زينب عزيز لـ«الشرق الاوسط» : حياة المرأة لا تتوقف باختفاء الرجل

بعد غياب دام 10 سنوات تعود إلى الجمهور بفيلمين

TT

قامت السينما العربية على يد نساء، وبعد مرور السنين ولأسباب عدة تمت إزاحة المرأة من المواقع الجوهرية على خارطة السينما لتقبع في المواقع الهامشية ، إلا أن القليلات لم يستسلمن، ولم يدفن رؤوسهن في الرمال خوفا من المجتمع الذي اراد دوما حصر المرأة في دائرة ضيقة لا تخرج منها إلا للاعمال المحدودة ، استجابت العديدات لنداء مجتمع يضطهد المرأة ، وتمردت قلة منهن ليقتحمن مجال السينما، من خلال التوقف عند أهم عناصر الفيلم السينمائي الا وهو (السيناريو).. حاورنا الكاتبة زينب عزيز التي اختفت عشر سنوات منذ أن قدمت عملها الأول «يوم حار جدا»، وقد أكدت في هذا الحوار أنها لم تتغيب ولم تنسحب، ذلك أن فيلمين من تأليفها سيتم عرضهما في موسم صيف 2005.. هما «كلام في الحب» و«حريم كريم» والفيلمان من إخراج زوجها علي ادريس. بصراحتها المعهودة وطلاقتها في الحوار، بالاضافة إلى خفة ظلها، تحدثت زينب عزيز لـ«الشرق الاوسط»في القاهرة.

* حدثينا عن بدايتك والهدف من وراء احتراف الكتابة للسينما؟

ـ كانت ميولي في البداية أن أكون صحافية فالتحقت بكلية الآداب ثم معهد النقد الفني لاتجه منه للعمل في الصحافة، إلا أن الأمور اختلفت بعد دراستي للنقد الفني فإنجذبت أكثر للسينما، ولأنني أجدت دوما كتابة الخواطر والقصص القصيرة فقد قررت أن أدرس السيناريو بمعهد السينما، فسعيت الى افكار تتناسب مع عقليتي وتكويني، كانت واحدة لم تتغير سواء أثناء الدراسة في المعهد أو بعد تخرجي، وهذا ما أدى إلى توقفي عن العمل لفترة طويلة. فلم أسر وراء أفكار السوق، بالرغم من قسوة فكرة الابتعاد عن العمل الذي أحبه، لاني وجدت أن إيماني بافكاري ومبادئي أقوى من التعديل أو التغير من اجل سوق سينمائي رديء لم يكن يتعدى إنتاج العام الواحد فيه أكثر من 20 فيلما، الأفلام الجادة بهم كانت تقتصر على عدد معين من عمالقة كتاب السينما، فكيف سأستطيع وضع إسمي معهم ، وعندما زاد الانتاج بشكل ما، لم تكن نوعية الافلام تتناسب معي، أما عودتي للعمل من جديد فكانت بسبب التغيرات التي طرأت على الواقع السينمائي المصري في الفترة الأخيرة، فهناك انتاج غزير ونوعيات مختلفة ما أتاح ظهور نوعية افكاري وبالتالي امكانية وجودي.

* وما هي نوعية أفكارك ؟

ـ طوال عمري وانا انساق وراء مشاكل الناس وخاصة الحالات الانسانية، من حيث مواجهة الانسان لظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، تؤدي إلى وقوع ضغط نفسي شديد عليه، وبالرغم من أن الكثيرين ممن يقرأون اعمالي يرون انني اهتم بالمواضيع الخاصة بالنساء إلا انني ارى أن الاهم عندي هو الانسان بصرف النظر عن نوعه، رجلا أو امرأة.

* في الفترة السابقة توقفت السينما عن طرح القضايا النسائية، هل تعتقدين أن ذلك عائد إلى انتهاء معاناة المرأة ؟

ـ لا اتصور ذلك ابدا، بل في اعتقادي أن ما يقال عن تحقق المساواة بين الرجل والمرأة إنما هو مجرد شعار، فالضغوط التي تواجهها المرأة لا تزال مستمرة مع اختلاف اشكالها، وعلى سبيل المثال، تتجسد الآن مشكلة (المرأة المعيلة) حيث نجد المرأة في العديد من الأسر، هي التي تنفق على الاسرة، والرجل اختفى، هناك من هرب وهناك من هو في منتهى السلبية ، كما تشغلني أيضا فكرة ربط المرأة لحياتها بوجود الرجل أو اختفائه. وهذا ما لا أقبل أن تعيش فيه المرأة لأن الحياة في ظل رجل أو بدونه ستستمر ، فلا يجب أن تكون دائرتك كأمرأة محصورة بالرجل، لأن حياتك مليئة بالكثير ، لذلك أستفز دائما من فكرة شعور المرأة بانتهاء حياتها عند أي صدمة عاطفية ، فكثيرا ما نجد أن غياب الرجل يؤثر على ملامحها، عملها، ملابسها، وخروجها، نجدها انزوت وانعزلت وتوقفت حياتها في لحظة، في حين أن الحياة تتوقف بالموت وليس باختفاء الرجل. وقد حاولت مناقشة ذلك في فيلم «كلام في الحب». وإذا عدت إلى سؤالك فأتصور أن السينما الان ربما بدأت تفتح الطريق للبطولة النسائية، فقط بطولات، بعيدا عن القضايا التي يجب أن ننظر إليها على انها قضايا انسانية اكثر منها نسائية.

