المعركة من أجل الإسلام .. وجوه متعددة وأصل واحد

TT

بعد عرض الفيلم الوثائقي «المعركة من اجل الاسلام» في الـ «بي. بي. سي» الاسبوع الماضي، قام مركز «تشاتهام هاوس» في لندن، باستضافة معد الفيلم ومقدمه الكاتب ضياء الدين سردار. وبعد عرض خاص للفيلم في قاعة ازدحمت بالحاضرين، بدأت مناقشة مع فريق العمل في الفيلم حول القضايا الاساسية المطروحة في العمل.

يقول سردار في مقدمة الفيلم إن احداث 11 سبتمبر، قد دفعته لمحاولة ابراز الوجه الاخر للاسلام، وهو الوجه الذي لا يعرفه الغرب جيدا. بعد ان احتلت اخبار التطرف والعنف عناوين الاخبار، كان لا بد من الحديث عن واقع اسلامي آخر يحث على الوحدة والانسجام مع الاخر.

من خلال جولة سردار، التي اختار لها بلدانا على أطراف العالم الاسلامي، على حد قوله، يقع الضوء على المسلم العادي بدءا من المرأة التي تعمل في مصنع للسجاد وتحلم بأداء الحج، الى عارضة الازياء الماليزية التي تقرر الاعتزال وارتداء الحجاب، الى المغني الباكستاني الذي يرجع نجاحه الى القيم الاسلامية التي يتغنى بها مثل السلام والوطنية والقيم العائلية.

في معرض حديثه عن تجربة العمل في هذا الفيلم، قال سردار: «اردت ان اقدم صورة معتدلة وعاقلة للمسلم في العالم المعاصر».

وتبدأ جولته من باكستان التي تقع على خط المواجهة بين التطرف والاعتدال، حيث روكسانا معلمة الفتيات في لاهور، التي تقول إنها تحاول ان تنتهج الطريقه المثلى لخلق الشخصية المسلمة. ويقابل سردار الرئيس الباكستاني مشرف، الذي يؤكد ان الطريقة المثلى لمواجهة المفاهيم المتطرفة، تكون بتشجيع الاتجاهات المعتدلة في المجتمع، وهو ما يصفه بـ «الاعتدال المستنير».

من باكستان الى اندونيسيا، حيث يعيش 1/5 من مسلمي العالم، ينتقل فريق العمل.. «اندونيسيا بلد معروف عنه الاعتدال»، يعلق سردار: «لكن بعد احداث 11 سبتمبر، شهد هذا البلد هجمات من الفكر المتطرف».

في وجه تلك الهجمات تقف نماذج للمسلم البسيط، متمثلة في حارس الأمن في مسجد الاستقلال بجاكرتا، الذي يعلم ابنه في مدرسة اسلامية حتى يصبح «نافعا لمجتمعه حين يكبر».

«الاسلام الحضاري» مبدأ ومنهج يتبناه رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي، الذي يركز على اهمية التعليم والعلم معتمدا على تراث اسلامي زاخر.

هناك ايضا رازلينا التي تعمل مع جماعة «اخوات في الاسلام» الماليزية، التي تدرس القانون وتحلم ان تصبح قاضية، وتقول إن الاسلام علاقة خاصة بين الانسان وربه، وليس من حق أي انسان يحاكم الآخرين على اختياراتهم، لان الاسلام يعيش في القلب.

في المغرب تتحدث زهور، العاملة في مصنع للسجاد عن رؤيتها للعمل وقيمته، وتنتقد الاجيال الجديدة من الفتيات اللاتي يعملن في نسج السجاد، وتقول إنهن يفتقدن الصبر. وترى زهور ان الدين جزء اساسي من حياتها «انه منفذي في الازمات والاوقات العصيبة».

في المغرب ايضا الجدل السائد حول مواءمة قانون الاسرة للتقاليد الاسلامية والحوار بين مؤيدات القانون والمعارضات له.

وقال سردار تعليقا على سؤال عن سبب اختيار هذه البلدان لجولته: «ارى ان العالم الاسلامي متسع الاطراف ولا ينحصر فقط في الوسط. حاولت ان ابز القيم الاسلامية الثابتة والاختلاف التعبيري عنها في عدد من المجتمعات الاسلامية».

ومن ناحية اخرى، علقت احدى المشاركات في المناقشة ان الفيلم يفتقر للعمق، وانه اغفل قضايا وجوانب اخرى قد تضيف، اذا ضمنت، لثراء العمل.

واشار سردار الى انه اراد التشديد على دور المرأة في احداث التغيير في المجتمعات الاسلامية.

في نهاية الامر، يبدو ان الفيلم قد اراد التركيز على التعددية والوسطية في الاسلام، وان الاسلام قد يكون له أوجه عديدة، لكن قيمه ثابتة وتصلح لكل مكان وزمان.