إيناس مكي: هربت من أدوار «الخوجاية» بصعوبة و«أوان الورد» فرصة عمري

الفنانة المصرية تتحرر من حصار المخرجين لها في أدوار الفتاة الأجنبية أو مذيعة التلفزيون

TT

إيناس مكي، هي أشهر «خوجاية» على الشاشة، ملامحها رشحتها لأن تكون يونانية، إسبانية وأحياناً فرنسية أو أن تكون مذيعة عصبية لا تعطي لضيفها فرصة للحوار أو حتى التعليق. وعلى عكس أدوارها المعتادة ظهرت النجمة الشابة على شاشة رمضان لتقول: أنا ممثلة كل الأدوار حيث نجحت في مسلسل «أوان الورد» في تجسيد شخصية فتاه مصرية «مسيحية» تربطها علاقة وطيدة لبطلة العمل الفنانة «يسرا».

ايناس مكي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن تجربتها في «أوان الورد». وكيف هربت من حصار المذيعة والخوجاية.

* أداؤك في هذا العمل كان مختلفاً عما تعودناه منك في أدوارك السابقة، فهل تتفقين معنا؟

ـ نعم، فأنا أعتبر دوري في هذه الدراما التلفزيونية المتميزة «أوان الورد» مرحلة فنية جديدة تختلف وبشكل كبير عما سبق لي تقديمه في المسلسلات السابقة. فأنا أحببت، هذا الدور الذي قدمته في «أوان الورد» ومن أول لحظة قدمت فيها شخصية «نهال أسعد»، بل وحتى أحببت الدور من قبل أن أبدأ في قراءة السيناريو، وكان السبب في ذلك يعود بالدرجة الأولى للأسلوب الراقي والرائع جداً، لترشيحي للدور وعرضه عليَّ من كاتبه المؤلف وحيد حامد، فأنا فوجئت باتصاله شخصياً بي، ولم أكن أعرفه عن قرب، لأنه لم يسبق لي من قبل تقديم أي عمل معه من قبل، فوجئت بصوته في الهاتف، وما أن تبينت أنه هو حتى قال لي أنه يرشحني لدور في «أوان الورد»، وأن الدور بطولة، وأمام النجمة يسرا، فأبديت على الفور وبلا تردد موافقتي على الاشتراك في العمل، ولكنه وبمنتهى الرقة قال لي أولاً نعرف رأيك في الدور، وما إذا كان أعجبك أم لا، وقال لي أيضاً أنه اختارني لأنه يرى الدور يناسبني وأنني من وجهة نظره ومن خلال أدائي لهذا الدور قادرة على الاسراع بايقاع العمل ككل، وهذه شهادة كبيرة جداً، مما شجعني على الذهاب لأخذ السيناريو.

* لم تشعري بالخوف من الدور، خاصة أنك قدمت من خلاله شخصية «نهال» المسيحية؟

ـ لا، لم أشعر بأي نوع من الخوف، وأنا أعتبر نفسي أصلاً فنانة مثقفة ومستنيرة، وللعلم أنا أخذت شهادة الاعدادية، وشهادة الثانوية العامة، من دولة الامارات العربية المتحدة، وبالتحديد من امارة «أبوظبي»، وفي الامارة لا يسمح لأحد بأن ينال شهادة الثانوية قبل أن يدرس ومنذ المرحلة الاعدادية مادة التربية الاسلامية، وهو مقرر ليس سهلاً أبداً، ويتضمن حفظ القرآن الكريم.

وأكملت كلامها، فقالت: الاسلام دين السماحة والتسامح، ويعترف الاسلام بعقائد الآخرين، ويحترم هذه العقائد الأخرى، ومن هنا فإنني أرى أنه كان من العادي جداً أن أقدم هذا الدور، وأنه لا يختلف عن أي دور آخر مادمت وافقت عليه، ووجدته ينال اعجابي فعلاً على الورق، واستفزني فنياً لأقدمه للناس على الشاشة.

