زاوية أخرى للنظر

لا تزال الفضائيات العربية بمختلف مشاربها تصر على الحديث في قضية حظر ارتداء غطاء الرأس للطالبات المسلمات المنتسبات للمدارس الحكومية في فرنسا.

الكل يتحدث عن القضية من زاوية واحدة وهي مشروعية إقرار مثل هذا القانون. البعض يدافع عن حق الفرنسيين في تشريع ما يناسبهم من قوانين، والبعض الآخر يعتبر أن إقرار هذا القانون يمثل ضربة قاصمة للحريات في فرنسا. ما لم يتم طرحه في الفضائيات العربية هو الأسباب التي أدت بملايين العرب والمسلمين إلى مغادرة بلادهم والإقامة في بلاد غريبة بحثا عن لقمة عيش هاربة أو كرامة مهدرة أو حقوق ضائعة. هذه هي القضية الحقيقية وهذه هي زاوية النظر التي يجب أن نطالع المشهد من خلالها ملايين المهاجرين العرب تمتلئ بهم المدن الغربية، وملايين غيرهم في انتظار فرصة مناسبة للهجرة، وآلاف مؤلفة تقامر بحياتها كل عام وتندفع في مغامرات خطيرة قد تودي بحياتها، طلبا للعيش في الغرب حتى ولو لم يتمكنوا من توفير إطار شرعي وقانوني لإقاماتهم هناك. ثم يأتي بعد ذلك من يتعامى عن رؤية هذا الواقع المهين ويطالب الغربيين بمراعاة أحاسيس جالياتنا الهاربة من نعيم الإقامة في أوطانها، حتى ولو كانت لدى الغربيين أسبابهم المقنعة في سن ما يرونه مناسبا من الشرائع والقوانين. إذا كنا قد عجزنا عن توفير حياة كريمة لهؤلاء المهاجرين عندما كانوا يقيمون بيننا، فبأي منطق نسعى لتأمين حرياتهم في الخارج؟