المذيعون العراقيون يتهمون الأميركان: إنهم يعرضون علينا الأشياء التي يريدوننا أن نشاهدها

البحث عن أجهزة البث التلفزيوني في المساجد والأسواق

TT

أتى اثنان من كبار مذيعي نشرات أخبار التلفاز العراقي إلى استديوهاتهم التي حطمتها الحرب بأبهى بدلاتهم وهم يرتدون قمصاناً زرقاء وربطات عنق حمراء مستعدين كي تبدأ الكاميرات عملها مرة أخرى.

المذيعان لؤي عباس، 43 عاماً، وغضنفر عبد المجيد، 40 عاماً، اللذان عملا في تلفاز «الشباب» وهو مشروع خاص بعدي ابن صدام حسين تلقيا التحية من زملائهم كما يستقبل المشاهير عندما اختلطوا بهم في الشارع خارج الاستديوهات. وفي الداخل حاول الفنيون إصلاح وحدة إرسال عمرها 25 عاماً بعد أن تم إخراجها من تحت الأنقاض.

وقد اعترف المذيعان أن هذا يوم جديد للعراق، ولكنهما قالا إنه ليس هناك من سبب يحول دون أن يلعب قدامى المسؤولين في النظام السابق الدور نفسه في النظام الجديد.

وقال مجيد وهو يرفع مفكرة عام 2003 وكأنه يستعد لإجراء مقابلات جديدة «إنني أمثل العراق قبل أن امثل السلطة. نحن سنكون في خدمة أي حكومة تأتي لخدمة الشعب العراقي». وعبر الشارع، في مجمع التلفزيون الذي توجد فيه المحطة العراقية الرئيسية، قال مذيع نشرات أخبار آخر معروف من عصر صدام حسين هو عباس حميد إنه يخطط أيضاً ليكون مذيعاً للأخبار مرة أخرى.

وقال حميد «إن المذيعين في العراق موظفون وهم مثل غيرهم كعمال وزارة الصحة أو أي موظف يفترض فيه أن يؤدي عمله».

وقد وقع الموظفون الذين شكلوا جهاز صدام التلفزيوني ابتداءً من كتاب شريط الترجمة على الأفلام الأجنبية وحتى المهندسين على دفتر للحضور على مكتب في مدخل استديو الشباب.

وقد قالت إدارة بوش القليل حول خططها لأجهزة الإعلام العراقية. وظل المدير السابق لإذاعة «صوت أميركا»، روبرت ربلي، الذي استقال فجأة من منصبه العام الماضي، يعمل مع منفيين عراقيين خلال الأشهر القليلة الماضية لإنتاج برامج إذاعية وتلفزيونية لمرحلة ما بعد الحرب في العراق. وفي إحدى المراحل اعتبر المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية جيمس وولسي مستشاراً للوزير الجديد للإعلام .

وقال المذيعون إن أحد الأسباب التي دفعتهم للعودة للعمل هو المستوى الفقير للبث التلفزيوني المسائي الذي بدأت الولايات المتحدة توجهه نحو العراق من طائرة حربية من طراز (سي ـ 130) تسمى كوماندر سولو. وقد تم الإرسال بواسطة وكالة أمريكية تشرف على «صوت أميركا» وغيرها من مشاريع الإعلام التي تمولها الدولة.

والمذيعون الذين يقدمون برنامجاً إخبارياً مدته 50 دقيقة يسمى «العراق والعالم» هم من المنفيين العراقيين. الذين يقدمون فقرات من الأخبار عن الأحداث اليومية في العراق.

وقد انتقد المذيعون العراقيون العرض الأميركي واعتبروه عرضاً بدائياً على المستوى التقني، وفي مساء السبت أبرزت المواد الأساسية خططاً للولايات المتحدة لتوزيع 20 دولارا كدفعات عاجلة للعمال العراقيين، وعملية استسلام نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز. وكانت هناك أيضاً أخبار من «فوكس نيوز» وأعلنت شبكات «إيه بي سي» و«إن بي سي» و«سي بي إس» و«سي إن إن» أنها لن تشارك.

وقالت امرأة اسمها فاطمة كانت تعمل مذيعة في تلفزيون الشباب «إن الامر يثير التقزز. إنهم يعرضون علينا الأشياء التي يريدوننا أن نراها. إنهم لا يعرضون علينا أي شيء عن الانفجار في مكان طمر الذخائر الذي استخدمه الأميركيون كي يقتلوا العديد من العراقيين».

كان عباس حازماً في أنه لا يريد العمل مع أو تحت إدارة أميركية. وقال «نحن نعمل مع التلفاز العراقي. نحن لا نريد أن نعمل مع أميركا. إن قوات التحالف هنا من أجل الأمن وليس لإعطاء وظائف».

وقال مجيد إنه لا يرى أي سبب يجعل عمله التلفزيوني خلال حكومة صدام حسين يحرمه من الاستمرار في شغل وظيفته نفسها.

قال ماجد: «لا الأميركيون ولا غيرهم يمكنهم أن يحددوا من يعمل هنا. ربما يتمكنون من تحديد القيادة ولكن الخبراء الذين يديرونها لا يمكن الاستغناء عنهم إذا كان مقدرا للعمل هنا أن يستمر».

كانت استديوهات التلفزيون من الأهداف المبكرة للغارات الجوية على بغداد. وفي يوم الأحد كانت الأستديوهات الرئيسة للتلفزة العراقية ما تزال كومة من الرماد، بعد أن دمرت وانهار سقفها. ولكن خلال الاسبوعين الماضيين ظل الفنيون والمهندسون ينقبون في الحطام وقد وجدوا بعض الأجهزة سليمة لم يمسها سوء. وكانت هناك أجهزة تكفي لتجميع استديو سوني من طراز 1975. ولكن الاستديو لم يعمل حتى يوم الأحد، وبدا أنه قديم وعديم النفع.

المهمة الأكثر صعوبة ما تزال تنتظر. فكل أجهزة البث التي كان من شأنها أن تمكن المهندسين من مواصلة البث كانت محطمة. وقال كبير مهندسي التلفزيون العراقي عبد المسفر أنهم ربما يعثرون على أحد أجهزة البث من بين المسروقات المعروضة حاليا في الأسواق او في المسجد، حيث تخزن بعض الأشياء المنهوبة.

*خدمة «نيويورك تايمز» الاخبارية ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»