بين اللعبة البصرية والسمعية (1ـ2)

أنس زاهد

TT

إذا كانت هناك سمة موسيقية للمسرح الرحباني بعد رحيل عاصي، فهي نزعة التأليف التي تضخمت على حساب نزعة التلحين، وهي بلا شك نقطة تحول إيجابية في مسيرة مسرح غنائي كالمسرح الرحباني.

المسرح الغنائي يعتمد بشكل أساسي على اللوحات الغنائية الراقصة حتى يعمل العرض ومستوى الفرجة إلى درجة لا تكفي فقط بجذب انتباه المشاهد، ولكن بالاستيلاء عليه كليًا، وهو ما نجح مسرح منصور الرحباني في تحقيقه.

لقد استطاع منصور الرحباني كمؤلف موسيقي عبر ملوك الطوائف في التحرر من الوقوع تحت تأثير سيطرة الصوت مفسحًا المجال أمام الرؤية لتأخذ موقعها، وهو ما لا يمكن أن يحدث إلا إذا تمكن المؤلف الموسيقي من توظيف مخيلته البصرية توظيفًا جيدًا والاعتماد عليها في صياغة البناء الموسيقي أو البناء الصوتي الذي يبدعه.

وفي المسرحية الأخيرة أبدع مصمم الرقصات فليكس هاروتنيان، وكان له دور بارز في الارتقاء بمستوى الفرجة إلى الذروة، ولكن هذا الإبداع لم يكن ليحدث لولا نصوص منصور الرحباني الموسيقية التي جعلت من الصوت في كثير من الأحيان عاملاً مساندًا وليس أساسيًا حتى يفسح مجالاً واسعًا أمام اللعبة البصرية التي تنطلق دومًا وأبدًا من اللعبة الموسيقية.

لقد استطاع منصور الرحباني أن يسمح عبر موسيقاه بتحقيق التوازن بين اللعبة البصرية والسمعية.