الفنانة المغربية سمية عبد العزيز: فضلت الاعتزال بدل الغناء في الأعراس

المغاربة لا يسمعون الا الطرب الخليجي * نجاة اعتابو مادونا المغرب ومحمد رويشة في مرتبة ستينغ

TT

قالت المطربة المغربية سمية عبد العزيز العائدة اخيرا الى الساحة الغنائية، بعد فترة اعتزال اجبارية، انها فضلت الاعتزال على ان تتحول الى مطربة اعراس وملاه ليلية، واكدت على اهمية توظيف التراث الغنائي المغربي للنهوض بمستوى الاغنية المغربية وتحقيق انتشارها على المستوى العالمي. وتستعد عبد العزيز حاليا لاصدار البوم جديد يتضمن اغاني باللغة الفرنسية من كلماتها والحانها. «الشرق الاوسط» التقت سمية عبد العزيز وسألتها بداية عن اسباب اختيارها الغناء باللغة الفرنسية، فأجابت:

ـ الالبوم الجديد الذي اعتزم اصداره باللغة الفرنسية عبارة عن مجموعة من الاغاني التي كتبتها ولحنتها بنفسي، وتتطرق الى مواضيع ملتزمة من قبيل قوارب الموت والطلاق والاجتماعات والمؤتمرات التي تعقد بلافائدة، وتتضمن ايضا اغاني عاطفية لكن بعيدا عن السطحية المتداولة حاليا. وهذه ليست المرة الاولى التي اصدر فيها البوما بالفرنسية فقبل عشر سنوات انجزت البوما موله صندوق الامم المتحدة للسكان، ويتضمن اغنيات عن المجاعة في افريقيا والايدز والتلوث واطفال الشوارع، الا ان الجديد والمميز في الشريط الجديد الذي ما زلت ابحث له عن منتج هو ان اغانيه غربية الا انها ملحنة على مقامات شرقية. كما وأضفت فيه الات موسيقية عربية مثل العود والدربوكة والناي. وبصراحة اخترت هذا الاتجاه بعدما يئست من البحث عن ملحنين يقدمون لي الحانا مغربية مبتكرة، بالاضافة الى انه كانت لدي دائما رغبة لتأليف وتلحين اغان خاص بي، وبما اني لا اجيد العربية الفصحى كتبت الاغاني باللغة الفرنسية.

* قبل سنوات اعلنت اعتزالك الغناء كنوع من التمرد على الوضع الفني في المغرب، لماذا عدت من جديد هل تغير في الامر شيء؟

ـ صحيح، فقد اعتزلت قبل سبع سنوات، بسبب رفضي القاطع لما كان سائدا في الميدان الفني من رشوة واستغلال، ولا داعي لذكر اسماء، وبما اني رفضت ان ادفع الثمن واصبح مطربة حفلات خاصة واعراس وملاه ليلية، فضلت ان اعتزل، وما اتأسف له حقا هو ان يضطر فنان مغربي للعمل في هذه الاماكن لضمان لقمة العيش. بينما مكانه الحقيقي على المسارح والمهرجانات الفنية والسهرات الغنائية التلفزيونية.. عودتي تمت قبل سنتين عندما اصدرت البوما يتضمن عددا من اغاني المطرب العراقي ناظم الغزالي التي غنيتها بصوتي وبتوزيع موسيقي جديد، لانه من بين المطربين العرب الذين يطربونني جدا، وكنت اتأسف لان معظم اغانيه مسجلة على اشرطة رديئة بسبب التقادم، والالبوم من انتاج كريم هميم وهو ملحن عراقي معروف والتوزيع الموسيقي انجزه موزع سوري هو عبد الحليم حسن. وللاسف الالبوم لم تخصص له الدعاية الكافية ولم يوزع بشكل واسع في المغرب والعالم العربي، ولا اعرف الاسباب، علما ان الجمهور يعجبه هذا النوع من الاغاني، لذا افكر في البحث عن شركة اخرى لتوزيعه في بعض الدول العربية.

* الملاحظ هو أن اغانيك القديمة لم يعد يبثها التلفزيون المغربي، لماذا في رأيك؟

ـ لا ادري ولم يعد يهمني ان اعرف الاسباب ربما لديهم موقف ما ضدي، الا ان معظم اغاني تبث من حين لاخر عبر الاذاعة المغربية وكذلك عبر اذاعة البحر الابيض المتوسط «ميدي ان» التي نلومها لانها لا تذكر اسماء المطربين او المطربات اثناء بث الاغاني المغربية. وتبث اغاني ايضا على اذاعة الشرق ومونتي كارلو.