* كيف جاء مشروع فيلمك «كلام في الحب» ؟

ـ مشروع الفيلم بدأ مع علي ادريس وسامي العدل، وقد شرعنا في الاعداد له قبل أن يبدأ علي فيلمه الأول، فكنا بدأنا في كتابة الفيلم معا.. اكتب واعرض عليه ما اكتبه ، نتناقش وينقذني من الدخول في مناطق قاتمة.. وهكذا حتى انتهينا من كتابة السيناريو، ولكن حدثت للفيلم عطلة انتاجية ، فانشغل علي في اكثر من فيلم حتى اتيحت الظروف لجميع اطراف العمل التفرغ وبدأنا في التنفيذ.

* عندما انشغل علي ادريس بالعمل في افلام اخرى ، كيف كان شعورك ؟

ـ في البداية كنت محبطة جدا، لاني وجدت أن هذا الانشغال ادى إلى تباعد مشروعنا ، لكني في ذات الوقت كنت سعيدة من اجله لانه ينال تقديرا ونجاحا بقدر المجهود الذي يبذله ، فكنت اسعد لنجاحه لانه في النهاية نجاح لزوجي، ثم أن نجاحه هذا يعني انني سأشترك في العمل مع مخرج ناجح اصبح له اسم لامع .

* عندما شاهدت افلامه على الشاشة هل شعرت انه المخرج المناسب لفيلمك؟

ـ لأني قرأت السيناريوهات التي أخرجها علي فقد سعدت جدا بعمله لاني ادركت اضافاته على السيناريوهات ولاحظت الكم الهائل الذي قام بتطويره، وكم اللمسات التي يضيفها، ما اشعرني بالراحة والطمأنينة على فيلمي، لأني أدركت انه شخص مبدع لا ينفذ الورق فقط بل يضيف عليه ما يرفع من قيمته.

* الا يضرك ان يطغي العمل احيانا على رومانسية الارتباط ؟

ـ نحن الاثنين نحب السينما ، خروجنا للسينما ، حديثنا عن السينما ، ولا نمل من ذلك اطلاقا، لاننا نحبها ونستمتع بها، كما أن الزواج اتاح لنا مساحة ووقتا أكبر نكون فيه معا .

* وما هي الاختلافات بينكما؟

ـ من وجهة نظره انني كئيبة إلى حد ما، واكثر عصبية منه، فعلي اكثر مرونة وصبرا وقدرة على تحمل الناس عني، وهذا هو الشيء الجميل به والشيء السيئ في .

* حدثينا اكثر عن تفاصيل فيلمكما «حريم كريم»؟

ـ يؤدي ادوار البطولة في الفيلم مصطفى قمر وداليا البحيري وعلا غانمو وياسمين عبد العزيز وبسمة وريهام عبد الغفور «حريم كريم» حدوتة تشبه قصص الكثير من الناس، ذلك لأنها تقترب في مضمونها من حياتنا أثناء الدراسة في الجامعة وما بها من قصص حب لا تستمر ، وما تتركه في نفوسنا من فكرة أن تلك القصص بأبطالها كانت تمثل أحلاما جميلة ، بعيدة عن الواقع الذي نواجهه بعد ذلك من خلال حياة أكثر عملية ، وفي الفيلم يلتقي «كريم» بالفتيات اللائي ارتبط بهن في الجامعة ، وذلك ليكنَّ عونا له في حل مشاكله الزوجية ، وفي حين أن كل واحدة منهن تفكر في حلم قصة الحب التي عاشتها معه من قبل وامكانية الارتباط به من جديد ، يفكر هو فيهن كصديقات.

* هل تميلين اكثر للكتابة الرومانسية؟

ـ هذا صحيح ، فأنا أميل اكثر للسينما الرومانسية الخفيفة، لانها قريبة من شخصيتي، وبالرغم من اختلاف ايقاع الحياة الذي اصبح اسرع إلا أن المشاعر المجردة في النهاية واحدة لا تتجزأ والرومانسية كذلك لا تتغير .. والاختلاف يأتي في كيفية العمل على مفردات شخصيات تشبه الشخصيات الحالية ، من حيث الشكل الخارجي الذي يتمثل في طبيعة الوظائف المستحدثة التي تؤثر على تفاصيل حياتنا اليومية .