الكوميدية زينة دكاش: التقليد لا يدخل في خانة التمثيل

نجمة «بسمات وطن» لـ«الشرق الأوسط»: لن أعيد تجربة الغناء مرة جديدة

TT

زينة دكاش ممثلة لبنانية ذاع صيتها اخيراً بعد ان اشتهرت بشخصية «ايزو» من خلال برنامج «بسمات وطن» الانتقادي الساخر على شاشة الـ «ال. بي. سي». ورغم ان كثيرين يستسهلون تجسيد هذه الشخصية الطريفة، الا ان زينة تؤكد من ناحيتها بأن «ايزو» هي عصارة ثماني سنوات من العمل المسرحي. وتصفها بالشخصية الفريدة من نوعها والتي تتمتع بجرأة وعفوية، تخولاها ان تكون البطلة في اي موقف تواجهه ولذلك يتطلب الدور جهداً للحفاظ على استمراريته من دون احداث اي ملل لدى المشاهد.

وترى زينة ان شخصية «ايزو» تشبهها في بعض النواحي من حيث علاقاتها الجيدة، عفويتها وتأقلمها بسهولة مع الآخرين ولكنها في احيان كثيرة ترخي بظلها على شخصية زينة الحقيقية، فتطغى عليها وتجعل الناس يتأثرون بها تلقائياً فلا يفرقون بين الاثنين مما ينعكس سلباً على مواقف يومية تواجهها في بعض الاحيان.

وتروي زينة ما حصل معها في احد المستشفيات الذي نقلت اليه اثر حادث سيارة اصيبت به، وكانت تنزف وتعاني من بعض الرضوض في كتفها عندما هجم احد المعجبين، ملقياً عليها التحية بضربة سددها اليها على الكتف وهو يقول «ايزو» تمرض هذا غير صحيح. «لقد فاجأني بالفعل وتألمت مرتين مرة لانني توجعت ومرة لان الناس تنسى انني زينة اي مجرد انسانة تتألم وتحزن...».

وتوضح زينة التي درست الفن المسرحي، لمدة عام كامل في معهد فيليب غولييه العالمي في لندن انها وفي بداية مشوارها التمثيلي مع فريق «بسمات وطن» كانت تجهل كل ما له علاقة بالسياسة ورجالها، واليوم اصبحت ملمة بالوضع السياسي عامة. وهي من المعجبات بنائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي اذ يتمتع بشخصية ملائمة للتقليد. ولكنها من ناحية اخرى لا تحب التقليد وتقول: «باستطاعتي ان اقلد ولكن هذا لا يدخل في خانة التمثيل برأيي».

والمعروف ان زينة خاضت اكثر من تجربة تمثيلية في عدة مسرحيات، بينها ما كتبته بنفسها، ومنها «فلافل فلافل» وهي انتقادية سياسية قدمتها عام2001 و«انا وثلاث بنات» و«محادثة ثلاثية» ما بين عامي 2002 و2003 . كما خاضت تجربة فريدة من نوعها مع المخرج الايطالي ماركو بالياني الذي اختارها مع عدد من زملائها عام 1999 لتقديم مسرحية متجولة في مناطق ايطالية. ولا تتوانى زينة عن توجيه اللوم الى نفسها كونها حساسة بشكل كبير، الا ان الامر لا يزعجها لان الاحساس المرهف يؤكد الوعي والتركيز ومعرفة التعاطي مع الامور. وترى زينة ان التمثيل كان بمثابة علاج نفسي(Therapie) خضعت له بشكل غير مباشر وجعلها تخرج ما في داخلها من دون معاناة، فتخلصت مثلاً من العصبية الزائدة التي كانت تجتاحها لابسط الامور. هذا الامر دفعها الى خوض غمار العمل الاجتماعي من خلال مؤسسة «ام النور» لعلاج الشباب اللبناني من الادمان على المخدرات والكحول. ومهمة زينة هي مساعدة هؤلاء على تخطي مشاكلهم ومواجهتها بشجاعة من خلال التعبير المسرحي، بحيث يجسد المدمن شخصية معينة تكون محور ادمانه، فيتحدث عنها من دون خوف وبشكل غير مباشر. «لان الممثل لديه دائما ما يخبئه في جوفه، ربما يكون نوعاً من المعاناة او الحزن، او الفرح او اي شعور آخر لا يرتاح إلا بعد ان يخرجه من داخله تماماً كما يحصل مع المدمن فيتخلص من قلقه بواسطة التمثيل».

