سميرة أحمد: سعاد حسني سبب اعتزالي الإغراء .. والقبلة لا تصنع فيلما

الكثير من الفنانات الشابات يتخيلن ان الدخول لعالم الفن يجب ان يمر بغرف النوم

TT

سميرة أحمد فنانة من الزمن الجميل تعترف انها لم تمثل في افلام سينمائية كثيرة لكنها استطاعت أن تترك بصمة واضحة في الأعمال التي شاركت فيها. حياتها الخاصة صندوق ترفض فتحه أمام أي أحد وترفض الخوض في أي حديث يتناول أدق خصوصياتها. واخيراً أعلنت سميرة أحمد انها ستنتج مذكراتها وتقدمها تلفزيونياً على حسابها الخاص حتى لا تتعرض للتشويه.

«الشرق الأوسط» التقت بها وخصتنا ببعض اسرار تلك المذكرات وعند لقائنا بها كانت كعادتها في حواراتها سواء التلفزيونية او الصحافية حذرة ومتوجسة تجاه كل اجابة يمكن ان تدلي بها وقد تؤخذ بشكل لم تكن ابدا تقصده ومع ذلك تعترف لنا الفنانة الكبيرة سميرة أحمد انها لم تدخل معترك السياسة خوفا من ان تتورط مثلما تورطت العديد من الفنانات في قضايا غير محسومة حتى الآن.

سميرة أحمد اعترفت ايضا انها لم تتخيل في يوم من الايام ان تدخل عالم الفن وأكدت ان ظروف والدها الصحية، الذي كان يعمل زميلا لوالد سعاد حسني حيث كان يعمل (خطاطا) ايضا، هي التي دفعتها للعمل في عالم الفن، هي وأختها الفنانة خيرية أحمد، وعلى مدى (50) عاما هي مشوارها الفني خاضت سميرة أحمد العديد من المواقف وعاشت الكثير من الحكايات وارتبطت فنيا بالعديد من النجوم منهم أحمد مظهر ورشدي اباظة وسميحة أيوب وسعاد حسني وهو ما دفعها لإعداد مذكراتها الآن لترى النور قريبا وعلى نفقتها الخاصة.

تعود سميرة أحمد للوراء وتحديدا عام 1941 حينما حضرت للقاهرة لأول مرة من محافظة أسيوط أحد اشهر محافظات الصعيد في مصر وتقول سميرة: لقد حضرت أنا وأختي خيرية للقاهرة مع والدي ووالدتي وكان عمري وقتها 6 سنوات فقط وبعد فترة من الزمن بدأ والدي في مواجهة متاعب صحية في عينيه، أدت لمنعه من العمل كخطاط! واضطررت أنا وخيرية للبحث عن عمل للإنفاق على الأسرة حيث كان اخوتي الصبيان صغار السن وطرقنا كل الابواب الممكنة للعمل ومن ضمنها مكتب (ريجيسير) رشحني فيما بعد للعمل ككومبارس في أحد افلام أنور وجدي وكانت أول جملة قلتها في حياتي ( تحبي تشربي شامبانيا ياليلى هانم)؟ وكان ذلك في فيلم «حبيب الروح» لأنور وجدي وليلى مراد. والكثير لا يعرفون بأني أنا تلك الفتاة التي كانت تجلس على البار، وتقول هذه الجملة وقد حصلت على اجر 50 قرشا مقابل هذه الجملة كنت اقف على كرسي صغير لأنني كنت قصيرة حتى اظهر في الكادر! وتتذكر سميرة علاقتها مع الفنان أنور وجدي وانه أول من تنبأ لها بأنها ستكون نجمة لتعمل معه بعد ذلك في عدة بطولات مثل افلام «الأستاذ شرف» و«ريا وسكينة» وتتوالى بعد ذلك الاعمال الفنية ومن اهمها فيلم «أغلى من عينيه» و«البنات والصيف» و«الخرساء» و«خان الخليلي» و«غراميات امرأة».

وقدمت الفنانة سميرة أحمد ادوارا مركبة خاصة بالعاهات الجسمية، فتتذكر ذلك قائلة وهي تضحك: نعم فلقد جسدت دور العمياء في 5 افلام مرة واحدة ومرة اخرى «خرساء» ومرة «مجنونة» لدرجة ان المنتجين اطلقوا علي لقب ممثلة العاهات. وبصراحة خفت على نفسي بعد ذلك، فبعد فيلم «أغلى من عينيه» والذي قمت فيه بدور العمياء توالت الاعمال كلها عن العمي! ومع ذلك قدمت بالفعل عدة ادوار على نفس النمط مثل «قنديل أم هاشم» وفيلم «هل انا مجنونة» وكنت فيه مجنونة وفيلم «الخرساء» و«جسر الخالدين»، عمياء ايضا. واصبحت مشهورة بدور العمياء، في البداية كنت سعيدة بهذا التكثيف في العمل لكن مع مرور الوقت احسست انني على وشك ان اكون عمياء فعلا! واصبحت لفترة طويلة احاول اقناع المخرجين انني ممثلة وقادرة على أداء أدوار فتاة عادية ليست صاحبة عاهة والحمد لله اقتنعوا بموهبتي.

