صباح .. نافذة بيروت القادمة من زمن الحب

TT

صباح، أو جانيت جرجس فغالي، اسم ارتبط بتاريخ يحكي حكاية فنانة جمعت موهبة الغناء والتمثيل، وأتقنتهما وبرعت فيهما إلى أن دخلت قلوب الملايين بلا استئذان. لصوتها الأثر الكبير في التعريف عنها، إضافة إلى جمالها وخفة دمها، مما جعل الكثير من الرجال يتمنون الارتباط بها في مسيرة حياتها الحافلة بالأزواج.

صباح من مواليد 1925، من بلدة «بدادون» في قضاء جبل لبنان، تزوجت 7 مرات وتقول «سبَّعت الكارات»، وتعترف بأن الزوج الوحيد الذي ترك تأثيره في حياتها حتى بعد انفصالهما، هو الممثل الراحل رشدي أباظة.

بدايتها الفنية كانت عام 1943 في مصر، حيث مثلت في فيلم «القلب له واحد» مع آسيا داغر. وتتذكر أن أول أجر تقاضته في مصر كان 150 جنيها مصريا، أما في لبنان فتقاضت عن أول حفلة قدمتها «قطعة شوكولاته»، مع أنها لا تحب الشوكولاته منذ صغرها.

المطربة صباح تنقلت في مختلف أرجاء العالم. بلدها الأول لبنان والثاني مصر، إلى أن حطَّت بها الأيام حالياً في أوتيل Confort في الحازمية، شرق بيروت، بعد أن باعت منزلها ومفروشاته، وكان سبق أن وضعتها كأمانة لدى خطيبها السابق عمر محيو، وتبين في ما بعد أن أحد أقربائها حصل على المفروشات من دون أن يأخذ إذناً مسبقاً منها، مع العلم بأن منزلها متواضع جداً، ومحتوياته بعيدة كل البعد عن الفخامة، وعن شخصية صباح التي كانت تعرف بالبذخ اللامحدود في شتى المجالات، وقد ترك هذا المنزل لدى صباح بصمات جميلة، حيث عاشت آخر قصة حب مع ملك جمال لبنان لعام 2000 عمر محيو، الذي ما زال في عز شبابه، ودامت هذه القصة عاماً واحداً إلى أن قررا الافتراق عن حب. وهي التي أعلنت أنها تريد أن تُعلّم الناس كيف تُحب لآخر لحظة من حياتها.

صباح تكّن محبة خاصة لأهل السعودية والكويت، وتعترف بأنهم لغاية الآن لم يتخلوا عنها أبداً، تتذكر طفولتها، وكل حدث في حياتها ترويه من دون أن تدخل في تفاصيل حياة أزواجها، تنظر إلى الماضي كأنه سحابة عابرة ودرس للمستقبل، وتعترف بأنها فشلت في كل زيجاتها. مثلت في 85 فيلماً، وتقول إنها فقدت فيلمين منهما، وقبل أن تصعد إلى المسرح تفضل أن تختلى بنفسها لمدة 10 دقائق.

أطلقوا عليها ألقاباً كثيرة، منها: الشحرورة والصبوحة والأسطورة. بصمات الزمن على وجهها زادتها تألقاً وجمالاً وعزماً على تجديد بعض أغانيها القديمة، وقد اختارت الأحلى منها مثل «دخل عيونك حاكينا» و«جيب المجوز يا عبود». كما قامت بتصوير أغنيتها الجديدة «شو فيها الدني» التي صدرت أخيرا على طريقة الفيديو كليب، وهي كلمات الياس ناصر، وألحان جورج كرم، وتم التصوير في أحد استوديوهات جونيه.

«الشرق الأوسط» التقت بها وكان معها هذا الحوار:

* صباح بعد تجربتك الفنية الطويلة كيف تنظرين إلى الإعلام، وهل أعطاك حقك أم لا؟

ـ الصحافة أعطتني حقي وأكثر، ولكن البعض كانوا مأجورين ووجهوا إلي انتقادات لأن مصلحتهم تتطلب ذلك، غير انني كنت أتقبل انتقاداتهم.

* مثل ماذا؟

ـ انتقدني بعضهم لأنني أحببت عمر محيو الذي يصغرني بسنين، لكن البعض الآخر وقف ومعي وساندني.

* كيف كانت علاقتك بعمر محيو؟

ـ كانت علاقة حب، ولم أكن أنوي الزواج به لأنه يصغرني بكثير، وأحببته لأنه صادق وأفكاره جميلة، وعلى الرغم من فارق السن كنت أنا طفلة أكثر منه، خاصة انني أريد أن أثبت للناس أنه باستطاعتهم الحب حتى آخر رمق في حياتهم.

