باتريسيا داغر: اللبنانيون لا يتقنون القيام بالأمور على أكمل وجه

الممثلة اللبنانية ترى أن ارتداءها الملابس القصيرة لا يسيء إلى سمعتها وما يقدم في المسرح و التلفزيون لا يفهمه المشاهد

TT

فضلت الفنانة اللبنانية باتريسيا داغر ان تمتهن التمثيل الكوميدي، وخصوصاً في المسرحيات الانتقادية الساخرة او «الشانسونييه» مع المخرج مارك قديح وماريو باسيل، على الرغم من انها حصلت على إجازة في الحقوق ، انتقلت للعمل التلفزيوني مع برنامج «منع في لبنان» على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال. أما السبب فيعود كما قالت داغر الى شخصيتها التي ترفض القيود وتفضل كل ما هو حيوي ومثير «لذلك حاولت في البداية ان اسجل كطالبة في العلاقات العامة في الجامعة اللبنانية لكنني لم اوفق فانتقلت الى الحقوق التي لا تحتاج الى امتحانات دخول. وعندما سقطت في السنة الاولى بسبب ارتباطي بعرض للازياء خارج لبنان، وسجلت في مدرسة الحكمة، ولأؤمن الاقساط اشتغلت في مسرح الشانسونييه مع مارك قديح».

إلا أن ما بدأ كوسيلة لتأمين القسط تحول الى هوس وادمان ولم يعد بامكان داغر الابتعاد عن المسرح. لكنها لم تتوقف عن الدراسة «كان هدفي الحصول على شهادة جامعية تضمن مستقبلي، كون التمثيل لا يعتبر مصدر رزق مستمرا». ورغم حبها للشانسونييه ترفض ان تشتغل مع فرقة اخرى «لأنني تعودت على اسلوب مارك قديح المميز والرفيع».

لكنها لا تمانع من الاشتراك في عمل درامي يظهر قدراتها التمثيلية اذا عرض عليها مع ان المشكلة التي تصادفها تتمثل في سيطرة المحسوبيات على عالم الفن «فما ان يشتغل الممثل مع فرقة مسرحية معينة او تلفزيون ما، حتى يحسب عليهما ويخشى المخرجون الاستعانة به في اعمال اخرى، خوفاً من رفضه او ربما هم يخشون ان يطلب مبلغاً مرتفعاً كونه معروفاً جماهيرياً». واضافت: «وحدهم ممثلو الجيل القديم خرجوا عن قيود المحسوبيات. اما نحن فهم يسيطرون علينا حيث نعمل ويفرضون علينا نوعية الادوار التي ترضيهم. وقد يكون الحق معهم كونهم ينظرون الينا كفنانين يجب ان نظل في برامج تعطينا حقوقنا على اكمل وجه».

ولم تنكر داغر ان معظم المسارح تنتقص من قيمة الشانسونييه مما يؤثر على نظرة المجتمع حول من يشتغل في هذا المجال «لكنني متأكدة ان من يتابع مسرحنا سيلمس الفرق بنفسه. فنصوصنا مدروسة ومتماسكة فيها فن اصيل ولا تستخدم النكتة للنكتة، بل لوضع الاصبع على مكامن الخطأ في مجتمعنا، غير ان بعض المشاهدين قد يعتبروننا مهرجين، الا ان السبب هو انهم لا يفهمون ما نقدمه جيداً لانهم تعودوا على ألا يفكروا كثيراً في ما يشاهدونه على التلفزيون او المسرح». واضافت: «وفي مسرحنا رغم انه يقدم عروضه والناس على موائد الطعام والشراب لكنه لا يعطيهم الفرصة للأكل او الشرب بل يشغلهم بالديكور والمواقف والثياب وسرعة الربط بين الفقرات وهذا ما اخبرنا به المشاهدون، لذلك لا يعتمد مسرحنا على الاعلانات بل على الجمهور الذي يتولى الاعلان عنه بنفسه».

