فلسفة الكوميديا

TT

الشخصيات الكوميدية التي تعمر في ذهن وذاكرة ووجدان المتفرج هي تلك التي تجسّد ضعفنا لا قوتنا .

الكوميديا تحتوي على نزعة إنسانية أعمق من تلك التي تتضمنها قوالب الفن الأخرى ، لأنها كانت السبّاقة في الانتصار للضعف البشري . الكوميديا أبعد ما تكون عن المثالية ، والفنان الكوميدي يحب البشر كما هم لا كما يجب أن يكونوا . انه لا يحملهم أكثر مما يطيقون كما تفعل التراجيديا والشعر والأوبرا وغيرها من الفنون . في الكوميديا نضحك مرتين : مرة للضعيف المغلوب على أمره ، ومرة من القوي الغالب على الأمر . الكوميديا تنتقم لنا من الظلم على طريقتها الخاصة ، إنها تضحكنا منه ، والضحك يشير دوما إلى وجود أمر ما غير طبيعي وغير منطقي . الظلم سواء كان ظلم الناس أو الحياة أو الظروف ، هو أمر مستهجن وغير طبيعي، هذا ما تؤكد الكوميديا على إيصاله . المفارقة بدورها لا تنتج عن المنطق ، في كل مفارقة ظلمٌ من نوع ما ناتج عن خطأ ما . الخطأ يولّد الظلم ، والظلم يولد المفارقات ، والظلم الأكبر هو أن تطلب من البشر أن يرتفعوا فوق مستوى آدميتهم في السينما أوجد نجيب الريحاني شخصيات من لحم ودم وسط موجة الأبطال المثاليين ، وقبله فعل شارلي شابلن على المستوى العالمي الشيء نفسه. الكوميديا هي أول من رفع العاديين والمهمشين إلى مصاف الأبطال .

الكوميديا لا تنتصر للمثالية ، وهذه هي مثاليتها .