عرض فيلم «ذاكرة معتقلة» للمخرج المغربي الجيلالي فرحاتي

سجين سابق يتلمس ماضيه السياسي عبر الفيلم

TT

قدم المخرج المغربي الجيلالي فرحاتي العرض الأول لفيلمه الجديد «ذاكرة معتقلة» خلال الأسبوع الجاري بمدينة الدارالبيضاء (وسط المغرب)، ويحكى الفيلم قصة معتقل سياسي يدعى «المختار العلوني» (الممثل الجيلالي فرحاتي) الذي فقد ذاكرته أثناء وجوده بالسجن لمدة طويلة، فلم يعد يذكر تفاصيل حياته الأولى خارج السجن إلا من خلال بعض الصور المنبجسة من غياهب الذاكرة المعتقلة التي تجعله يستعيد حدث اعتقاله أثناء وجوده بالمدرسة، كما ظلت صورة وشايته برفاقه تعذبه طيلة الفيلم وتدفعه إلى احاطة ذاته بسياج من الغموض.

وتعرف المختار العلوني داخل السجن على الزبير (الممثل محمد مروازي) الذي يعشق التمثيل ويجسد بعض المقاطع المسرحية أمام المعتقلين، وداخل حياة الزنازن جمعت بينهما علاقة صداقة خصوصا أن الزبير بدوره فقد والده داخل السجن بعد اعتقاله لأسباب سياسية. ويرفض المختار العلوني مغادرة السجن حتى بعد انقضاء مدة عقوبته، فصخب الزنازن وصرير الأبواب الحديدية وسقي الأزهار الذابلة صار يختصر تفاصيل حياته اليومية، لذلك رفض أن يغادر الزنزانة صوب العالم الخارجي.

وفي احد مشاهد الفيلم المؤثرة يسترجع الزبير لحظة اعتقال والده من داخل المنزل بعيد عيد الأضحى ويمزق آذانه صوت الأم وهي تصرخ أثناء لحظة الاعتقال، وفجأة قررت إدارة السجن طرد المختار العلوني صوب زحمة الحياة الخارجية التي كان يخشها وكلفت صديقه الزبير بمساعدته في البحث عن ذاكرته المفقودة، وهنا تبدأ رحلة أخرى خارج أسوار السجن تختلط فيها الذكريات الأليمة التي توقظها الأمكنة باصرار البعض على معرفة تفاصيل زمن انقضى.

وقال الجيلالي فرحاتي مخرج الفيلم لـ«الشرق الأوسط» إنه حاول من خلال فيلم «الذاكرة المعتقلة» التطرق إلى سنوات الجمر بطريقة غير مباشرة، مضيفا أنه حاول سبر أغوار هذه الحقبة من خلال شخصية المختار العلوني الذي لم يعد يملك غير ذاكرة جسده لاسترجاع تفاصيل الزمن الماضي، وأكد فرحاتي أن الفيلم ينطلق من تجربة فردية تروم التعبير عن مخاضات جماعية عاشها المجتمع المغربي في وقت من الأوقات، مشيرا إلى أن حضور شخصية الزبير في الفيلم ترمز إلى معاناة جيل ما بعد جيل سنوات الرصاص يعد ضحية أيضا، لأنه عاش الخوف ولم يعرف كيف يتجاوب مع الوضع السياسي والاجتماعي.

واعتبر الجلالي فرحاتي أن تكوينه في مجال التمثيل منذ بداية مشواره السينمائي ساعده في تجسيد دور «المختار علوني» مبرزا أن اشتغاله على السيناريو جعله يدرك التفاصيل النفسية لهذه الشخصية مما مكنه تقمصها بجميع تناقضاتها والتعبير عن معاناتها مثلما كتبت على ورق السيناريو. وعاش المغرب في السنوات الخمس الأخيرة موجة أفلام تطرقت إلى موضوع الاعتقال السياسي الذي طال المغرب في عقد الستينات والسبعينات فيما أصبح يعرف في المغرب بـ«سنوات الرصاص» مثل فيلم «منى صابر» للمخرج المغربي عبد الحي العراقي، وفيلم «علي وربيعة وآخرون» لمخرجه أحمد بولان و«درب مولاي الشريف» للمخرج حسن بنجلون.