وعن فيلم «قنديل أم هاشم» الذي يجسد علامة في تاريخها كممثلة تقول سميرة احمد: اكثر شيء اتذكره عن هذا الفيلم هو التصوير في حي السيدة زينب الشعبي وهذه كانت متعة فعلا، وقد كرمني وزير الثقافة عن دوري في هذا الفيلم. اما فيلم «الخرساء» فكان اصعب شيء فيه ان مخارج الصوت تأتي من الحنجزة وليس من الصدر وهذا صعب جدا، ولكن الحمد لله كان من ابرز اعمالي السينمائية. وتكمل سميرة حديثها قائلة: علاقاتي في الوسط الفني كانت قليلة بحكم طبيعتي فأنا نوعا ما انطوائية خارج البلاتوهات واحب الوحدة كثيرا، لكنني بصراحة احب نجلاء فتحي جدا لأنها شخصية جميلة جداً وقد عملت معها في فيلم «امرأة مطلقة» وجمعتنا الكثير من المواقف كانت تحاول حل أي مشاكل ممكن ان تواجه فريق العمل بالاضافة الى كونها شخصية متواضعة جدا.

اما سميحة أيوب فهي صديقة عمر وتجمعنا عشرة طويلة، واما فاتن حمامة فهي فنانة أكن لها كل التقدير والاحترام ولكن اقتصرت تعاملاتنا على لقاءاتنا فقط في المناسبات العامة.

وتضيف سميرة عن علاقتها بسعاد حسني، ان سعاد حسني تحديدا قد عملت معها عملين «البنات والصيف» و«غراميات امرأة» وبسبب مشهد خاص في «غراميات امرأة» جمعني انا وسعاد حسني تغير مجرى حياتي واعتزلت تمثيل الإغراء للأبد! فمن خلال قصة الفيلم اظهر بدور فتاة مستهترة طموحة ولعوب تخطف خطيب «سعاد حسني» في الفيلم، ثم تأتي سعاد لتعاتبني فأقوم بضربها في الفيلم، وبعد عرض الفيلم هاجمني الجمهور الذي كان يوقفني في الشارع ويقول لي لماذا ضربت سعاد؟ فأقول لهم هذا تمثيل ولكن لا فائدة! واحسست انهم يكرهونني بالفعل بسبب هذا المشهد لذلك اعتزلت تمثيل ادوار الاغراء للأبد تحسبا لأي سيناريو آخر، ومع ذلك كنا اصدقاء مقربين جدا بعد هذا الفيلم وكنا نخرج سويا ونشاهد افلاما في السينما مع بعض، ومن خلال تعاملي معها طوال تلك السنوات الماضية ما زالت أؤكد ان سعاد لم تنتحر ابدا وأرفض حتى الآن تصديق قصة وفاتها حتى لو اكدت استكوتلنديارد ذلك، فسعاد شخصية محبة للحياة وكانت تجلس امام المرآة لعمل المكياج بالساعات، كما قامت بعمل ريجيم لانقاص وزنها 13 كيلو قبل نزولها لمصر واجرت تقويما لاسنانها، اذن لقد كانت تستعد للحياة من جديد فكيف تنتحر؟

اما عن شقيقتها الفنانة خيرية احمد، فتؤكد سميرة ان شخصية خيرية في الحقيقة مختلفة تماما فهي شخصية جادة جدا حتى في المواقف الضاحكة، وهذا ما لا يعرفه عنها الجمهور على الرغم من انها لا تقدم الا الادوار الكوميدية.

وتضيف سميرة أحمد عن مسألة المنافسة بينهما انها غير واردة بالمرة، لأن خيرية لها ميول فنية مختلفة فهي تعشق الكوميديا وتحب المسرح اما أنا فلي خط مختلف فلم أمثل مسرحا في يوم من الأيام لأني لم اجد نفسي فيه كما انني لم أقدم الكوميديا من قبل لأني احب الدراما.

وأعتقد ان زواجها من الكاتب الكوميدي العظيم يوسف عوف هو من الذي جعلها كوميدية لأنها في الواقع جادة للغاية، وتؤكد سميرة ايضا انها قدمت اعمالا مشتركة معها في فيلمي «امرأة مطلقة» و«خذني بعاري» والمرة الوحيدة التي حاول البعض الوقيعة بينهما كأختين حينما كنت اقوم بمسلسل «أميرة في عابدين» وقالوا إني لم ارشح اختي للقيام بدور اختي في المسلسل لأنني أغار منها وأحضرت سميرة عبد العزيز مكانها وكان الأمر مضحكا جدا! القبلة في افلام سميرة أحمد كانت بحدود، وهو ماتفسره سميرة أحمد بقولها نعم كنت اخاف جدا من القبلة في السينما لأنني اكتشفت ان الجمهور في احيان كثيرة لا يصدق ان هذا تمثيل وقد كنت اخاف على سمعتي للغاية لأني في النهاية صعيدية ولي حدود اقف عندها! وتضيف سميرة: القبلة لا تصنع فيلما وما زلت حتى الآن لو جاء لي مشهد حب حتى ولو بدون قبل اتردد كثيرا واشعر بحرج كبير.

