اتهام مسلسل «أوان الورد» بالفتنة الطائفية وألفاظ تخدش الحياء وملابس الممثلاث المثيرة

مؤلف المسلسل وحيد حامد لـ«الشرق الأوسط»: العمل فشل في تحقيق الأهداف التي كتبتها وأشعر بصدمة شديدة من هجوم الأقباط

TT

عندما فكر وحيد حامد في كتابة مسلسله «أوان الورد» فإن نيته كانت تتجه الى أن يكون العمل بمثابة «بلسم» يوضع على جرح الفتنة الطائفية والذي فتح عقب احداث قرية «الكشح» في صعيد مصر قبل شهور ليست بالبعيدة، كان يقصد أن يثبت أن المسلمين والأقباط اسرة واحدة، ومستقبل واحد.

ولكن النيات الطيبة تقود احيانا الى نتائج عكسية، فبعد الحلقات الأولى من المسلسل الرمضاني بدأت كلمات الغضب والانزعاج من المسلسل، وما لبثت الكلمات أن تحولت الى أمواج عاتيه ضد العمل وصاحبه، ولم يقتصر الأمر على الهجوم العنيف بل وصل الى ساحات المحاكم في صورة دعوتين قضائيتين اقامهما اثنان من الأقباط يطالبان فيها بوقف المسلسل بدعوى انه يؤذي مشاعر الاقباط ويسيء الى الديانة المسيحية.

ومازالت القضيتان منظورتين امام محكمتي القاهرة والجيزة للأمور المستعجلة.

وقد تركزت الاتهامات الموجهة للمسلسل في الآتي:

أولا: انه يثير الفتنة الطائفية في مصر ولا يخمدها، اذ يشجع على زواج القبطيات من المسلمين، وهو أمر محرم في الديانة المسيحية، ويثير غضب الأقباط.

ثانيا: الملابس المثيرة التي ترتديها بطلتا المسلسل يسرا وايناس مكي، والتي لا تتناسب مع تقاليد التلفزيون المحافظة وكذلك الألفاظ الخارجة التي تخدش الحياء في حوار المسلسل، وهو الأمر الذي لم يعتده جمهور الشاشة الصغيرة.

ثالثا: انه يقدم ضابط الشرطة في صورة مثالية غير واقعية وكأنه ـ كما قالت بعض الأقلام ـ مصنوع في وزارة الداخلية.

ومازالت الزوابع والعواصف تحيط بالمسلسل، وكان لا بد ان نلتقي مؤلفه ليرد على كل ما اثير حوله، وفي بداية حواره مع «الشرق الأوسط» فجر وحيد حامد مفاجأة عندما اعترف بأن المسلسل فشل في تحقيق الأهداف التي كتبه من أجلها. وقال:

كنت أهدف الى تلطيف الأجواء، وفتح حوار حضاري يزيل العديد من جراح الفتنة الطائفية بعد أحداث الكشح، ويخفف التوتر الذي حدث، ولكني اكتشفت ان الشرخ الذي حدث في علاقة المسلمين بالأقباط كان أعمق مما تصورت وقدرت والغريب انني كنت أظن ان الهجوم على المسلسل سوف يأتيني من جانب المسلمين، فإذا هجوم الأقباط أعتى وأشد وأعنف.

* تردد أنك كتبت المسلسل بتكليف من الدولة بعد أحداث الكشح وانه ليس فكرتك في الأصل؟

ـ اعترف أن وزير الاعلام صفوت الشريف اقترح عليَّ مرة ـ مجرد اقتراح ـ ان اكتب عملا عن الوحدة الوطنية في مصر، بعد نجاح الفيلم التسجيلي الذي كتبته لقناة النيل للأخبار حاملا نفس الفكرة وليس معنى ذلك انه مسلسل موجه، بالعكس فقد تناولت الفكرة وعالجتها بكل حرية وجرأة، ولم تتدخل الرقابة التلفزيونية ـ المعروفة بصرامتها ـ في أي شيء كتبته.

* ولكن كلنا لاحظنا تدخل مقص الرقيب في الحلقات الأخيرة بعد أن أرتفعت اصوات المشاهدين محتجة على جرأة الحوار والملابس؟

ـ لم يكن تدخلا بالمعنى المفهوم، ولكنها اشياء بسيطة جدا لم تؤثر على الأحداث ولا على الحوار.

وبالنسبة للملابس فأنا مندهش ممن اثار هذه النقطة، وهل لم ير الفتيات العاريات في اغاني الفيديو كليب التي يبثها التلفزيون ليل نهار، ان ملابس يسرا وايناس تعد محتشمة جدا اذا قورنت بما ترتديه بنات الفيديو كليب، ثم ان ملابس يسرا مناسبة تماما للشخصية التي تؤديها، فهي فتاة عاشت أغلب عمرها في أوروبا وتعمل في شركة بترول كل التعاملات فيها مع أجانب، ومستواها المادي مرتفع، وتعد ابنة طبقة ارستقراطية، فماذا تنتظرون من فتاة بهذه المواصفات؟، ان الذين اثاروا هذه القضية ابتعدوا تماما عن جوهر العمل، واهتموا باشياء هامشية ليست بذات أهمية.

