رحيل الناقد السينمائي اللبناني غسان عبد الخالق يبكي إيناس الدغيدي ويسرا

أصيلة تنتحب في ذكراه

TT

بكت أصيلة وانتحبت ذلك المساء وهي تتذكر الناقد السينمائي غسان عبد الخالق الذي انطفأ ذات صباح في باريس مثل قنديل يضيء صيفاً وشتاءً. رحل غسان قبل أن يودع أحداً أو يودعه أحد، كلمات صادقة مفعمة بالحب والتذكر والبكاء جعلت الدمع ينهمر مدراراً في قاعة «مركز الحسن الثاني للملتقيات»، دموع الذين شاركوا في تأبين الراحل المقيم، ودموع الذين هزتهم الكلمات وحركت أحزانهم .

بدأ محمد بن عيسى الأمين العام لمنتدى مؤسسة أصيلة، ووزير خارجية المغرب الذي قال عنه «كان مثلي عاشقاً للفن والإبداع». ثم تحدث عن بدايات حلم تأسيس مهرجان سينما جنوب جنوب الذي أعده وأشرف غسان عبد الخالق على دورته الأولى في أصيلة، وقال إن بدايات الحلم كانت مع بدايات الثمانينات ثم تحقق الحلم في العام الماضي فقط، لكن غسان كان في عجلة من أمره. قال بن عيسى وهو يغالب دموعه وبصوت متهدج «...ثم أفل النجم وغاب القمر، غاب غسان وبقيت ذكراه حية مرصعة في كل منعطف في الذهن والحس والأزقة»، ليعلن في ختام كلمة مؤثرة عن إحداث جائزة غسان عبد الخالق لتكريم سينما جنوب جنوب .

تحدث وزير الثقافة اللبناني الأسبق غسان سلامة، وقال عن الراحل إنه كان «شفافاً في زمن الغموض ومنفتحاً في زمن الانغلاق»، وتوقف الصحافي والكاتب عبد الوهاب بدرخان عند «إنسانية الراحل» وقال إنه تميز «بكثافة روحية وقوة إيمان بدوره»، مشيراً إلى قدراته في الكتابة والتفكير والنقد .

تحدث المخرج السينمائي المغربي محمد عسلي، وقال إن غسان عبدالخالق هو الذي أقنعه لأول مرة أن يتخلى عن موقفه الرافض للمشاركة في الأنشطة السينمائية والمهرجانات في بلده المغرب. وتذكر المخرج سعد الشرايبي حوارات طويلة دارت بينهما أثناء إعداده لملتقى سينما جنوب جنوب، وتحدثت المخرجة السينمائية المغربية فريدة بليزيد عن «إنسان محترم ومقتدر».

وحين تناولت الكلمة المخرجة السينمائية المصرية إيناس الدغيدي قالت «حتى الآن لا أصدق أنه رحل»...ثم أجهشت بالبكاء، بكاء ممض، لم تستطع أن تواصل . قالت الممثلة يسرا التي تحضر إلى أصيلة لأول مرة «كان يصر ان احضر إلى أصيلة..وها أنا أحضر لأجده قد غادر» قالت باكية بحرقة «كان أول من ينقل لي ملاحظاته عن أخطائي في التمثيل»، وتساءلت «الآن لم يعد هناك ...إذن من سيقول لي ذلك».

الممثل عزت العلايلي وجه كلمته إلى ابني الفقيد رند ورمزي، وكانا في القاعة ينتحبان، وقال مخاطبهما بصوته الرجولي المجلجل «لا تبكيان كان أبوكما رجلاً شجاعاً صادقاً لا يعرف إلا الحق».

وألقى الكاتب والشاعر المغربي احمد المديني نصاً رائعاً يتذكر فيه غسان وباريس، نص عميق، شعرياً وواسع المدى لغة، تفوق فيه المديني على نفسه، فكرة وعبارة. تحدث الصحافي والإعلامي حسن إبراهيم عن ذكريات لقاء وقال «أنا لا أصدق أنه رحل» ثم أجهش باكياً .

حين تحدثت زوجة الراحل نايلة جعلت الصمت الذي ران على القاعة يتحول إلى دموع، قالت ودموعها منهمرة مخاطبة روح الراحل «تركت كل شيء كما هو حتى فرشاة الأسنان وموس الحلاقة وقارورة العطر»، وقالت «كنت أول قارئ وأول من يستمع إلى من يجول بخاطره».

تخلل حفل التأبين شريط وثائقي حول غسان عبد الخالق، بدا في جميع اللقطات يضحك ملء شدقيه..وديعاً مهذباً.. لطيفاً، وفي آخر الشريط الصندوق الخشبي الذي سجي بداخله الجسد في صباح باريس ماطر، رحل غسان عبدالخالق مع ريح الشمال .