فريدة نالت إعجاب الأوروبيين وحصدت النجاح للأغنية العربية

قالت لـ«الشرق الاوسط»: سأبقى أغني لأبرهن على إبداعنا بوجه الإرهاب

TT

قبل ظهورها بنصف ساعة على مسرح الخيمة الزرقاء في مهرجان وميد العالمي للموسيقى والرقص الذي اقيم أخيرا في مدينة ردنك البريطانية، ازدحم الجمهور المختلط الانتماءات استعدادا لسماع صوت الفنانة العراقية فريدة والتي تشارك في هذا المهرجان للمرة الاولى.

لكن، وبالتأكيد سمعة فريدة باعتبارها «صوت النهرين» كما تلقب اينما تذهب، سبقتها الى ادارة المهرجان لتختارها كونها الصوت النسائي العراقي والعربي الوحيد المشارك في واحد من ارقى المهرجانات الموسيقية في العالم والذي يقام سنويا في اكثر من عشرين بلدا.

وبينما كان الجمهور يحتشد في اكبر مسرح خصص لحفلة فريدة، كانت هي خلف الكواليس تعد نفسها لمقابلة جمهور جاء من مدن وثقافات متنوعة وذات اذواق مختلفة، جمهور مهرجانات وليس متخصصا لسماع الغناء العراقي الاصيل والمقام العراقي التراثي، جمهور غالبيته العظمى، ان لم يكن جله، لا يفهم اللغة العربية او الغناء العراقي.

«الشرق الاوسط» التقت فريدة قبل وبعد ظهورها على مسرح مهرجان وميد العالمي للموسيقى والغناء، سألناها عما اذا كانت تجد صعوبة في اقناع جمهور هذا المهرجان وهو جمهور ليس عراقيا او عربيا؟ اجابت وابتسامة خجولة تزين وجهها: لقد غنيت في مهرجانات عديدة حول العالم ومنذ اكثر من عشر سنوات، في غالبية «ان لم اقل جميع» العواصم والمهرجانات الموسيقية العربية، يضاف اليها مهرجانات عالمية في هولندا وفرنسا وسويسرا والسويد وبريطانيا وايطاليا واسبانيا، وقد حزت على جوائز رفيعة فيها، غير المهرجانات احييت حفلات غنائية في معظم مدن العالم وخاصة امام الجمهور الغربي واستطيع القول إن جمهوري الغربي اكثر من العربي بكثير.

هذا يعني ببساطة انه ليس من الغريب على فريدة الغناء امام جمهور غربي متنوع لا سيما وهي التي غنت باللغة الهولندية وبمرافقة الفرقة الاوركسترالية الهولندية، بل ان ملكة هولندا اختارتها من بين عشرات الفنانين الهولنديين والعالميين لتغني لها المقام العراقي وباللغة العربية في عيد ميلادها الماضي حيث قالت لها بعد الانتهاء من الحفلة هنا الان ملكتان، انت ملكة الغناء وانا ملكة هولندا.

سبقت فريدة فرقتها الموسيقية التي يقودها الفنان محمد كمر وتضم خيرة من الفنانين العازفين على الآلات اعراقية التقليدية وهم جميل الاسدي (قانون)،عدنان شلاش (ناي)، لطيف العبيدي (ايقاعات مختلفة)، ورافقهم في هذا المهرجان كما في مهرجان جرش الاردني العام الماضي، نورس فياض (عازف الجوزة) كضيف شرف.

كانت الفرقة تعزف الحانا وارتجالات وتقاسيم مختلفة ادهشت الجمهور واثارت فضيلتهم، كيف يمكن بمثل هذه الآلات التقليدية الطالعة من عمق تاريخ الحضارة السومرية والبابلية قبل اكثر من خمسة الاف عام ان تحافظ على وجودها وحيويتها ومعاصرتها وتستقطب المئات من الجمهور الغربي؟

قبل ان تخرج فريدة الى الجمهور قالت لي «سأغير منهاجي الغنائي فمثل هذا الجمهور لا يتحمل المقامات العراقية الثقيلة سأغني مقامات خفيفة واغاني عراقية تتناسب واجواء المهرجان كما واذواق الحاضرين»، سألتها ان كانت فرقتها الموسيقية قد تهيأت لمثل هذا التغيير فقالت «الفرقة الموسيقية تتطاوع مع المقامات والاغاني التي أؤديها وسوف ترى كيف نتبادل مواقع الابداع، صوتي وموسيقى هذه الآلات التراثية»، وفريدة لا تتكلم عن عدم معرفة بالموسيقى التي ترافقها فهي كانت قد درست العود والقانون وتعزف على آلتين بل ومارست تدريس آلة العود في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد.

غنت فريدة كما لم تغن من قبل، اطربت الجمهور وارقصته وادهشته حتى امسكت بصوتها ايقاع الحفل فكانت تقوده حتى ذروته وتألقه، وبينما كانت تغني وتسحر هذا الجمهور بصوتها تساءلت مع نفسي: لماذا هذه الفنانة الكبيرة معروفة عالميا ومجهولة عربيا؟ لماذا تحرص قنواتنا الفضائية على الترويج لاشباه المواهب، بل لاشكال تغني بأجسادها بينما تهمل صوتا عملاقا رائعا مثل صوت فريدة؟

ما انتهت الساعة المخصصة لفريدة حتى هب الجمهور مطالبا بالمزيد مما اضطر ادارة المهرجان الطلب منها الغناء عشرة دقائق اخرى نزولا عند رغبة الجمهور الذي احتشد امام خيمتها بعد ان انهت الحفل لتحيتها والحصول على توقيعها.

سألت فريدة بعد ان انهت حفلتها عما يعني لها هذا النجاح، ببساطة وفرح عميقين قالت «نجاح للاغنية العراقية، واردت القول إن العراق المبدع والحضاري موجود في كل مكان بالرغم من انف الارهابيين الذين يقتلون ابتسامة الاطفال والنساء في بلدي كل يوم».