الملف الأسود لقراصنة الساحة الغنائية في مصر والوطن العربي

سرقة الألحان الغربية.. جريمة أم إفلاس فني؟

TT

الملف الأسود لقراصنة أو لصوص الساحة الغنائية العربية عامة والمصرية خاصة مليء بحقول الألغام، فهو ملف شائك ومثير إلى أبعد الحدود بعد انتشار ظاهرة السرقة بشكل عشوائي أو منظم في عدة محاور مختلفة نبدأها الآن بسرقة الألحان الغربية، فهناك سرقة علنية للألحان الأجنبية خاصة التركية والأسبانية، وهناك سرقة للألحان المصرية والعربية علي يد ملحنين أجانب وأيضا سرقة الكلمات وسرقة التراث الموسيقي لكبار صناع النغم في الوطن العربي عن طريق الشركات الوهمية التي تضخ ملايين الألبومات يوميا ليغرق بها سوق الكاسيت والشوارع والأرصفة واستخدام D.J لتشويه هذا التراث ايضا.

من جانب آخر، وصولا إلى سرقة أفكار الأغاني المصورة بطريقة الفيديو كليب ونقلها حرفيا، بل وصل الأمر لسرقة اسم المطرب نفسه وهو على قيد الحياة.

تلك الظواهر السلبية التي أفقدت الموسيقي العربية هويتها وملامحها واتزانها وكيانها والتي جعلتها تتراجع للوراء بعدما ندر الإبداع.. في هذا الملف الأسود للسرقات على الساحة الغنائية ناقشنا الظاهرة وحللناها وأظهرنا مدى خطورتها من خلال آراء متخصصة جديرة بالتقدير والاحترام. سرقة الألحان الغربية

* الموسيقار حلمي بكر لفت الانتباه إلى كارثة محققة إذا لم نعيرها الاهتمام.. وهي سرقة بعض الملحنين المصريين للألحان الغربية كالإسبانية والتركية قائلا: كل صاحب لحن من هؤلاء مدرك تماما لما يحدث حوله ويعرف جيدا ما إذا كانت ألحانه تمت سرقتها في أي مكان في العالم أم لا .. وفي ظل اتفاقية «الجات» سوف يصبح الأداء العلني وقانون حماية الملكية أمرا مشروعا للجميع وعندما يقوم هؤلاء الملحنون الغربيون برفع دعاوى قضائية بالتعويض وسوف يحكم لهم بها ووقتها لن يكون بأيدينا شيء نقدمه للهروب من الموقف، لهذا يجب على جميع أجهزتنا المختصة التحرك سريعا قبل فوات الأوان.

وأشار حلمي بكر إلى ان هناك ظاهرة أخرى بدأت تطفو علي السطح مؤخرا وهي تحضير روح فلان من عمالقة الفن حتى أصبحت الصيغة الكلامية المتعارف عليها عند سرقة أي لحن، وأنا عن نفسي حضّروا روحي أكثر من مرة وأخذوا جملا موسيقية من ألحاني وعندما اكتشفت الأمر اعتذر لي السارق رغم انه كان ملحنا كبيرا له اسمه في الوسط الغنائي. ولكن ما زال تحضير أرواح عمالقة الألحان مستمرا سواء الموجي أو بليغ حمدي أو السنباطي ولا أعلم إلى متى سوف تظل عملية القرصنة مستمرة. الملحن هاني مهنا أكد ان موضوع السرقات أصبح يمثل النسبة العظمى من الأغاني الآن سواء كانت سرقات داخلية أو خارجية، وأنا من الملحنين الذين تعرضوا لسرقة ألحانهم .. عندما اخذ مطرب كبير لحن احدى أغنياتي ونسبه إلى نفسه ورغم اكتشافي للموضوع إلا أنني فضلت عدم الكلام لأنني لو تحدثت سوف يصبح حديثي دعاية لألبومه، وقررت عدم البوح بهذه السرقة، لأن ذلك أفضل من وجهة نظري بعدما أصبحت السرقة جهرا ومعلنة للجميع وأصبح الجمهور على وعي بكل ما يحدث، كما أن عدم وجود شريحة قانونية تجرم هذا الفعل أتاح للجميع الأمر بسهولة ويسر.

في الماضي كانت السرقة محدودة من خلال شرائط الكاسيت... أما الآن أصبحت السرقة على الفضائيات يراها الجميع بوضوح.

