المخرج المغربي محمد إسماعيل يحلم بأن يشارك بفيلمه «هنا ولهيه» في مهرجان «كان» السينمائي

TT

قدم المخرج المغربي محمد إسماعيل أخيرا في الدر البيضاء العرض الأول لثالث أفلامه المطولة بعنوان «هنا ولهيه» (هنا وهناك)، الذي يعالج قضية صراع الأجيال في صفوف أبناء المهاجرين المغاربة في أوروبا، ويعكس جوانب من الانحراف الذي يروح ضحيته أبناء المهجر حيث يقدم الفيلم معاناة أب قضى حوالي أربعين سنة في فرنسا مع أبنائه الذين دخل أحدهم السجن بعد مشاركته في عملية سطو مسلح على محل تجاري واعتقال الشرطة الفرنسية له بعدما حاول ضرب ابنته سميرة (الممثلة سناء العلوي)، التي عادت في ساعة متأخرة إلى المنزل، ورائحة السجائر تفوح منها. وبعدما يقدم الفيلم مشاهد عن الصراع الدائر داخل هذه الأسرة المهاجرة، تنتقل كاميرا المخرج اسماعيل إلى مدينة الدار البيضاء ليظهر في أول لقطة شخصية المختار (الممثل رشيد الوالي) الذي لبس الجلباب وأطلق اللحية وهجر الدنيا والناس في ريعان شبابه حيث اكتفى ببيع الخضر أمام باب المنزل بعد حصوله على الإجازة في اللغة العربية.

وينبجس الاختلاف الواضح بين المغاربة، أهل البلد، والمهاجرين في الفيلم بعد عودة الأب (الممثل حميدو بنمسعود) بمعية أبنائه وزوجته (الممثلة منى فتو) إلى بلدهم من أجل قضاء العطلة الصيفية، فبينما كانت سميرة تفضل مشاهدة الأغاني الغربية الصاخبة، كان المختار يعبر عن امتعاضه منها ويخطف جهاز التحكم من يدها ليشاهد قنوات الوعظ والإرشاد، فجميع ما كان يقرأه من كتب ويستمع إليه من شرائط يصب في هذه الخانة بينما كان أبناء عمومته المهاجرين منشغلين بالاستمتاع بصخب الحياة وامتطاء صهوة جنون الشباب الذي قادهم إلى الانحراف وأضرم نيران الحرقة في قلب الأب الذي ظل حائرا بين ثقافة وسلوك أبنائه وعقليته المحلية التي تملي عليه احترام مجموعة من القواعد في السلوك والمعاملة.

وقال المخرج اسماعيل لـ«الشرق الأوسط» :« إنه أمام المشاكل الاقتصادية واجتماعية التي يتخبط فيها المغرب يلتجأ العديد من الشباب إلى الخوض في البحث عن الهوية بشتى أشكالها سواء عن طريق الانحراف أو تحقيق الشهرة الرياضية أو الالتزام الديني»، وأردف قائلا «إن إبراز شاب ملتح في الفيلم يعبر عن هروب من واقع معين حيث حاول الفيلم وضع الأصبع على بعض المشاكل التي يعانيها المجتمع المغربي، فلا يمكن أن نغطي الشمس بالغربال، فالواقع أبدا لا يرتفع».

وأضاف المخرج المغربي أن واقع المهاجرين أنهم غرباء ومضطهدون في أوروبا (هناك) ومحتقرون في بلدهم (هنا)، حيث تبقى النظرة إليهم اقتصادية محضة وكأنهم أبقار حلوب، أو صندوق ضمان اجتماعي للأسر الموجودة في المغرب الذي لا يقدم لهم أي شيء. وأكد اسماعيل أنه لم يعد أحد اليوم يصدق خرافة «الجنة الأوروبية» حيث أن المهاجرين الأوائل رحلوا إلى أوروبا بعدما كانت في حاجة إلى أيد عاملة متخصصة أو غير متخصصة بعيد الحرب العالمية الثانية حيث صار الواقع المعيش لهذه الفئات يجسد وجود أزمة.

وأشار اسماعيل إلى أن موت العديد من الشباب المغربي في مضيق جبل طارق (حوالي14 كيلومترا بحرية بين المغرب وإسبانيا) ناتج عن رغبة في التحدي ما دامت أوروبا تغلق أبوابها أمام مواطني دول العالم الثالث.

ودعا المخرج المغربي الدول الأوروبية إلى منح التأشيرة للشباب المغاربة لأنهم سيذهبون ويعودون إلى وطنهم عندما يكتشفون الواقع المزري للمهاجرين.

وأقر بأن السينما التي يؤمن بها في المغرب هي تلك التي يتعايش معها الجمهور، وهي سينما واقعية يضع فيها الأصبع على بعض المشاكل التي لا يمكن للسينمائيين المغاربة أن يعالجوها، لكن باستطاعتهم إثارتها على الأقل.

ويعد فيلم «هنا ولهيه» ثالث فيلم مطول للمخرج محمد إسماعيل بعد فيلم «اشتام محمد أوليدي»، وفيلم «وبعد» الذي لقي نجاحا كبيرا، ويعرض الفيلم في 17 قاعة سينمائية منذ الأربعاء الماضي حيث يحلم مخرجه بأن يشارك به في مهرجان «كان» السينمائي الدولي.