* وكيف كانت تجربتك مع فادي لبنان؟

ـ لا أنكر أنها كانت تجربة جميلة جدا، ومن المهم أنه لم يجرحني بكلمة واحدة طيلة السنوات التي امضيناها سويا، ولكن في النهاية وقع في حب امرأة احبها واراد ان يعيش حياته.

* ما صحة الإشاعة التي تحدثت عن علاقة بين فادي لبنان والممثلة المصرية نبيلة عبيد؟

ـ لا، أعوذ بالله، نبيلة أعز صديقة لي، ولكن فادي كان على علاقة بسيدة أعمال عربية، ووضعها المادي لا بأس به.

* وماذا عن عدد أزواجك؟

ـ سبعة، وتطلق ضحكتها المعهودة وتقول كما في: المثل اللبناني «سبعت الكارات».

* كيف تقبل المجتمع تعدد زيجات صباح؟

ـ في بداية مشواري الفني كنت في مصر، وهناك يتقبلون ذلك.

* كيف كانت تتم كل زيجة من زيجاتك السبع؟

ـ كل حسب دينه، زواجي بالمسلم كان يتم على الطريقة الإسلامية، وزواجي بالمسيحي على الطريقة المسيحية.

* المعروف عنك إن طلاقك من رشدي أباظة كان له الأثر الكبير في حياتك وتتكلمين عنه دائماً، ما هو السبب؟

ـ نعم تزوجت برشدي أباظة في بيت أخته زينب في مدينة صيدا بجنوب لبنان، لقد كان يحبني كثيراً، مات رشدي وهو ما يزال يحبني.

* ما هو سبب انفصالكما؟

ـ في الماضي كان المجتمع قاسيا مع الفنان إذا اخطأ ولا يسامحه بسرعة، «والله يرحم» سعيد فريحة لأنه راح ينشر صور سامية جمال زوجة رشدي حينذاك، وهي تعمل في المنزل «تكنس وتبكي»، وراح الناس يقولون إنني أبعدته عن زوجته فوقع الطلاق، وشاءت الصدف أن أذهب إلى المغرب من أجل إحياء حفلة بدعوة من الملك حسن «فأغرمت» بزوج أخت الملك مولاي علي، وكان «بيجنن».

وحينها حذروني من العودة إلى لبنان قائلين: «كلهم ضدك»، وهكذا انتهت القصة، فأغرمت بمولاي علي وتركت مولاي رشدي.

* هل أنت نادمة على ذلك؟

ـ نعم نادمة عليه، فقرارات الإنسان الصغير في السن ينتج عنها تصرفات غير صائبة وغير مسؤولة.

* وماذا عن قصتك مع الصحافي والوزير والسفير السابق غسان تويني؟

ـ كانت مزحة، من خلال برنامج كان يعرض على إحدى المحطات، «ولكن يا ريت، يا ريت».

* هل يعجبك؟

ـ نعم يعجبني كثيراً، ولا يزال وسيما، وأفكاره رائعة كأنه ابن عشرين.

* ما سبب تألقك الدائم؟

ـ أفرح لانني وصلت إلى هذا العمر وما زلت أحافظ على رشاقتي وشكلي، فأنا لا أدخن أبدا، وأواظب على النوم 8 ساعات يوميا، كما انني أنتقي نظاما غذائيا يناسبني، والمهم انني أعيش على مهل ولا أدع أي شيء يزعجني أو يعكر مزاجي.

* هل باستطاعتك ذلك؟

ـ أكيد.

* كيف؟

ـ أنا أعيش وحيدة فليس هناك من يعكر علي.

* لماذا أنت محبوبة من الرجال؟

ـ لا أعرف، وإذا أردت أن أتزوج الآن أستطيع ذلك.

* كيف كانت حياتك الشخصية؟

ـ حياتي الشخصية يمكن وصفها بالحزينة بعض الشيء، ولكن حياتي الفنية جميلة جدا.

* ألم يأخذ ولداك، هويدا وصباح، جزءاً من وقتك؟

ـ بالطبع، هويدا وصباح هما أهم شيء بالنسبة لي في هذه الدنيا، يعيش ابني الدكتور صباح في الولايات المتحدة، ولم يتعبني أبدا عندما كان صغيرا، لكن هويدا أتعبتني قليلاً وهي تعيش اليوم في كاليفورنيا.

* لماذا لا تأتي هويدا إلى لبنان؟

ـ تعودت على نمط العيش في أميركا ولم تعد تقتنع بالعيش هنا.

* ماذا تعمل هناك؟

ـ لا شيء.

* من يصرف عليها ماديا؟

ـ أنا.