* وهل لديك تصور ما لاخراج الاغنية المغربية من وضع الركود الذي تعيش فيه؟ ـ اعتقد ان الوضع الذي آلت اليه الاغنية المغربية مرده الى عدة اسباب من بينها غياب اغنيات مغربية مصورة على طريقة الفيديو كليب بالمستوى الذي يجعلها قابلة للعرض على شاشات الفضائيات العربية، ثم غياب سهرات غنائية منتظمة على القناتين التلفزيونيتين الاولى والثانية، باخراج جيد عبر استعمال تقنيات عالية الجودة، فالملاحظ ان السهرات التلفزيونية مازالت تقدم بنفس الطريقة التي كانت تقدم بها في الستينات علما ان القناتين معا تتوفران على امكانيات مادية ووسائل تقنية حديثة جدا لم تكن متوفرة من قبل. ومن بين العوامل التي جعلت الاغنية المغربية تتراجع بهذا الشكل، وجود لجنة الكلمات والالحان في الاذاعة والتلفزيون، فهذه اللجنة لا مبرر لوجودها لان الابداع لا يحتاج الى رقيب. وبالاضافة الى كل ما سبق المجال الفني في حاجة الى نفس جديد، لتفعيل دور المعاهد الموسيقية وتوضيف التراث الموسيقي المغربي الغني بالانغام والموازين، اذ لا يعقل ان يأتي الالمان والامريكان الى مناطق نائية في المغرب بحثا عن كنوزنا الموسيقية يحصلون عليها كمادة خام ويطورونها، ثم تعود الينا من جديد عن طريق اغاني بريتني سبيرس ومادونا التي وضفت في البومها الاخير ايقاعات من الصحراء المغربية، بينما ملحنونا يركزون في غالب الاحيان، على الانغام الشرقية والغربية. ونقطة اخرى اريد ان اشير اليها هي ان الشباب المغربي حاليا لم يعد يستمع سوى للاغاني الخليجية والشرقية والغربية واغاني الراي، وهذه الاخيرة عبارة عن موسيقى فقيرة ومحدودة جدا، في الوقت الذي نتوفر فيه على ما نملأ به خزانات واذاعات من فن الاندلسي والملحون والاحواش، والفنون الشعبية عموما.

* هذا الكلام يتردد كثيرا والكل لديه نفس التصور، لكن لا شيء تغير مند مدة طويلة؟

ـ لان المشكل هو عدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب، والمطلوب هو ان يتم تعيين مسؤولين على مصلحة الموسيقى في الاذاعة والتلفزيون من داخل الميدان الفني، واتساءل كيف يعقل ان توجد 300 مطربة في المغرب، ولا واحدة منهن بارزة على الساحة. بينما في الشرق من بين 30مطربة مغربية في مصر حققت ست او سبع مطربات نجاحا وشهرة كبيرة. ويجب ايضا ان تولى اهمية خاصة لتنظيم مهرجانات فنية متنوعة، والاعتناء بأغنية الطفل، اذ بعد عشر سنوات لن يستمع اي طفل مغربي للاغنية المغربية، وهذا يشكل خطرا على الهوية والثقافة. ومن ناحية اخرى اقول: اذا كان المسؤولون المغاربة بدأوا يولون اهمية الى القطاع السياحي، فالمهرجانات تلعب دور اساسيا في هذا القطاع، ومهرجان الموسيقى الروحية ومهرجان كناوة خير دليل على ذلك. فالسياحة لن تزدهر ابدا والمسارح مقفولة، ففرنسا على سبيل المثال، اذا كانت قد استطاعت ان تصل الى استقطاب 76 مليون سائح في السنة فبفضل وجود 450 مهرجانا في العام. واعتقد ان المسؤولين لم يستوعبوا اننا لا يمكننا حاليا ان ننافس الدول العظمى في مجال البحث العلمي او التكنولوجيا على سبيل المثال، لكن بامكاننا ان ندخل غمار المنافسة عن طريق الثقافة، ففي امريكا المصدر الثاني للدخل بعد السلاح، هو السينما والموسيقى مما جعلها قوة مالية وثقاقية ايضا. وفي بريطانيا اغنى رجل هو بول مكارتني عضو فرقة البيتلز سابقا، والذي يصل دخله السنوي الى 95 مليار دولار، ويليه في المرتبة الثانية المغني ستينغ، اما فرقة سبايس غيرلز فقد حققت فقط من خلال مبيعات الـ«تي شورت» والدمى مداخيل بلغت 70 مليار دولار في العام.

* وهل نفهم من كلامك انك تريدين من فنانينا ان يتحولوا الى نسخ من ستينغ وبريتني سبيرز وسبايس غيرلز؟

ـ لا اقصد ذلك، نحن لدينا ايضا مطرب في مرتبة ستينغ هو محمد رويشة ومطربة لا تقل اهمية عن مادونا هي نجاة اعتابو، واسماء اخرى اذا اعطيت لهم الامكانيات المادية والتقنية لأصبحوا فنانين عالميين. بيد انه للاسف لا يوجد لدينا قسم خاص بانتاج الفيديو كليب في القناتين الاولى والثانية، ولا يعقل ان لا يوجد استوديو للتسجيل بمواصفات تقنية عالية في العاصمة الرباط. وهي مشكلة كبيرة يواجهها المطربون اذا ما ارادوا تصوير اغانيهم. واذكر في هذا الصدد ان كليب اغنية «غدا» وضعت له السيناريو بنفسي، وذهبت 92 مرة الى التلفزيون خلال عام كامل لاحصل على اذن بتصويرها، وبعد سبع سنوات من تاريخ تصويرها لم تصور اي اغنية مغربية بنفس المستوى، فلم يجد التلفزيون المغربي الا تلك الاغنية للمشاركة بها في احدى دورات مهرجان القاهرة للاذاعة والتلفزيون حيث حصلت الاغنية انذاك على الجائزة الثانية. وهذا المشكل مازال المطربون يعانون منه الى الان. وفي هذا السياق انا الوم المطربين الكبار الذي حققوا ثروة كبيرة من خلال الغناء، الا انهم استثمروا اموالهم في العقارات والضيعات، ولا احد منهم فكر بتأسيس شركة انتاج لدعم الشباب علما انهم بدورهم عانوا من نفس العراقيل في بداية مشوارهم الفني، ولا داعي هنا لذكر الاسماء. اذا كيف نوجه اللوم لرجال الاعمال المغاربة لعدم استثمارهم في مجال الفن وهو بعيد عن تخصصهم.