وبهذا أتمنى أن تخصص لجنة فنية ضمن اختصاصات إدارة التراخيص بوزارة الثقافة أو الرقابة العامة علي المصنفات الفنية لتقييم المسألة ومعرفة ما هو مسروق حتى يتم ردعه.

أما الملحن أحمد السنباطي الذي قام برفع ثلاث دعاوى قضائية في هذا الصدد علق قائلا: لا يصح أخلاقيا أن تحدث مثل هذه السرقات ولا بد أن يلتزم الفنان بمواثيق وأعراف الفن الموسيقي الراقي حتى لا يقع تحت طائلة القانون، وأنا كواحد من الفنانين ورثت عن والدي تركة كبيرة من الألحان وكذلك من أكثرهم تشددا في عدم التهاون في حقي وحق والدي الموسيقار الراحل رياض السنباطى ..لأنني الحارس الرسمي على تاريخه من الألحان، لذلك كانت الدعاوى القضائية الثلاث للحماية وليس للتعويض وبالفعل حكمت المحكمة برفع الأعمال التي شوهت الألحان الأصلية من السوق وبمجرد رفع الأعمال تنازلت عن القضايا.

وأرجع السنباطي تفشي هذه الظاهرة الآن إلى صمت أصحاب الحقوق عن حقهم، فمنهم من يصمت قائلا إنه لا توجد مشكلة .. لأن هذا وجود للحن الأصلي في السوق وهذا بالطبع تصرف سلبي .. وآخرون يصمتون خشية المشاكل والبلبلة ... ولذلك أطالب الزملاء الفنانين أن يكونوا غيورين على أعمالهم وعلى كل تراثنا الفني وإن حدث وحصل اعتداء على مصنف فني.. عليهم بعدم التردد في الإبلاغ عن السارق، فهذا حق شرعي لأي فنان ولا يجب التهاون فيه حتى لا تكثر الفوضى والسرقات الفنية عن طريق الدخلاء على الوسط الغنائي. وعلى نفس اتجاه السرقة أكد الملحن حسن إش إش عضو مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية وعضو مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين بأنه كان قد تقدم بشكوى للنقابة يتهم فيها مصطفي كامل بسرقة لحنه الذي قدمه حكيم في أغنية «السلام عليكو».. ووضعه على أغنية «بس قول يا رب» والتي طرحت في ألبومه قبل الأخير. وقال إش إش : كان لا بد وان أحارب السرقة والفساد وإذا لم آت بحقي أولا فكيف إذن آتي بحقوق الآخرين الذين يتعرضون لنفس هذا الموقف وهؤلاء منحوني المسؤولية والثقة في نقابة الموسيقيين، كما أن المحكمة الدستورية أعطت كل ذي حق حقه وقالت لا بد لمن يدخل المجال الغنائي أن يكون له ترخيص سواء من جمعية المؤلفين والملحنين أو نقابة المهن الموسيقية بخلاف ذلك يعرض للمساءلة القانونية .. فليس «كل من هب ودب» يصبح فنانا.

المايسترو صلاح عرام النقيب الأسبق لنقابة المهن الموسيقية اعتبر سرقة الألحان حالة من الإفلاس يعانيها من وجد بطريقة الخطأ على الساحة الغنائية وأطلق عليهم لقب ملحنين.. وأكد قائلا : في الماضي كان الملحن يواكب الحركة الصناعية والسياسية والاجتماعية لهذا كان دائما لديه الجديد... أما الآن فأصبح الملحن يسعى لكل ما هو راقص وفي سبيل ذلك أصبح كل شيء أمامه متاحا فيأخذ من الجمل الموسيقية ألحان الغير ويشوهها وينسبها إلى نفسه وبهذه الفعلة يعرض نفسه لمساءلات قانونية لا حصر لها.

ومنذ شهور قليلة مضت، كشف توزيع جمعية المؤلفين والملحنين أن الملحن بليغ حمدي والشاعر مرسي جميل عزيز حصلا على أداء علني لكل منهما 180 ألف جنيه، وذهب المبلغ لصالح الورثة وذلك عن أغنية «ألف ليلة وليلة» التي أخذتها احدى المطربات العربيات وتغنت بها في حفلاتها الخاصة والعامة.

الناقد الموسيقى صفوت كمال يري أن موضوع السرقات يعود لأمرين.. غياب الموهبة والدراسة.. وأكد قائلا: إذا كان لديهم موهبة سوف تظهر الإبداع الفني داخلهم وإذا وجدت معها الدراسة فسوف يساعد على هذا إتقان عملية الصياغة الموسيقية وليس الابتكار واللجوء إلى الاقتباس ،والسرقة دليل على أن الملحنين لا توجد لديهم رؤية فنية خالصة.

