حرب العراق غيرت حياة مذيعي الأخبار اللبنانيين ووضعتهم في حالة استنفار

TT

انقلبت حياة مذيعي الاخبار في المحطات التلفزيونية اللبنانية رأساً على عقب على اثر اندلاع الحرب العراقية. فإلى جانب تحولهم الى نجوم يوميين يسلطون الاضواء على الاحداث لحظة بلحظة فقد انصهروا شخصياً مع النشرات الاخبارية، بحيث صارت تلازمهم ليلاً نهاراً، لاسيما انهم يعيشون حالة استنفار في مهنتهم التي تتطلب منهم متابعة مجريات الامور بالتفاصيل الدقيقة فيكونوا على مستوى الحدث.

ويأتي النوم في مقدمة الامور التي انحرم منها المذيع قسرياً فالتطورات الحاصلة على الساحة الاقليمية تتطلب منه الوقوف عن كثب عن كل شاردة وواردة تحصل ليبقى ذهنه حاضراً خلال اجراء المقابلات السياسية. مما يستدعي منه السهر ومراقبة الاخبار لساعات متأخرة من الليل كما ان دوام العمل تغير واضطر احياناً كثيرة وصل ليله بنهاره للقيام بواجبه المهني.

زينة فياض مذيعة الاخبار في تلفزيون «المستقبل» رأت ان الحرب لامستها عن قريب فتأثر نظام حياتها كلياً، اي من جهة العمل الذي ارتفعت وتيرته فصارت جاهزة كل دقيقة لتأمين ساعات اضافية او من جهة القلق الذي يكتنفها بسبب معاناة الشعب العراقي. وتقول: «احياناً لا استطيع اخفاء احساسي بالحزن على الهواء مباشرة وهذا امر افتخر فيه ولا يزعجني بتاتاً ان اكون غير حيادية».

والحدث احدث انقلاباً ايضاً بين العاملين انفسهم في اسرة تحرير نشرات الاخبار. اذ تم الاستعانة مثلاً بالمندوبين ليتحولوا الى مذيعين وبالمذيعين ليصيروا محررين، فظهر مذيعو القنوات الفضائية على الارضية والعكس بالعكس، كما حصل مع بسام ابو زيد الذي انضم الى فريق العمل على الفضائية اللبنانية LBCI، فيما ظهرت دارين عبد المجيد على شاشة «المستقبل» الارضية بعدما كانت متفرغة لاخبار المحطة نفسها فضائيا،ً وذلك في غياب كل من المذيعين نجوى قاسم ونجاة شرف الدين في العراق والكويت. كما ظهرت وجوه جديدة كغريس دومنيان لتقديم الاخبار بالارمنية لأن ادارة "المستقبل" ارتأت التوجه للمشاهد الارمني ايضاً.

اما دوامات العمل التي كانت تنحصر في بضع ساعات خلال يوم او يومين فقد تضاعفت، واحياناً زادت عن الايقاع المعتاد اذ استعانت معظم المحطات بكامل اسرة التحرير لديها لتأمين مناوبة في العمل على مدى 24 ساعة. ويؤكد سلمان سري الدين من محطة «المستقبل» والذي كان اول من اعلن بدء الحرب على العراق في الساعة الثالثة فجراً بتوقيت بيروت يوم الخميس العشرين من الشهر الماضي، انه وزملاءه ما عادوا يهتمون بتوقيت الدوام ومدته، ذلك ان ضغط العمل يتطلب حضوراً دائماً، وغالباً ما يضبط سري الدين انطباعاته الشخصية وعدم اظهارها على الهواء لا سيما وان بعض الصور تستفز المذيع وتجعله يخرج عن هدوئه المعتاد.

دوللي غانم مذيعة الاخبار على قناة الـ«ال. بي. سي» اشارت الى ان وتيرة العمل تغيرت مع بدء حرب العراق وهو امر سبق أن اختبرته مع زملاؤها في احداث اخرى جرت في فلسطين وافغانستان وحرب الخليج الثانية... وتعتبر غانم ان الضغط الاكبر يقع على فريق الاخبار في الفضائية اللبنانية الذي يواكب الاحداث من خلال المندوبين المنتشرين في النقاط الساخنة.

وتحولت بعض مكاتب نشرات تحرير الاخبار الى بيت ثان بالنسبة للمذيع يتناول فيه طعامه وينام على كرسيه وذلك حسب متطلبات العمل.

موسى ابراهيم رئيس تحرير نشرات الاخبار في قناة الـNBN اشار الى انه يضطر احياناً كثيرة لتحضير قهوته بنفسه في ساعات الليل المتأخرة. كما ان اسرة التحرير باتت تتواجد يومياً من دون دوام رسمي في مركز العمل لمساعدة بعضها البعض. واكد ابراهيم الحفاظ ان الموضوعية والصدق في قراءة الخبر لا يمكن التخلي عنهما في ظروف كالتي نمر بها حالياً. وهكذا توزعت خمس فرق عمل للتناوب على تقديم ثماني نشرات اخبار واكثر من 15 موجزاً. من جهتها اكدت المذيعة ريما سعد على القناة نفسها ان اللقاءات السياسية تكثفت، مما تطلب حضوراً اكبر في اداء العمل، واشارت الى ان الزملاء هم الذين يؤمنون دوام الليل والفجر فيما يقتصر تقديم عمل الزميلات على ساعات النهار ومطلع السهرة.