«حلزون» الفن المغربي الساخر حسن الفد يصالح الجمهور مع المسرح

TT

استطاع الفنان الكوميدي المغربي، حسن الفد، ان يصنع الحدث في المشهد المسرحي المغربي، من خلال عرضه الاخير «الدكتور غلالة» او «الدكتور حلزون»، حيث نجح في استرجاع الجمهور الى فضاء فن الخشبة، باعداد لم تستوعبها الطاقة الاستيعابية لمسرح محمد الخامس بالرباط، مما اضطره للاعلان عن تنظيم عرض خلال نفس الاسبوع. فعلى بعد ثلاثة ايام من موعد العرض بيعت كل التذاكر واغلق الشباك، وحصل الامر نفسه، بمدن اخرى، ولجأ الكثيرون من محبيه الى اقتناء التذاكر في السوق السوداء باضعاف قيمتها الاصلية، حتى يتمكنوا من متابعة عرض «الدكتور حلزون».

ويمثل هذا النجاح، الذي لقيه هذا العرض الساخر، مصالحة حقيقية بين المسرح والجمهور المغربي، وتمكن هذا الفنان بذلك ان يعيد الاعتبار للمسرح ولهذا الجنس الفني ايضا.

ويعتبر الفد من المسرحيين المتميزين، الحريصين على البحث والاجتهاد من اجل تقديم نتاج او منتوج فرجوي برؤية مغايرة وبحس فكاهي يخلق تجاوبا ممتعا بين المتلقي والفنان المسرحي.

وتمكن الفد، بالفعل، ان يمنح للجمهور المغربي، لحظات مضيئة وممتعة، فوق الخشبة، بتجسيده لشخصية «الدكتور غلالة» الفريدة من نوعها، حيث تقدم شخصية غير مألوفة في قالب فكاهي يجمع بين الواقع والخيال ويبحث في عالم حقيقي بطريقة سريالية.

فـ «الدكتور حلزون» كما قدمه الفد، تخصص في علم او عوالم الحلزون، هذا المخلوق المستضعف والمثير للاسئلة ليعلن ضمنيا انسحابه من القضايا الجادة والاسئلة المباشرة المثقلة بهموم الحياة ومشاغلها، تمرد عن تقوقعه في «صدفة» الجدية والنصح والوعظ وخرج من دائرة الارشاد التقليدية، ليتخصص في عالم الحلزون واصوله وطرق عيشه وحتى حالاته النفسية والمزاجية.

لقد استمتع الجمهور بهذا العرض المليء بالحركات والحوارات والمواضيع المتداخلة المستوحات من الحيوان البسيط والمواقف الغريبة والمتناقضة التي نصادفها في حياتنا اليومية، فتثير فيها اسئلة الاستغراب والالم والسخرية في نفس الوقت.

فسؤال الهجرة السرية مثلا، نقله الفد، عبر مشاهد صنعها واستوحاها من رحلة البطل الامازيغي المغربي، طارق بن زياد، فاتح الاندلس، وتمكن بطريقة ابداعية لاتخلو من السخرية ان يعطي لهذه الظاهرة بعدا مغايرا عبر سلسلة من الصور والاحداث في قالب فكاهي جميل.

واختار الفد توظيف اللهجة المغربية المحلية في عروضه، مذكرا انها سبيله لبناء جسر تواصلي سهل مع الجمهور.

ولم يكتف الفنان الفد في هذا العرض الذي استغرق قرابة ساعتين (بدون توقف) بتقديم دور واحد، بل كان ينتقل من شخصية لاخرى، تقف من حين لآخر عن الشخصية المحورية شخصية «حارس السيارات» هذا الشخص البسيط الذي يجسد المواطن المغربي العادي بهمومه واحلامه وطموحه وتطلعاته، وقد تمكن في كل مرة اعتماد لغة الضحك التي تتغذى من تجاوب المتفرج وتسحبه من عالمه المثقل بعبء الحياة والمسؤوليات الى عالم الضحك والفرجة الممتعة والمفيدة.