ظالمو أنفسهم

أنس زاهد

TT

الفضائيات العربية تحاول اقناعنا بدناءة الدوافع الأمريكية البريطانية في ما يتعلق بالمسألة العراقية، وهو ما لا أشك فيه. لكن السؤال الذي يجب أن يطرح الآن لا يتعلق بما ينوي الأمريكيون والبريطانيون فعله، بل بما ننوي نحن أن نفعله.

نحن لسنا ضحايا كما تروج فضائياتنا وكما يدعي مثقفونا الذين أنتجوا صدام ورفاقه، نحن ضعفاء وسلبيون وعاجزون.. وهذا مرض ثقافي، أي أنه مرض ذاتي المصدر، فما هو الحل؟

الحل لا يمكن أن يأتي عن طريق صب اللعنات على رؤوس الأمريكيين والبريطانيين الظلمة، فاذا كان هناك من ظالم حقيقي فهو نحن، واذا كان هناك من ظلم فعلي فهو ظلم الذات وليس ظلم الآخر.

الشعوب التي لا قيمة للانسان عندها لا يمكن أن يرحمها الآخرون، والأمم التي تفرز الطغاة وتسكت عن مظالمهم لا يمكن أن تنتظر من الآخرين أن يكونوا عادلين في معاملتها.

الأمم التي تؤمن بأن التراب أغلى من الانسان وأن الفكرة مقدمة عليه، لا يمكن أن تتقدم شبرا واحدا الى الأمام، وستظل تفرز الطاغية عقب الطاغية والجلاد اثر الجلاد، حتى تصبح هدفا مشروعا ومتاحا لكل الطامعين من كافة أرجاء الأرض.

كيف يحترمني الآخر اذا كنت لا أحترم نفسي؟

العلة في رؤوسنا التي همشت الانسان لحساب الفكرة المقدسة، وعندما تصبح الفكرة مقدسة والانسان مجرد أداة رخيصة لتحقيقها، فإن الهلاك سيكون هو النهاية المحتومة.