* ما هو أهم شيء تضعينه في اعتبارك للموافقة على الدور أو الاعتذار عنه؟

ـ ألا يكون سبق لي تقديمه من قبل، وذلك حتى أكسر طوق حصاري في أدوار معينة، مثلما حدث معي في فترة سابقة عندما حاصرني المنتجون والمخرجون في السينما، والمسرح، والتلفزيون في أدوار الفتاة الأوروبية، أو «الخوجاية» كما نطلق عليها في مصر، وكذلك كادوا يحاصرونني في أدوار المذيعة التلفزيونية.

* ولكنك، نجحت، وأخيراً، في الخروج من حصار هذين الدورين إلى أدوار أخرى جديدة، فكيف تمكنت من ذلك؟

ـ أنا لا أرى في بداية مشواري فناناً أو فنانة يكرر نفسه إذا عرض عليه نفس الدور الواحد في أعمال مختلفة، لأن المخرجين والمنتجين أنفسهم لم يروه إلا في هذا الدور، ولكن أرى أن ذلك يجب ألا يستمر طويلاً، وبمجرد أن تخرج الفنانة إلى دائرة الانتشار فإنه يكون لازماً عليها أن تغيّر اختياراتها الفنية، وتنوع ما تقدمه من شخصيات، لأن ذلك يبرز موهبتها أمام الناس أكثر وأكثر، ومن هنا فإنني أول ما أتيحت لي فرص معقولة للاختيار فإنني تمردت فنياً على شخصيتي المذيعة «والخواجاية» وبالمقابل أبديت موافقتي على نوعيات أخرى من الأدوار.

* وهل يمكنك أن توافقي على مضمون دور لا ينال في حد ذاته إعجابك ما دام مضمون العمل ككل يعجبك؟

ـ بالتأكيد، فالمضمون الشامل للعمل ككل أهم شيء أركز عليه، وأعتقد أنه يجب أن تكون له الأولوية في الاختيار، وبعد ذلك يأتي مضمون الدور الذي أقدمه، وأنا عن نفسي سبق لي تقديم شخصية الفتاة اليهودية، وطبعاً أنا أكره الاسرائيليين تماماً، وأعتبر ما يفعلونه بأخواننا الفلسطينيين دليل إدانة مستمر على عدم انسانيتهم، وعلى نازيتهم، وإهدارهم لحقوق الانسان العربي، والإنسانية ككل ومع ذلك وافقت على ذلك الدور للفتاة اليهودية، وبالتأكيد أنا شخصياً أول من يكون مضمون هذا الدور غير الانساني، ولكني وافقت عليه، لأنه مع مضامين الأدوار الأخرى في العمل ككل يقدم مضموناً درامياً مفيداً جداً، لأنه يعرّي الأطماع التوسعية الصهيونية الشريرة.

* وإذا عدنا إلى «أوان الورد» ومضمون دورك فيه، فماذا تقولين؟

ـ أنا أعتبره مضموناً جيداً، سواء على مستوى الدور نفسه أو على مستوى العمل ككل لأنه يجسد الوحدة الوطنية في مصر، ومدى العلاقة الحميمة بين المسلمين والمسيحيين، وأعتقد أن العمل نجح في معالجة هذه القضية، وبأسلوب جديد يحسب للمؤلف وللمخرج ولأبطال العمل، لأنه كان بعيداً عن التناول المباشر أو السطحي.

وواصلت الفنانة إيناس مكي حديثها، قائلة:

ـ كل الناس رأوا ومن خلالي «نهال» في «أوان الورد»، وهي في المطبخ، وهي في البيت تتكلم في الهاتف، وهي في سيارتها تقودها، وكذلك رأوها في عملها، ومع صديقتها المقربة، ومع زملائها، ومع أهلها، يعني شاهدوها في مشاهد، أو في الحقيقة في مواقف درامية مختلفة.

* ومن وجهة نظرك، ماذا استفاد المشاهدون من ذلك؟

ـ بالتأكيد زادت متعتهم بعد أن أتيح لهم ومن خلال تتبع شخصية «نهال أسعد» في مواقف حياتها المختلفة أن يعايشوها في جوانب كثيرة جداً من حياتها، وهذه المعايشة هي التي نشأ عنها تعلقهم بها وبالعمل ككل.