وقد اعجبت زينة بنجمتين راحلتين وتابعتهما منذ نعومة اظفارها وهما علياء نمري وهند ابي اللمع وتقول «كانتا رمزاً لاحلامي الكبيرة، وهما من عمالقة التمثيل في لبنان، الا انهما رحلتا للاسف من دون ان تحظيا باهتمام رسمي وشعبي يليقان بمسيرتهما».

ولكن هل تخاف زينة على مستقبلها الفني في بلد لا يبدي تقديراً ملحوظاً للفن واهله؟.

تجيب: «في البداية نعم، كانت تراودني المخاوف انما بعد ذلك وجدت مهنة ثانية اقدّم فيها العون للآخرين ودائماً من خلال الفن ارتحت وما عادت هذه الهواجس تقض مضجعي». وتضيف: «العمل مع هؤلاء الشباب الذين وصلوا الى مشارف النهائية ثم عادوا الى الحياة من جديد علمني ان اتسلح بالامل وان اكون جاهزة دائماً للبدء من الصفر».

وكانت زينة قد شاركت اخيراً في جولة فنية في استراليا مع فريق برنامج «بسمات وطن» حيث احيت ثلاث حفلات متتالية، لاقت نجاحاً كبيراً لدى الجالية العربية هناك «اللبنانيون في الخارج يتابعون الاخبار السياسية تماماً وكأنهم في لبنان، الامر الذي جعلهم يتمتعون بالاسكتشات التي قدمناها فيضحكون لها ويصفقون لأي قفشة او «لطشة» سياسية نمررها...».

ولا تنزعج زينة من هجمة العناصر الشبابية الجديدة التي تشهدها ساحة التمثيل في لبنان لا سيما من قبل بعض المذيعين «لقد فضلت طوني خليفة كمقدم تلفزيوني فيما وجدت لدى جلال شهدا طاقة تمثيلية لم يستطع اظهارها على حقيقتها...» وتضيف: «لست من هواة التمثيل او من يخوض هذه التجربة بشكل عام لان من يقدم على التمثيل لا بد ان يدفعه لذلك شيء ما في داخله».

ومن التجارب الفنية التي خاضتها زينة ايضاً الغناء فقد طرحت منذ فترة شريطاً بعنوان «من وقتها» وهو كناية عن رسائل غير مباشرة ارادت توجيهها الى شريحة من المتزوجين والعشاق واصحاب الهموم اليومية على طريقة المونولوج...

وتقول زينة «كانت تجربة جميلة، انما اعتقد اني لن اعيدها خصوصاً واني دخلتها ببراءة وهنا يكمن خطأي». وزينة التي استلهمت التمثيل من شقيقتها الكبرى فسبقتها في هذا المجال، تجد ان خفة الظل تأتي تلقائياً لدى الشخص وتكشف عن الحقيقة والشفافية لديه وهي شخصياً تفضل التعامل مع هذا النوع من الناس. وتستعد زينة حالياً لتقديم مسرحية من تأليفها وبطولتها واخراجها بعنوان «بيناتنا» وهي انتقادية اجتماعية ساخرة قررت ان تقوم ببطولتها وحيدة على المسرح. «احب التحدي واشعر ان لدي الطاقة التي تتطلب هذا الدور». وتضيف: «لا اخاف المغامرة فهي تبعث فيّ التجديد وتبعدني عن الملل اما الحزن فأتخلص من خلال التحدث عنه». وما يزعجها على الساحة الفنية بشكل عام هم الاشخاص الذين يعيشون في القشور ولا يعرفون كيف يطورون انفسهم. اشبههم بوجبات «الفاست فود» التي تشعرك بالتخمة ولكنها لا تغذيك فتكون شهرة الفنان سريعة ولكنها لا تستمر.