مساهمة سورية قوية في المهرجان الدولي الثاني لمسرح الطفل بأصيلة المغربية

الملك فانوس يبحث عن ملبوس

TT

تميز العرض المسرحي الغنائي الذي قدمته فرقة مديرية المسارح والموسيقى التابعة لوزارة الثقافة السورية، في المهرجان الدولي الثاني لمسرح الطفل المنعقد بأصيلة المغربية، كونه يقدم مضمونا ذي مستويات متعددة للقراءة، ويمزج بين المادة الموجهة للطفل والنقد السياسي الساخر لبطانة السوء التي تحيط بالحكام الفاسدين. فالبطل السلبي في مسرحية «الحاكم فانوس يبحث عن ملبوس»، التي أخرجها، مأمون الرفاعي، هو الحاكم نفسه الذي يسجن مربيه بمجرد توليه دفة السلطة لأن هذا الأخير كان يتشدد معه في انجاز الواجبات المدرسية، ويكاد يلقي ببلاده في حرب حدودية مع الامبراطور القوي «أبو الشوارب» بسبب ضياع قط الأمير الذي ذهب للقيام بجولة في سوق الجزارين، متتبعا رائحة اللحم المتسخ بعدما تعب من حمية القصر ومن تناول الطعام المعقم الخاضع للرقابة الطبية. هذه هي هواجس الحاكم الذي يقضي كل وقته في ممارسة رياضات وأنشطة يحتل المركز الأول فيها جميعا، ويتقدم خلالها على المتسابقين الذين يتدبرون أمرهم كي يفشلوا أمام مواهب الحاكم وعبقرياته التي تشمل كل المجالات، من الموسيقى الى الركض والسياسة وتربية القطط. وبما أن الحاكم يتقدم الجميع في مواكب الرياضة فانه يسقط يوما في بركة ضفادع آسنة وتتسخ ثيابه الملكية ليشرع في البحث عن اخرى نادرة المثال يعجز عن نسجها خياطو المملكة السعيدة أجمعين، فيطردهم من العاصمة ويستدعي الكوادر الاجنبية لتقوم بالمهمة الصعبة.

ان الامر يتعلق هنا بتخييل موجه للطفل، غير أنه يفرط أحيانا في التشابه مع الواقع، مما يجعل الفرجة مفتوحة أيضا أمام الكبار، ويطرح سؤال التجنيس بالنسبة لهذا العمل المتميز القوي الذي لفت الانظار بسبب تطرقه لأكثر من اشكالية. ونجح العمل في انتزاع الاعجاب بسبب تكامل العناصر الدرامية والمقاطع الغنائية التي أدتها باقتدار الممثلة، أميرة حذيفة، كما أن انتظام حبكة النص وبساطة لغته وجماليات الملابس التراثية المستخدمة وتكامل أدوار الممثلين، عناصر أسهمت جميعها في تقديم مسرحية شيقة المضمون يحاور فيها الحارس الامير والخياطون الوزراء، ويتنمر خلالها القط على قلب الحاكم العربي، وعلى عقول مئات من الاطفال المغاربة الذين تابعوا اداء الفرقة السورية بتركيز كبير.