سوق الكاسيت العربي يعتمد على «ضربة الحظ»

التزوير ساهم في تدهور قيمة شراء الكاسيت وأشرطة إيهاب توفيق الأكثر رواجا

TT

يشهد سوق الكاسيت العربي رواج الالبومات الغنائية المعتمدة على الاغنية القصيرة التجارية بعيداً عن اغاني الطرب، مؤكدة القول المصري «الجمهور عايز كده» ويوضح الملحن والموزع اللبناني هادي شرارة ان «القفشة» او الجملة القصيرة والبسيطة تقف وراء انتشار كاسيت اكثر من غيره وبالتالي في نجاح مطرب معين. ويضيف شرارة الذي سبق ووزع اغنية «عربي انا» ليوري مرقدي و«قالولي عنو كلام» لهيفاء وهبي ان توزيع الملحن بات يستحوذ على النسبة الاكبر من نجاح الاغنية او فشلها في وقت صارت فيه الالحان متشابهة وترتكز على 7 نوتات موسيقية تتكرر على مدى العام. اما الكلام فصار شبه عادي، فيأتي التوزيع الموسيقي يرفع من شأن الاغنية او يتسبب بهبوطها.

ويعطي شرارة المثل على ذلك بأغنية «عايشالك» للمطربة اليسا، والتي يعبر نجاحها من نجاح توزيع موسيقاها، وقد تكفل به جان ماري رياشي، ويعود شرارة الى الماضي ليتذكر ايام اغاني الرحابنة وام كلثوم، التي لم تكن بحاجة لتوزيع لحنها لانه بحد ذاته كان ناجحاً وقريباً الى القلب. فاللحن الجميل يقول شرارة يفرض نفسه على المستمع وبالتالي على بيع الكاسيت اكثر من غيره. ويوضح شرارة الى ان هنالك دائماً فلتة شوط لأغنية غير تجارية ذات لحن جميل، ولو بات وجودها نادراً، لا سيما ان الالحان التركية واليونانية تغزو عالم الاغنية اللبنانية حالياً.

محمد السبع صاحب شركة لتوزيع الكاسيت وصناعتها في لبنان يؤكد «ان آفة سوق الكاسيت العربي حالياً هي عدم وجود حافز لشرائها من قبل المستهلك ولذلك شهد هذا السوق تراجعاً ملحوظاً في مختلف الدول العربية ولا سيما مصر ولبنان» ويوضح السبع «ان التزوير ساهم في تدهور قيمة شراء الكاسيت بشكل ملحوظ، وقد وصلت هذه القيمة الى دولار واحد، في حين ان سعر الكاسيت الحقيقي يفوق الدولارين، اضف الى ذلك انتشار الـ «سي دي» المزيف ايضاً والذي يقدم لك اكثر من 20 اغنية رائجة مقابل ثمن بخس لا يزيد عن الدولارين ايضاً».

ويضيف: «انها اغاني العاب ما عادت تحمل الجدية في الاداء والكلمة واللحن فصارت الاغنية مريضة ولا من يداويها». ويتوقع السبع ركوداً تاماً لسوق الكاسيت عامة بعد حوالي السنتين لان قاعدة النجاح غابت لتحل محلها «ضربة الحظ» فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد هناك معايير او مقاييس معروفة لنجاح الالبوم اولاً. ويتردد في اسواق الكاسيت حالياً اسماء جديدة في عالم الفن حققت نجاحات ملحوظة وغير متوقعة امثال «آدم» و«طارق» و«ايمن زبيب»، حيث باع كل منهم اكثر من خمسة آلاف شريط وهو رقم قياسي لفنان مغمور وفي الاطلالة الاولى له. اما بورصة الكاسيت للعام الماضي فقد تربع على عرشها كل من جورج وسوف ونجوى كرم، حيث فاقت مبيعات البومهما الـ 75 الف شريط، فيما لم تتجاوز اعمال عاصي الحلاني واليسا وفارس كرم نسبة الـ 30 الف شريط. ويأتي ايهاب توفيق في مقدمة الفنانين العرب الذين حققوا نجاحاً كبيراً في رواج البوماتهم، فيما قوبل شريط المطرب كاظم الساهر بمبيعات خجولة كما تردد. وتلتقي رجاء موسى مديرة شركة «مون لايت» لتوزيع الكاسيت مع رأي زميلها محمد السبع فيما يخص المقاييس الحالية المعتمدة لنجاح ألبوم اكثر من غيره وتقول: «لم يعد هناك قاعدة معروفة فيما يتعلق باسماء النجوم، لان بعضهم ما زال محافظاً على الاسم فقط فيما مبيعاته شبه معدومة. فالنجاح يتوقف على مزاج جمهور من ناحية وحظ المطرب من ناحية اخرى، ويجتمع هذان العنصران ليؤلفا معيار النجاح.

وتؤكد رجاء «ان شركات انتاج الاغاني تفرض على الموزعين ارقاماً محددة لتعطيها الحق الحصري بتوزيع شريط ما وعادة ما تحدد بكمية تبلغ 30000 شريط في المرحلة الاولى وتصل الى 60000 خلال العام بكامله لالبوم نجم معروف»، مشيرة الى «ان سوق تزوير الكاسيت سرق 80% من ارباح السوق الحقيقي مما انعكس سلباً على اسواق الكاسيت عامة».

ويرتبط نجاح البوم مطرب ما بارتفاع عدد حفلاته ونجوميته، فاذا كانت غزيرة فهذا يعني انها حققت مبيعاً ملحوظاً واذا لا فالعكس هو الصحيح.

يذكر ان بعض شركات الانتاج تدفع مبالغ مرتفعة قد تتجاوز النصف مليون دولار الى نجم كبير، لتسوق له عملاً جديداً، يختار بنفسه كلمات اغانيه والحانها، لان اسم النجم يكفي ليعوض تكاليف الشركة. وتجدر الاشارة الى ان كلفة تسجيل الاغنية الواحدة في الشرط تصل الى عشرة الاف دولار.

وصار المطرب النجم يدفع له ما فوق النصف مليون دولار ليضع صوته على الالحان ويسجلها فيما كانت هذه الارقام خيالية، ولا يفكر فيها ولو في الحلم عمالقة الفن الراحلون امثال كوكب الشرق ام كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز او وديع الصافي.