صورة مغايرة وجديدة.

بيد ان هنالك اعمالا درامية أخرى وفقت في جوانب لكنها وقعت في جوانب أخرى مثل العضب للمؤلف احمد جوهر ومعه نخبة كبيرة من نجوم الكويت بينهم غانم الصالح وعبد الرحمن العقل واحمد الصالح وغيرهم، وعلى الرغم من هذا الكم من النجوم لكنه لم يقدم التميز الذي قدم في الاجزاء الاولى لنفس المسلسل، ودائما ما كان يقال ان الجزء الاول غالبا ما يكون هو الاكثر تميزا، اما بقية الاجزاء فإنها تقدم (كوبي) للنجاح. أما مسلسل الكاتب والمنتج محمد الرشود وتبقى الجذور فعلى الرغم من ان السيناريو جيد وحوله نخبة من النجوم الا ان تلفزيون الكويت قتل العمل بتوقيته، لكن ايضا تأخر عملية تنفيذ العمل هو الآخر شارك في عدم انتشار العمل في المحطات الأخرى، خاصة ان المخرج عبد الله السلمان ظل حتى منتصف دورة رمضان وهو ينتج العمل، لذا لا نستطيع التوقف عند العمل كثيرا في ظل عدم متابعتنا له بالشكل المطلوب. فيما كان مسلسل الإخوة المنصور «سهم الغدر» هو الأكثر سقوطا من حيث الطرح والتمثيل والإخراج، لا يمكن ان ينكر احد ان توهج اولاد المنصور محمد وحسين المنصور من جديد هو بفضل اعمال فجر السعيد قبل أكثر من عامين، لكن بعد انفصال شركة حسين المنصور بسبب خلافات مالية، اعتمد هذا الاخير على نجوميته، وأحيانا كثيرة اذا لم تتوفر للنجومية الأرضية الجيدة، فإنها ستخذل صاحبها، فقدم اولاد المنصور ونخبة من النجوم الذين كانوا معهم عملا ضعيفا على صعيد التأليف اولا، ولم يكن متسلسلا في أحداثه وغابت العقدة الدرامية، وكنا نلحظ هبوط التنامي الدرامي، بالاضافة الى الأداء ولعب شخصيات مكررة للشخصيات الرئيسية، واعتمد حسين المنصور على حضوره، وصورة دون جوان التي رسمتها فجر السعيد في الاعمال السابقة، بيد ان هذا فشل ايضا في العمل الجديد.

لقد كانت هنالك عدة اعمال لكنها بصراحة كما قدمت كما ذهبت ادراج الريح، لم يلحظها المشاهد، بالاضافة الى سقوط الكثير من البرامج الدرامية ان صح القول، فالفنان داود حسين قدم برنامجا دراميا ساخرا، وعلى الرغم من الامكانيات الضخمة التي لم تتم استثمارها، فخرج عمل داود حسين اقل مستوى من اعماله السابقة، بالاضافة الى البرامج الاخرى، مثل آخر كلام ومقصات وغيرها من البرامج التي لا حصر لها في الوجود والفشل. أما ما يجب ان نتوقف عنده من انتاج لعام 2002 هو ذلك النتاج الخليجي لكنه غير خليجي بالمرة. أما كيف فهنالك محطات خليجية قامت بإنتاج اعمال سورية وعربية وتاريخية واجتماعية، وعلى الرغم من اهمية تلك الاعمال لكننا لم نر فنانين خليجيين في تلك الاعمال، رغم ان تلك المحطات كان الاولى لها ان تزج بكوادرها لاكتساب الثقة والخبرات وغيرهما والاحتكاك مع نجوم عرب، لا ان نفقد الثقة بكوادرنا الخليجية، ومن اهم الاعمال الخليجية انتاجا هولاكو لأيمن زيدان وآخر الفرسان الذي انتجته محطة دبي والمتنبي وزمان الوصل وغيرها من الاعمال التي قدمتها المحطات الخليجية لكنها لم تحرص على دراما فنانينها، وظلت الثقة مفقودة، لكننا نتمنى ان تعود الثقة بين المحطات الخليجية والكوادر المحلية.

ويبقى القول ان عام 2003 لا يمكن قراءة احداثه مع بداية اطلالته لكننا نظل نطلق التفاؤل والعنان لاحلامنا وطموحاتنا في تقديم دراما خليجية اكثر تميزا ايضا.