الفنانة رغدة: الحياة ليست رجلا

تكتب رواية وتخرج فيلما عن عملية تجسس إسرائيلية

TT

الحوار مع رغدة الفنانة والمثقفة والشاعرة حمل العديد من الأسئلة المثيرة للجدل والشائكة، والتي جعلت منه حوارا مختلفا كاختلاف شخصيتها! حوارا مهما مع نجمة مهمة نلقي من خلاله الضوء على حياتها الإنسانية، والفنية وحقيقة انفصالها عن زوجها، واتجاهها لإخراج فيلم عراقي، واستعدادها لإخراج فيلم عن عملية تجسس إسرائيلية في مصر وخطواتها كشاعرة وأديبة وممثلة. > كيف تفسر رغدة تلك العلاقة القوية التي ربطتها بالشعب العراقي؟

ـ لقد كانت لدي اهتمامات كثيرة في المجتمع العراقي، وأنجزتها في فترة من الفترات، من خلال دوري كمواطنه مهتمة بالشأن العربي، ولم أكن بمفردي في هذا الخندق، فلقد كان هناك جموع من البشر في المنطقة التي تحمل هذه التوجه. > وما هي حقيقة اتهامك بأنك حصلت على الجنسية العراقية؟

ـ لو كنت حصلت على الجنسية العراقية فهذا شرف كبير لي، وفى النهاية هي جنسية عربية.. أنا اعرف طبيعة هذه التساؤلات الصحافية ولكنني لم احصل عليها، ولم يكن تقربي للشعب العراقي في فترة من الفترات من اجل ذلك. المفترض ان نتحدث عن نزيف دم مستمر منذ أكثر من عام. وليس عن جنسية أو خلافات، لان دمي كان محروقا أكثر من اي إنسان آخر، وأنا كنت متفاعلة جدا مع الشعب العراقي على مدى سنوات طويلة، وليست المسألة مجرد تصوير فيلم هناك ثم أعود، وعلاقتي بهم كبيرة جدا فقد صورت فيلم «أمنيات صغيرة» للأطفال المعاقين تحت الحصار، وتركت الجزء الثاني لصديقتي الكاتبة ابتسام عبد الله لتصوره وقت ان قامت الحرب. كما إنني اصطحبت 82 طفلا عراقيا لعلاجهم في القصر العيني الفرنساوي في مصر.

> ولكن كيف تفسرين عدم زيارتك للعراق بعد الاحتلال؟ وهل تحسن حال أطفال العراق الآن والذين كان نشاطك الانسانى قاصرا عليهم، دون أطفال غيرهم من باقي البلاد العربية؟

ـ أنا مواطنة وفنانة وأم عربية.. تجدني في اى بلد عربي مع الحدث في أوقات كثيرة، وما فعلته مع أطفال العراق كان دورا ايجابيا وفعالا وقد لعبت هذا الدور من خلال اللجان الشعبية. واهتمامي بالأحداث العربية لم يكن قاصرا فقط على أطفال العراق. وأنا لعبت ادوارا عدة لكوني عضوا في منظمة حقوق الإنسان التي يتولى محمد فائق أمانتها العامة. فكان لي دور متفاوت ما بين العراق وفلسطين وجنوب لبنان وليبيا، فقد كانت لي مشاركات في الانتفاضة الأولى والثانية لدعم القضية الفلسطينية، وحضرت اعتصامات من اجل الأسرى الفلسطينيين، وخرجت في مظاهرات مع أطفال العراق للوصول لمقر الأمم المتحدة قبل الحرب، وسافرت لجنوب لبنان مناصرة حزب الله في تحرير الجنوب اللبناني، وكنت أجهز لفيلم عن حركة المقاومة في جنوب لبنان مع الكاتبة سها بشارة.

كما ناصرت قضية ليبيا في مشكلة لوكربى.. واهتمامي بالمرأة المصرية السجينة في سجن القناطر، دور لعبته منذ منتصف الثمانينات دون ان يعلم احد عنه. كل هذه ادوار كانت موجودة في حياتي وبعضها مازال مستمرا حتى اليوم..

