نصير شمة ينسج على العود حكايا صاخبة في أمسية بيروتية

TT

حمل الفنان العراقي نصير شمة الى بيروت دفء اوتار عوده وعمق مقطوعاته لينسج على مدى ساعتين من الزمن حكايا صاخبة في مضمونها، تخاطب العقل والروح وتنقلهما الى عوالم فتانة.

كان الموعد في جامعة القديس يوسف والجمهور الذي تذوق نكهة شرقية تتواصل فيها المقامات من الحجار والتراث الكردي في تقنيات آلة عود حديثة، أبحر في فضاء مقطوعات تصور العشق والألم وحتى الرصاص الضارب في جسد بغداد وصوت سيارات الاسعاف التي تنقل المصابين.

صخب يجاوره سكون، ليصمت العود إمعاناً في هدوء ما بعد العاصفة.

في تواضع واضح، توسط شمة قاعة «بيار ابو خاطر»، حدّث الجمهور عن عنوان كل مقطوعة قبل ان يغوص في بحر اوتاره لينسج على العود قصصاً طويلة تحفر في الذات، وتدفع المخيلة الى ترجمة صدى الموسيقى. من «طفولة» الى «امرأة معاصرة» مروراً بـ«الجنوب الروح» و«حالة وجد» و«طائر الفردوس»، وصولاً الى «العامرية»، التي ألهبت الحضور بتفاصيلها الناضجة بالألم، من الطائرة التي تقصف الملاجئ الى صوت اسعاف فالسكون الصاعق وبعدها ربما البكاء على مدينة سويت بالارض.

ولم تغب بغداد عن الوتر، اذ حيا شمة مقاومتها عبر مقطوعة لم يوفق بعد في تسميتها، ثم استحضر حرب الخليج الثانية عبر ليلة لم يسمع في المدينة، التي يجاورها الموت من كل صوب ويلفها السواد، سوى خرير مياه دجلة.

«امرأة معاصرة» عنوان لافت صاغه باصوات غنج، ثم توغل العود للمقارنة بين الجدة والحفيدة ليذهب بعدها الى تفاصيل يوميات هذه الاخيرة.

مقطوعات طويلة تحض الخيال على الولوج الى مكنونات العود لتسبق بعدها الآهات التصفيق المتواصل. موسيقى نصير شمة محملة بالمعاني التي تصيب سامعها بالذهول من قدرة الوتر على الرسم والتصوير. الجدير ذكره ان شمة يعتبر من ابرز العازفين في العالم وموسيقاه تتخطى حدود الوطن العربي لتلامس القارات الخمس، وهو مؤسس «بيت العود العربي» في دار الاوبرا المصرية ويعمل استاذاً لآلة العود التي حملها من وطنه العراق حيث تتلمذ على العازف الراحل منير بشير. وفي القاهرة مقره الحالي اسس ايضاً فرقة «عيون» لموسيقى التخت الشرقي.