* ولماذا ذكرت في الحوار أنك لم تجدي عملاً مكتوباً بكل هذا الشمول في معالجته لجوانب مختلفة من الشخصية التي تقدمينها فيه؟

ـ لأني في معظم ما عُرض عليَّ من سيناريوهات سابقة لم أجد مثل هذه المعالجة المتكاملة للشخصية التي أقدمها، سواء شخصيتي أنا في العمل أو حتى الشخصيات الأخرى الرئيسية معي. يعني في الوقت الذي عالج فيه وحيد حامد شخصية «نهال أسعد»، وبهذا الشكل البانورامي، والمتعدد الأبعاد وفي مواقف حياتية مختلفة، فإنني لاحظت أن كل ماسبق لي تقديمه لم يكن يتيح لي في تلك الأعمال التلفزيونية أن أتحرك أو أتكلم أو أعيش على الشاشة أمام الجمهور إلا في مكانين أو ثلاثة أماكن بالكثير، وقد تقتصر هذه الأماكن على البيت ومكان العمل فقط، وتدور كل مشاهد حلقات هذه الأعمال من غير هذا التغيير الكبير الذي يدخله «وحيد حامد» على مشاهد أبطاله في أي عمل يقدمه، وهذه ميزة كبرى تحسب له.

* ولكنك، وكممثلة، ألا ترين أن ذلك يجهدك في الأداء؟

ـ بالتأكيد، ولكن هنا أيضاً المتعة بالنسبة لي كممثلة، فهذا الكاتب المتميز جداً أجبرني بمعايشته على الورق لشخصية «نهال» وفي مواقف حياتية كثيرة جداً أن أستمتع بالبحث عن مفردات كثيرة لهذه الشخصية، وهذا ما أعتقد أنه السبب وراء ما أحس به الجمهور من متعة وهو يراني على الشاشة وفي هذا الدور بالتحديد، لأنه أحس أنني أقدم فعلاً شخصية حقيقية، ومن لحم ودم حقيقي أمامه، وتبدو في عيونه حيّة جداً.

* هذا عن المؤلف، فماذا عن المخرج؟

ـ سمير سيف هو الآخر ليس مخرجاً عادياً، ومن هنا فإن التقاءه مع «وحيد حامد» في هذا المسلسل كان في موضعه تماماً، وربما كان من حسن حظنا نحن كممثلين، وأنا لمست من واقع تجربتي معه في «أوان الورد» أهم شيء أعتقد أنه متميز به كمخرج، وهو هدوءه في البلاتوهات وهذا الهدوء يتيح للفنان أن يكون مع نفسه، ولكنه في نفس الوقت هدوء يشجع الممثلين على المزيد من الابداع والاجادة في الأداء.

يعني مثلاً، كان يتركني أقدم الدور بالشكل الذي أريده طبقاً لاتفاقنا في جلسات العمل، وهذا ما يمكن أن يفعله في الواقع أي مخرج آخر، ولكنه يتميز بأنه يستطيع التحكم في أداء الممثل بإشارات عينيه ويديه، فيشعر الممثل تلقائياً بأن أداءه جاء، مثلاً، «أوفر»، أو زائداً عن اللزوم، وهذا يعود إلى أن سمير سيف نجح في اكتساب ثقة الممثل وفي نفس الوقت أصبح متفهماً لاحتياجات هذا الممثل إلى مخرج يراه من الخارج ويوجهه بأمانة، وبسرعة، وبأقل الارشادات، وأنا والحمد لله فهمت لغته بسرعة واستطعت أن أفهم ما يريد أن يقوله لي أو يطلبه مني باشارة واحدة من عينيه.

* وماهو رأيك في أداء النجمة يسرا والفنان المتميز هشام عبد الحميد في «أوان الورد»؟

ـ طبعاً الاثنان مشهود لهما بالبراعة الشديدة في الأداء، وهذا العمل من وجهة نظري استمرار لنجاحهما المتواصل في تقديم الدراما التلفزيونية بأسلوب كل منهما المبهر والذي يمتلئ بالعمق والسلاسة في وقت واحد، وكانا في أحلى صورهما الفنية.