> هل هذه الأدوار تمثل نوعا من علاقة الفنان بالسلطة؟

ـ ربما سمحت لي ظروفي ان أتفاعل من خلال لجان شعبية، لكن لكل فنان طريقته، وأنا لم أشاهد فنانين عرب تضامنوا مع الشعب العراقي، في السنوات الماضية سوى بعض الفنانين المصريين. ولم يكن موقفي منفردا ولا علاقتي منفردة، فقد كان لزملاء آخرين نفس الدور مثل عادل إمام ومحمد صبحي وفاروق الفيشاوي ويوسف شاهين وآثار الحكيم وعبد العزيز مخيون وسعيد صالح، وسافر بعضهم لمساندة العراق في أزمته قبل الحرب.

> رغدة الممثلة لم يكن لها تجارب إخراجية سوى فيلم تسجيلي عن أطفال العراق يحمل اسم «أمنيات صغيرة» فهل توقفت عند هذه التجربة؟

ـ تجاربي لم تتوقف عند هذا الفيلم.. فقد وجدت تجربة الإخراج ممتعة جدا في حياتي وقررت الاستمرار فيها، وهناك ثلاثة مشاريع جديدة في هذا الاتجاه مازالت في مراحل التحضير والإعداد، وسوف ابدأ بإخراج فيلم عن قضية «لابون» لعادل حمودة وهى أول عملية تجسس للموساد الإسرائيلي في الإسكندرية، أيام الرئيس جمال عبد الناصر ثم فيلمين آخرين كمخرجة في المرحلة القادمة.

> أليس صعبا ان تتجهي للإخراج بدون دراسة متخصصة للوقوف خلف الكاميرا؟

ـ اعتقد ان خبرتي وتجاربي الفنية خلال 23 عاما تجعلني قادرة على الإخراج، فهذا أفضل من الذين يتجهون للإخراج وليس لديهم اى خبرة في هذا المجال.

> هناك وجه آخر لرغدة وهو وجه الأديبة إلى أين انتهت روايتك الأولى «ابيض اسود»؟

ـ بدأت في كتابتها منذ عامين ولم تنته بعد لأنها رواية صعبة جدا، وتحتاج إلى وقت كبير لإنجازها، لان أحداثها متشابكة ومثيرة، وهي عن الأحداث التي جرت في المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، من خلال وثائق ومستندات وصور حية وشهادات على العصر والأحداث، من واقع شهود مازالوا على قيد الحياة تم التسجيل معهم في مصر وسوريا ولبنان والمغرب وفلسطين وليبيا. رغم انه لم يكتب أحد رواية بهذا الشكل من قبل، كما اننى لست كاتبة سياسية.. لكنني اكتب بأسلوب أدبي من خلال توليفة للأحداث السياسية التي جرت وقائعها في المنطقة العربية، وقد يكون لهذه الرواية دور مهم على الساحة الأدبية ويمكن تحويلها للسينما من خلال عمل فني متكامل ومثير.

> منذ صدور ديوانك الشعري «يوميات جارية» لم تصدر لك دواوين أخرى فهل نضبت موهبة الشعر لديك؟

ـ أنا لم أتوقف عن كتابة الشعر ولكن مازلت احرص على ممارسة هذه الهواية عندما يهاجمني خاطر أو إحساس.. كما اننى املك قصائد كثيرة تحتاج لوقت طويل لجمعها وتنسيقها وإعادة صياغتها، حتى تكون جاهزة للصدور في دواوين أخرى.

> رغدة.. هل أخذها العمل العام من رعايتها لبيتها وأسرتها؟

ـ مطلقا.. فانا أم قبل كل شيء واهتم بأولادي بثينة وتميمة ومحمد، وهم متفوقون في مدارسهم وفي نتائجهم الدراسية.. وربما في السنوات العشر الأخيرة لم أجد لدي وقتا كافيا للحياة الاجتماعية.. لكنني سعيدة جدا بحياتي على هذا الشكل بين اولادي والشغل، واعتبر أولادي أصحابي وأصدقائي وكل شيء حلو وجميل في هذه الحياة.

> لكن تردد انك طلقت من زوجك رجل الأعمال عبد الله الكحال وانك لم تعلني من قبل عن حقيقة حياتك الزوجية فهل لنا ان نعرفها؟

ـ أقول ببساطة الحياة ليست رجلا.. فهي أشياء كثيرة جدا يجب الاهتمام بها والحرص عليها والقيام فيها بدور ايجابي وفعال.. ولا أفصح عن أكثر من ذلك.