وبالنسبة الى برنامج «منع في لبنان» تستنكر باتريسيا ما يروجه البعض بأنها تمثل بشكلها فقط قائلة: «صحيح ان هذه النوعية من الاعمال تركز على الشكل قبل الموهبة ولا انكر انهم استغلوا شكلي في البداية لكنني مؤمنة بطاقاتي التمثيلية وقدرتي على الاداء. من دون ان انكر وجود فتيات يعتمدن على شكلهن او القابهن الجمالية، إلا أنهن عاجزات عن الاستمرار، بينما مضى علي في هذا المجال 3 سنوات واقدم كل اسبوع شخصية جديدة».

واكثر ما يغضب باتريسيا هو التعليق على ما ترتديه من ثياب قصيرة وخلافه، «بالنسبة الي احب عملي واقوم بكل ما يلزم لضمان استمرار البرنامج ولو كان ارتداء ملابس كاشفة من دون ان ارى في ذلك ما يسيء الى سمعتي». وتؤكد باتريسيا ان من يعترض على ذلك «يعبر عن جهل وتخلف وان كان نابعاً عن اصل محافظ، لكن لماذا يريدوننا ان نختبئ خلف اصبعنا وما يحصل في الحفلات والسهرات يعتبر منافياً للآداب والحشمة اكثر مما نفعله على التلفزيون»، مشددة على ان «من لا يعجبه برنامجنا عليه ان لا يشاهده في الاساس، لكنه لا يستطيع فهو يعلم في قرارة نفسه ان ما يراه يعجبه فسيستمر في متابعته لمجرد الانتقاد وهذا في حد ذاته مكسب لنا لان الحديث عن برنامجنا ايجاباً ام سلباً يعني انه ترك اثراً وهذا ما نريده». وتوضح باتريسيا ان البراعة في برامج الكوميديا تكمن في قدرة العمل على لفت نظر المشاهدين، اضافة الى صدمهم، لكنها ترى ان اجتراح مواضيع صادمة اصبح مهمة صعبة بعد ان اصبحت كلها مجترة ومتكررة، «الا ان الامل يظل موجوداً لا سيما ان اللبنانيين لا يتقنون القيام بالامور على اكمل وجه مما يسمح لنا بانتقادهم سياسياً وفنياً واقتصادياً».

وعلى قدر تعلقها بالتمثيل تكره باتريسيا التقليد «فالتمثيل شعور واحساس، بينما التقليد مجرد نقل لشخصيات اخرى موجودة في الواقع بشكل مبالغ فيه. وانا اكره المبالغة لانني لا احب جرح من اقلدهم وهذا ما يجعلني مقلة في هذا المجال، الا اذا اضطررت الى ذلك. اضف الى ذلك ان التمثيل اهم من التقليد فكل ممثل بارع يمكنه التقليد لكن ليس كل مقلد جيد يستطيع التمثيل».

ولا تمانع، داغر من احتراف التقديم، شرط ان يكون برنامجاً شبابياً خارجاً عن المألوف، لانها لا تحب نمط استقبال الضيوف والقيود المفروضة على تصرفات المقدمة وتفضل ان تظل على طبيعتها.

ولم تبعد عن نفسها احتمال امتهان المحاماة «فأنا اعلم ان شكلي يفرض نفسه وكما استطعت ان اجد قبولاً لدى المشاهدين في الكوميديا، اقدر على ان اكسب احترام المحامين والقضاة بجديتي المفرطة. بالضبط كما استطعت ان اقنع اهلي بمهنتي. بحيث اصبحوا يفخرون بي في المجالس العامة وان كنت اعلم ان بعض الاقارب ما زالوا يبدون امتعاضهم في السر، لكنني احب الفن واتعامل معه بجدية تامة وهذا برأيي كل ما يلزم للنجاح وكسب احترام الناس».