وحول الإجراءات المتبعة حيال سرقة الألحان بجمعية المؤلفين والملحنين يقول الشاعر عمر بطيشة رئيس الإذاعة المصرية ورئيس الجمعية السابق: إن الجمعية قامت باستحداث لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية وتبحث في مثل هذه الشكاوى ممن عنده تظلم سواء كان شاعرا أو ملحنا يتقدم للجنة التي تشكل من كبار الخبراء والملحنين المصريين لتقرر عملية القرصنة والاعتداء على اللحن أم لا .. وعندما تثبت صحة الشكوى هناك لائحة تحدد العقوبات التي تفرض على السارق منها تحصيل الواردات من السارق وتقسم بالتساوي مع صاحب المصنف الأصلي والمعتدي كما ترسل له إنذارا يعقبه درجة العقوبة ببطلان عضويته والشطب من سجلات جمعية المؤلفين والملحنين التابع لها.

ويؤكد اللواء أحمد الفولى مستشار الاتحاد الدولي لمنتجي الكاسيت ورئيس المركز القانوني لملكية الحماية الفكرية والأدبية ومكافحة القرصنة، أن جريمة الاعتداء على لحن ملك ملحن آخر خاصة في عملية السطو على الألحان الغربية.. تعد جريمة على الملكية الفكرية وحقوق المؤلف، وهناك فرق بين هذا الاعتداء وشراء اللحن.. فبعض شركات الإنتاج تشتري حقوق الألحان وتعيد توزيعها وتعطي الملحن أجر استغلاله.. ولكن إذا حدث غير ذلك فتعد جريمة، وهناك بعض الملحنين يسطون على ألحان أجنبية وينسبونها لأنفسهم أو العكس وهذا كله يقع تحت طائلة القانون ويجب تجريمه... لذا كانت فكرة إنشاء الاتحاد الدولي لمنتجي الكاسيت الذي يقوم على حماية أعضائه في أي مكان من السطو على منتجهم بغض النظر عن جنسية الشركة أو المنتج أو لغته.. فبمجرد اكتشاف أي سرقة أو سطو يقوم الاتحاد باتخاذ الإجراءات القانونية وقد حدث هذا أكثر من مرة في مصر وأعدنا حقوق الملكية الفكرية لأصحابها مثلما حدث في أغاني أم كلثوم التي ضبطت في هولندا وألمانيا وقمنا بإرجاع الحق لشركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات» الجهة المنتجة وكذلك «عالم الفن» الجهة الموزعة وقد تمكن الاتحاد مؤخرا من اكتشاف عدة سرقات في أوروبا حيث قام أحد الأفراد من أصل عربي في بلجيكا بتقليد أعمال عمرو دياب وإيهاب توفيق لإغراق شمال أفريقا واستراليا وأميركا الجنوبية وتم ضبطه وما زالت القضية تباشر في القضاء خاصة وأنها تطالب بالتعويضات المادية والمعنوية المناسبة لحجم الخسائر. نماذج للألحان المسروقة

* وقد ساهم د . رضا رجب عميد المعهد العالي للموسيقى العربية ووكيل نقابة الموسيقيين والمايسترو المعروف إلى جانب بعض المهتمين من أصحاب الآراء السابقة في تحديد هوية الألحان المسروقة ونسبها إلى أصحابها الأصليين وهي كالتالي: فأغنية «يا حبيبي لا» تلحين عمرو مصطفى وتوزيع طارق مدكور منقولة بالنص من أغنية «اليوم السابع» للمطرب كريج ديفيد .. أما المطرب عمرو دياب فقد غنى الكثير من الألحان المسروقة منها «بيلوموني» الذي نسبه إلى نفسه والمأخوذ من الفريق الإسباني جيبسي كينغ و«تملي معاك» التي لحنها شريف تاج لعمرو دياب مأخوذة من أغنية«متى احلم بالليل» لمارك انطونيو وأغنية «قلبي اختارك» لحن شريف تاج مأخوذة من لحن «سوسموز» لكارلوس سانتانا وأغنيته «صدقني خلاص» لحن عمرو مصطفى مأخوذة من لحن «حبي للحياة» للمطرب دافيد كروفر وأغنيته «أنت ما قولتش ليه» التي نسب لحنها إلى نفسه مأخوذة من لحن أغنية فيروز «سألوني الناس» للرحباني وأغنيته «بعترف قدام عنيك» لعمرو دياب ايضا مسروقة من أغنية «ماي بيبي نيو» للمطرب مارك انطونيو وكذلك أغنيته «علم قلبي الغرام» ثبت أن لحنها مسروق عن لحن أجنبي.