> هل تأثر الجانب الفني في حياتك نتيجة انشغالك كثيرا بالأعمال الإنسانية العامة، وأصبحت مقلة في تواجدك على الساحة الفنية؟

ـ أنا طوال عمري مقلة في تواجدي الفني، وتعودت على عدم الجمع بين بطولة عملين في وقت واحد، حتى أكون مركزة في العمل الذي أكون مقتنعة به وأتصدى له.. فانا لست مثل الآخرين تجده في السينما والمسرح والتلفزيون في وقت واحد. لقد أضعت فرصا كثيرة على المستوى الفني، كما أضعت ماديات أكثر نتيجة لعدم الجمع بين عملين في نفس الوقت.

> أنت بعيدة عن السينما حاليا.. فهل أصبح التواجد التلفزيوني مهما لك؟

ـ بالتأكيد مهم جدا وحتى عندما اشتغل في السينما، كنت دائما احرص على ان يكون لي عمل تليفزيوني متميز.. فانا طوال عمري لم انقطع عن الأعمال التليفزيونية التي قدمتني خطوات فنية للامام.

> عندما تقتحم رغدة الأعمال التليفزيونية لا تحصل على اجر كبير يعادل المليون جنيه مثل نجمات السينما الأخريات.. فهل أنت اقل منهن أجرا أم لا ترفعين أجرك ركوبا للموجة؟

ـ أنا لست مشتركة في لعبة الأرقام تلك، والجهات الإنتاجية للمسلسلات في مصر تعرف ذلك جيدا.. فانا احصل على اجر معقول قد يكون اقل من زميلات لي لكن طوال عمري لا تشغلني الأمور المادية كثيرا.. كما ان السوق عرض وطلب وعندما اعرف حجم ميزانية المسلسل الذي أشارك فيه، احدد الأجر الذي استحقه عن دوري فيه.. فلو حصلت على نصف ميزانية المسلسل كأجر فهل سيخرج العمل للنور بشكل جيد؟ أنا لا اعتقد ذلك وارفض ان يكون التركيز في العمل على النجم أو النجمة بمفردها، لأن ذلك سيكون له تأثير سلبي على العمل بشكل عام الذي ستكون عناصره الأخرى ضعيفة.. وقد تعودت ان تكون أعمالي على مستوى جيد.

> سيطرة أفلام الكوميديا على السينما المصرية هل أفقدت نجومها الكبار مراكزهم وتواجدهم من خلالها؟

ـ أنا لست بعيدة بمفردي عن السينما، فهناك ثلاثة أجيال يجلسون في بيوتهم بدون عمل سينمائي ومن الصعب التواجد فى ظل هذه «المعمعة».. لست ضد النجوم الشباب الذين يقدمون أفلاما كوميدية.. فهذا شيء طبيعي ان ينفردوا وينجحوا ويستمروا، ولكن الشيء غير الطبيعي ألا يكون بجانب هذه النوعية من الأفلام، نوعيات أخرى لكبار النجوم والمؤلفين والمخرجين، لأنه ليس من المعقول ان يكون هناك جيل يعمل في السينما حاليا وثلاثة أجيال أخرى نائمة في بيوتها.

> هناك فيلم على طريقة الديجتال قدمته رغدة مع خيري بشارة باسم «ليلة في العمر» وانتهى تصويره منذ أكثر من عام فلماذا لم يعرض سينمائيا حتى الآن؟

ـ لقد خضنا التجربة على أمل ان يتم نقلها وتعرض سينمائيا، وهذه التجربة ليست مكلفة، لكنها تحتاج لفنانين متحمسين جدا لمثل هذا العمل، وشاركني بطولة الفيلم طارق التلمساني مدير التصوير الشهير الذي برع مؤخرا كممثل.

> ماذا عن آخر اعمالك الفنية؟

ـ هناك عمل مسرحي كبير اعود به لمسرح الدولة اسمه «حكايا لم تروها شهرزاد»، وتجري في الوقت الحالي عروضه على مسرح الجمهورية، بمشاركة احمد صلاح السعدني، اقوم فيه بدور شهرزاد. المسرحية من تأليف علاء عبد العزيز سليمان ومن إخراج حسام الشاذلي.