* صباح كنت كلما اتصلت بك يقولون لي إنك مشغولة في التصوير، هل لديك مشاريع تحضرين لها اليوم، وهل تعملين لغاية الآن بدافع حبك للفن، أم من أجل المال؟

ـ لا، اشتغلت بما فيه الكفاية طيلة مشواري الفني، و لم أعد في سن تسمح لي أن أعمل، ولكن قد ألبي دعوة لإحياء حفل على مستوى راق.

* من يعيل صباح ماديا؟

ـ مستورة والحمد لله، الشعب العربي يكن لي كل الحب والتقدير ولم يتركني أبدا.

* هل ندمت على شيء؟

ـ لا ولمّ الندم، الله أعطاني أكثر مما استحق.

* هل ترتدين ملابس تليق بك، أم تفضلين مواكبة الموضة الحالية؟

ـ يتمنى المصممون أن أرتدي فساتين من تصميمهم وهم يقدمون لي الملابس، ولكن أفضل أن أرتدي الثياب التي تليق بي، مع العلم أن قوامي يساعدني على ارتداء ما هو رائج من موضة في السوق.

* من أعجبك من الرؤساء؟

ـ كميل شيمعون.

* ومن سيدات المجتمع؟

ـ ستريدا جعجع.

* ما هي قصة الفستان الأبيض من فرنسا؟

ـ انها قصة طريفة، فما حصل هو أن المنتج اللبناني طنوس فرنجية تقدم بطلب الزواج مني، فوافقت شرط أن يحضر لي فستاناً أبيض للزفاف من فرنسا، وبالفعل ذهب إلى باريس وأحضر لي الفستان، ولكن ولسوء حظه عاد إلى القاهرة ليجدني متزوجة من أحمد فراج، ولكنه لا يزال يحتفظ بفستان الفرح وألبومات صوري، والأهم انه لا يزال يحبني.

* ألم تتصلي به؟

ـ لا، «خلص كبر» وتضحك...

* من هو الرجل الذي أثر فيك؟

ـ المرحوم سعيد فريحة أخذت منه ولم أعطه.

* هل تخافين من الوحدة؟

ـ أختي لميا تزورني مع ابنتها، وكذلك ابنة أختي سعاد، ولي أخ في أميركا وآخر في البرازيل.

* من المعروف عنك انك اهتتمت كثيراً بابنة فادي لبنان وابنة وسيم طبارة هل تتصلان بك؟

ـ كلا، فابنة وسيم تعيش في ايطاليا ولا تتصل بي أبداً، أما ابنة فادي لبنان فلم تكن مسرورة مني لأنها تعتبر انني أخذت منها والدها.

* ما الذي أحزنك في حياتك؟

ـ موت أختي سعاد، وحرب لبنان.

* كيف كنت تتغلبين على أحزانك؟

ـ المصيبة تكون كبيرة في البداية ومن ثم تصغر، واعتقد أنه يجب دائما التطلع إلى الأمام وليس إلى الوراء، واعتبر الماضي درساً للمستقبل.

* من كان يشاركك في قراراتك؟

ـ لم يساعدني أحد أبدا.

* ابنك؟

ـ لا أدخله في قراراتي ولا أستشيره.

* ماذا يعني لك لبنان؟

ـ أجمل بلد في العالم.

* مصر؟

ـ بلدي الثاني.

* لماذا تبتعدين عن صداقة السيدات؟

ـ لا أحب أن أضيع وقتي مع أي سيدة همها ماذا أكلت وماذا شربت...

* ما هو الشيء الذي يجعل صباح تبكي؟

ـ المرض أو أي مكروه يصيب أهلي.

* هل تعتبرين نفسك مؤمنة؟

ـ يا لطيف، ما في غير الايمان.

* أية أغنية من أغنياتك محببة إلى قلبك؟

ـ «ساعات ساعات».

* لماذا؟

ـ لأن كلماتها وألحانها مميزتان جدا، ولم يأت مثلهما بعد.

* وماذا عن مسرحياتك؟

ـ مسرحية «موسم العز».

* وأي فيلم؟

ـ «الأيادي الناعمة».

* إذا استطاعت صباح أن تبدأ حياتها من جديد، ما هي المهنة التي تقوم بها؟

ـ فنانة.

* بماذا تفكرين الآن؟

ـ أفكر بتجديد أغنياتي، وألونها بنمط معاصر.

* ما هي نظرتك إلى المرأة العربية؟

ـ أجمل امرأة في العالم، بالاضافة إلى كونها عاطفية ومثقفة واجتماعية، في حين تجدين المرأة الأجنبية تشبه الماكينة والآلة.

* كلمة أخيرة؟

ـ الايمان والعائلة ووطني لبنان ومحبة الناس.