أما أغنية راغب علامة «يرخص الغالي» لحن احمد فرحات وتوزيع مدحت خميس فهي مسروقة من أغنية «دورا دورا» التركية وأغنية «لو عندك كلام» للمطربة ألين خلف ولحن اشرف سالم مسروقة من لحن «يا ود يا تقيل» الذي غنته سعاد حسني وأغنية «أوقات يا دنيا» لمحمد فؤاد ولحن احمد محيي الدين مسروقة من أغنية «وايلد وورلد» لكات ستيفينز وأغنية «كل الأوقات» لسميرة سعيد ولحن عمرو مصطفى مسروقة من أغنية «ارسيس ريبل» لا نرز باغ ، وأغنية «من يومي» لسميرة سعيد ولحن حمدي صديق مسروقة من لحن أغنية «ديسبينا فاندي» بابا لفيفوس.. وأغنية «ليالي زمان» لسميرة سعيد ولحن عمرو مصطفى مسروقة من أغنية «انبريكابل» لمايكل جاكسون وأغنية «ويلي يا هوى» لنوال الزغبي ولحن محمد رحيم مسروقة من لحن «حلوة يا بلدي» للمطربة داليدا وأغنية «مالك علي يمين» لنوال الزغبي ولحن سمير صغير مسروقة من الفولكلورالاسباني المالا جوينا، كما ان معظم أغنيات نوال الزغبي مقتبسة من أغنيات شاكيرا.

أما أغنية إيهاب توفيق «يا رموشها» لحن حسين محمود فهمي مسروقة من جول سونغ ـ لبوستن بروينز.. وأغنية «وحداني» لخالد عجاج ولحن وليد سعد مسروقة من أغنية «بنغابوينز سالالا» للمطربة لندا غراب ونهارت وأغنية «أنت بتروح» لبسكال مشعلاني لحن طارق أبو جودة مسروقة من لحن «وادي كول» لفرانك ماريان وجورج ريام وأغنية «تحلف لي» لشيرين وجدي ولحن محمد رحيم مسروقة من أغنية «قارئة الفنجان» غناء عبد الحليم حافظ وألحان محمد الموجي.. وأغنية «عيني» لحميد الشاعري وهشام عباس ولحن عنتر هلال مسروقة من أغنية «الويل الويل» لعبد الحليم حافظ وأغنية «يا سلام يا سلام» لنانسي عجرم مسروقة من التراث الشعبي «رمضان يا رمضان» وأغنية «بس قول يارب» لمصطفي كامل مسروقة من لحن «السلامو عليكو» للملحن حسن إش إش والتي غناها المطرب حكيم وبدورها مسروقة من أغنية«انسينك بوب» لويدروبشن وجيستين تيمبرلاك وأغنية «يا شارون أنت فاجر» لمحمد الحلو ولحن أمير عبد المجيد مأخوذة من لحن «يا حبيبي عود لي تاني» لشادية ولحن بليغ حمدي وأغنية «مشكلني» للمطرب الإماراتي حسين الجسمي مأخوذة ومقتبسة من لحن إيراني كما تردد في الفترة الأخيرة إلا ان المطرب الإماراتي الجسمي احتوى المشكلة سريعا.

ومن حوادث السطو على الأغنيات عندما قام المطرب محمد منير بغناء أغنية «وسط الدايرة» للمطرب السوداني محمد وردي بدون استئذان منه ونفس السيناريو تكرر مع مروة اللبنانية التي سطت على أغنية المطربة الشعبية ليلى نظمي «أم نعيمة» وكذلك المطرب اللبناني احمد دوغان الذي سطا على أغنية المطرب المصري إبراهيم عبد القادر «أنا أولا بحبك» المطروحة في البوم «أول حبيب».

هكذا كان الفصل الأول من عمليات السطو على ألحان الغير خاصة الألحان الغربية.

وبعدما أصبح العالم قرية صغيرة ألا يخشى هؤلاء «.... من تجريمهم وتغريمهم ومقاضاتهم محليا وعربيا وعالميا.. مع الوعد باللقاء في فصول أخرى من هذا الملف الأسود للسرقات الفنية».