* وغضب الأقباط؟

ـ أنا فوجئت به ولم اتوقعه بهذه الشراسة، فالمسلسل لا يدعو ابدا الى زواج القبطيات من مسلمين، ففي الحلقة 14 من المسلسل قلت بما لا يدع مجالا للشك ـ على لسان عم يسرا وخالها ان الانسان الذي يتنازل عن ديانته للزواج من حبيبته لا يعتمد عليه ولا يوثق به، لأن الدين اسمى وأهم كثيرا من الحب.

وعن رأيي الشخصي فأنا ضد هذا الزواج لما يترتب عليه من مشكلات في المستقبل، خاصة اذا ما نتج عنه أولاد، حيث يظلون حائرين بين عائلات مختلفة الديانة.

ومع ذلك فإن هناك شخصيات قبطية مستنيرة اتصلت بي وأبدت اعجابها بالمسلسل، بعد ان فهمت المغزى الحقيقي منه، وانه لا يحمل أي اساءة للأقباط، ولا يدعو لهذه الدعوة التي لا أعرف من أين جاءوا بها.

* هل تذكر لنا اسماء بعض من تلك الشخصيات؟

ـ هناك مثلا المفكر والكاتب د. ميلاد حنا، والصحافي سعيد سنبل ود. ليلى تكلا. ولا تنسى ان مخرج المسلسل -سمير سيف- هو قبطي متدين. ولو كان في العمل أي اساءة للمسيحية لاعترض ورفض.

* وهل ازعجتك الدعاوى القضائية ضدك؟

ـ اطلاقا، فأغلبها اقامها اشخاص من هواة الشهرة، ثم ان دفاعي في المحكمة سيكون بسيط جدا، وهو ان الشريعة الاسلامية تجيز زواج المسلم من قبطية. وأنا مسلم وعالجت الموضوع من وجهة نظر اسلامية.

* والصورة المثالية التي رسمتها لضابط الشرطة؟

ـ اين هي المثالية، أرجع الى الحلقة الأولى وستجد في مشهد صريح ضابط المباحث ـ محمود بخيت ـ يهدد أحد المتهمين بتلفيق تهمة حيازة مخدرات لاجباره على الاعتراف، ثم الاسلوب غير القانوني في الايقاع بالمعلم «بنورة» ذلك الذي أراد أن يقيم وزارة داخلية قطاع خاص، ويفرض العدل من وجهة نظره.

لقد قدمت ضابط مباحث من لحم ودم. فيه الخير وفيه الشر، وللأسف لقد اعتدنا على الصورة النمطية لضابط الشرطة التي تظهره في صورة رجل بلا قلب.

* ألست معي في أن المسابقة التي يعلن عنها اثناء عرض المسلسل لمعرفة من الذي خطف الطفل الصغير مقابل جائزة تصل الى 5 آلاف جنيه، قد اساءت لهذا العمل الجاد، وحولته الى شيء اشبه بفوازير رمضان، أو برنامج «من الجاني»؟

ـ لست مسؤولا عنه، بل فكرة ابتكرتها الشركة المنتجة للمسلسل من أجل الترويج له، وليس لي حق وقفها أو الاعتراض عليها.

* وبماذا خرجت من تلك الضجة التي صاحبت «أوان الورد»؟

ـ اكتشفت ان مساحة الكذب في حياتنا أكبر مما كنت أتصور، وأننا نتغنى ليل نهار بالتسامح والوحدة الوطنية في حين أن نارا تحت الرماد.

وأنا سعيد بأن المسلسل نفخ الرماد وأظهر تلك النار، فسياسة المواربة لن تفيد، وأصبح من الضروري أن نستبدلها بالمصارحة حتى نعالج الأمور من جذورها، فأحيانا تكون الجراحة مؤلمة وخطرة، ولكنها تكون ضرورية لعلاج الجرح من اساسه، بدلا من المسكنات التي تخفف الألم، ولكنها تبقى الصديد داخله.

* قيل انك دخلت غرفة العناية المركزة في المستشفى هربا من الهجوم عليك الذي كنت تتوقعه؟

ـ «ضاحكا» وهل هناك انسان عاقل يدخل غرفة الانعاش بقدميه؟، اطلاقا. لقد اصبت بأزمة قلبية بسبب المجهود الشاق الذي يذلته في الكتابة ومتابعة التصوير والمونتاج وعندي التقارير الطبية يمكن للمشككين الاطلاع عليها.

* واخيرا. ما الجديد بعد «أوان الورد»؟

ـ قبل أن اجيب كنت احب ان تسألني عن المعنى الذي قصدته من اختيار «أوان الورد» اسما للمسلسل، كنت اقصد الزمن الجميل الذي كان يعم فيه التسامح والحب، ولذلك تلاحظ في تتر المسلسل انني اخترت مشاهد من افلام وصور شخصيات ذلك الزمن الجميل.

اعتقد ان العلاقة بين المسلمين والأقباط قبل ثورة يوليو كانت أفضل وأعمق.

* هل تعني ان الثورة هي التي اصابت هذه العلاقة بالشرخ؟

ـ لا.. وانما توابع الثورة، وظهور الجماعات المتطرفة سواء بين المسلمين أو الأقباط.

أما الجديد بعد «أوان الورد» فهو فيلم سينمائي مع النجم عادل امام بعد عودة العلاقات بيننا الى مجراها الطبيعي.

=