وعن هذه الجزئية تحديدا وكمقارنة بسينما اليوم التي اصبحت تتضمن بشكل كبير المشاهد الساخنة بلا خجل.

تنفعل سميرة أحمد وتقول: خلع الملابس لا يصنع نجمة، وأشعر بخجل كبير حينما أرى مشهداً عارياً في افلام هذه الايام، فنانات الجيل الجديد يفهمن الفن خطأ، للأسف، الكثير من الفنانات الشابات يتخيلين ان الدخول لعالم الفن يجب ان يمر بغرف النوم. واقول لهن صدقوني قد تنجمن للحظات لكن نحن ما زلنا نعيش في مجتمع شرقي مهما كان منفتحاً على الغرب لكن لا يتخلى عن تقاليده وعاداته وحشمته ايضا بسهولة.

وفي افلامنا كنا نرتدي المايوهات مثلا لكن بلا ابتذال او خلاعة او اثارة للغرائز وللأسف ايضا من خلال ما أقرأ أجد معظم الشابات في حواراتهن الخاصة يرحبن بأدوار الاغراء ويربطنها بالاحتراف، واحتراف الفن ليس معناه قلة الأدب! وعن رجال الوسط الفني تتذكر سميرة احمد ان أحمد مظهر كان فارسا بمعنى الكلمة وقد مثلت معه اكثر من 5 افلام وكان فنانا محترما للغاية ويتمتع بأخلاق الفرسان في كل تعاملاته، اما رشدي أباظه فما زلت اذكر له رومانسيته الشديدة مع كل الفنانات اللاتي عمل معهن فكان كل يوم اثناء تصوير فيلم «عالم عيال عيال» يرسل لي وردة حمراء تحية الصباح.

اما شكري سرحان فقد كان شخصا يحس بالمسؤولية تجاه من يعمل معه بشكل غير عادي واذكر له في فيلم «السابحة في النار» كان عندنا تصوير خارجي امام الجامعة وتجمع الناس حولنا فقام شكري سرحان وأخذ «يخطب» في الناس قائلا لهم لو عندكم اخت أو زوجة هل تضايقونها هكذا، وبالفعل ابتعد الناس عنا.

والعملاق عماد حمدي كان أبا لكل من يعمل معه، فقد كان يشعر الجميع بالأمان وأنه مسؤول عنهم في كل تفاصيل حياتهم اثناء التصوير وبعده! وعلى الرغم من ان سميرة أحمد مثلت امام كل نجوم الفن تقريبا لم نجدها في فيلم واحد امام العندليب عبد الحليم حافظ وعلى العكس وقفت امام منافسه الأوحد فريد الأطرش وعن هذه المفارقة تقول سميرة: لم يكن الامر محسوباً بهذا الشكل فلقد مثلت مع عبد الحليم حافظ في انتاجه وهو فيلم «البنات والصيف» اما عن تمثيلي مع فريد الأطرش فكان عن طريق الصدفة وعندما طلبني في فيلم «شاطئ الحب» كنت سعيدة جدا وبالفعل أعتز بهذه التجربة جدا، وبصراحة التمثيل امام مطرب مسألة مرهقة جدا خاصة لو بيغني لها في الفيلم فعليها طوال الاغنية ان تظل صامتة وتبتسم فرحة بأن البطل يغني لها وهذا شيء ممل جدا! اما عن الافلام الدينية في السينما المصرية ودور سميرة أحمد في فيلم «الشيماء» الذي كان من علامات الافلام الدينية فتقول: الافلام الدينية الآن لم تعد موجودة واضع امام هذه العبارة مليون علامة استفهام، فهل عندما يتوفر لنا الامكانيات الهائلة والتقدم التكنولوجي نصرف الملايين على افلام الهلس بدلا من ان نقدم افلاما على الاقل تبين الحقيقة امام الغرب الذي يهاجمنا باستمرار في اسلامنا؟ وعندما أرى المسلسلات السورية مثلا يذهلني هذا الكم الهائل من الامكانيات والاهتمام الدقيق بكل التفاصيل لأعمال دينية من ملابس واضاءة وحوار وتمثيل، انه بالفعل شيء مشرف واعذروني اذا قلت لكم انني غيورة جدا من ذلك.

وعن توقيت اعتزالها تقول سميرة: أعتزل حينما أجد انني ليس لدي ما اقدمه و أن الفن الذي سأقدمه لن يضيف لرصيدي الطويل بل ربما سيقلل منه حينها فقط سأقرر الاعتزال حتى اظل امام جمهوري بالصورة التي رسمها عني.